المطار مرة أخرى يا سيادة الرئيس

كتبت فى الأسبوع الماضى للرئيس محمد مرسى عن مأساة مطار القاهرة، وأكتب اليوم أيضا، وسأظل أكتب حتى ينصلح حال المطار الذى هو بوابة مصر الأولى ثم ينصلح حال مصر كلها، عدت أول أيام رمضان إلى القاهرة على طائرة مصر للطيران القادمة من الدار البيضاء التى وصلت فى التاسعة مساء، ما إن وصلت إلى منفذ الجوازات حتى وجدت طوابير طويلة مكدسة على جهة واحدة بينما الجهة الأخرى من منافذ الجوازات فارغة ومغلقة، النساء على الرجال على الأطفال، والكبار على الصغار، والمنظر كان مزرياً للغاية، وكالعادة كان هناك عشرات من الفلسطينيين ينتظرون أن يمنّ عليهم ضباط أمن الدولة ويسمحوا لهم بالدخول، ما إن رآنى بعضهم حتى جاءوا وتحلقوا حولى، وقال أحدهم: هل ترى ما نحن فيه من مهانة؟ فى مصر وفى رمضان ونحن نجلس على هذه الكراسى منذ ساعات ننتظر أن يسمحوا لنا بالدخول، هل هذه هى مصر الثورة؟ هل هذه هى مصر التى يحكمها رئيس من الإخوان المسلمين؟ لم أجد ما أقوله سوى بعض الكلمات التى تطالب بالصبر، الملاحظة التى لفتت نظرى هى الجرأة التى كان يتحلى بها هؤلاء وهم يحتجون على احتجازهم ساعات مطولة، والتى لم تكن موجودة من قبل. ما إن أنهيت فوضى ختم الجوازات حتى وجدت فوضى عارمة فى صالة استلام الحقائب، لا توجد عربات صغيرة لحمل الحقائب، ولا يوجد عمال، جاء شاب مصرى يصرخ على أمين شرطة وقال له: حرام عليكم! منذ ثلث ساعة وأنا أبحث عن عربة أحمل عليها حقائبى، شاب آخر سلم علىّ وقال: أنا مصرى أقيم فى ألمانيا وقد قرأت مقالك الأسبوع الماضى عن المطار، واعتقدت أنى سأجد المطار أفضل من ذلك، لكنى مصدوم لهذه الفوضى وأشعر بالأسف أن هذا مطار بلادى، شخص آخر ليس مصريا كان يصرخ غاضبا ويقول: «هذا ليس مطارا دوليا، هذه فوضى، هذه مهزلة». وقفت حائرا لا أعرف ماذا أفعل؟ وجدت ضباط الجمارك أمامى وأنا أدور فى الصالة أبحث عن عامل أو عربة لحمل الأمتعة، سلمت عليهم وهنأتهم برمضان وقلت لهم: أين اختفت العربات وأين العمال؟ قال لى أحدهم: للأسف هذه مسئولية إدارة الميناء وهم لا يتابعون العمال ولا يقومون بعملهم على الوجه الأكمل وكأنهم يتعمدون صناعة فوضى فى المطار، ثم همس أحدهم فى أذنى قائلا: «رجال أحمد شفيق يتحكمون فى المطار ويتعمدون إشاعة الفوضى وتشويه صورة مصر، كما ترى، حتى يسب الناس فى مرسى والإخوان»، حاولت الخروج لإحضار عربة حمل حقائب من الخارج فمنعنى أمين الشرطة، وقال إن خرجت لا تدخل، عدت إلى الداخل مرة أخرى لكن مسافرين آخرين كانوا يشتبكون مع رجال الشرطة والكل كان غاضبا وكانت حالة الفوضى عارمة، بينما سمعت راكبا يقول للآخر: «خلى محمد مرسى بقى يحل المشاكل دى، منذ شهر ولا يعرف كيف يشكل حكومة، فماذا سيفعل فى المطار الذى هو واجهة مصر؟». قلت فى نفسى سؤال وجيه، ليت الرئيس يجيب عليه، فى هذه الأثناء جاء شخص يرتدى بدلة أنيقة وقال لى: كل سنة وأنت طيب يا أحمد بك حمدا لله على السلامة، قلت له: وأنت طيب يا افندم؟ قال: هل أبلغت سعادة الوكيل محمد بقدومك؟ شرد ذهنى للحظات ثم قلت له: أى وكيل؟ وأى محمد؟ قال: أما تذكرنى؟ قلت له: سامحنى، لا أذكرك: قال هل نسيت أنك كنت تسافر وتعود من خلال مكتب أمن الدولة فى المطار طوال السنوات الماضية، قلت له: نعم.. نعم.. إذن أنت أحد ضباط أمن الدولة فى المطار؟ صحيح.. صحيح.. أنت الآن أجبتنى على سر هذه الفوضى العارمة فى المطار، إن النظام لم يتغير وأنتم ضباط أمن الدولة كما أنتم، وبالتالى سيبقى المطار كما هو حتى يتغير النظام.

Total
0
Shares
السابق

وصية جوليان أسانج

التالي

التجربة التونسية فى الأمن والمرور

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share