ماذا بعد تعيين رئيس الحكومة؟

بعد مضى ما يقرب من شهر على تولى الرئيس المصرى محمد مرسى رئاسة البلاد، أعلن أمس عن تكليف الدكتور هشام قنديل، وزير الرى، بتشكيل الحكومة الجديدة، ورغم أن الخطوة مفاجأة من نواحٍ كثيرة، فإن الجهود والنجاحات التى بذلها قنديل خلال الأشهر الماضية فى ملف النيل والرى فى مصر جديرة بتسليط الضوء على تلك الشخصية، وتجعلنا نشعر بالطمأنينة المبدئية للاختيار، كما أنها خرجت بنا من إطار رؤساء الحكومات الذين عادة ما يكونون فى العقد السابع أو الثامن من العمر إلى رئيس حكومة يمكن أن يكون محسوباً على الشباب، كما أنها تظهر أن مرسى فى اختياره حاول البحث عن شخصية حققت نجاحات فى مجالها وليست بعيدة فى نفس الوقت عن كواليس السلطة التى هى جديدة حتى على الرئيس مرسى الذى لم يعين من طاقم مكتبه الرئاسى حتى الآن سوى مستشار الرئيس للشئون القانونية والدولية، الدكتور محمد فؤاد جادالله، هذا فى الوقت الذى عادة ما يعلن فيه الرؤساء عن تشكيلات إداراتهم وحكوماتهم خلال أيام من توليهم السلطة، وهذا يعنى أن الرئيس مرسى فى مأزق كبير وهو صعوبة اختيار من يديرون شئون البلاد فى المرحلة القادمة، حيث أكد لى كل من لقيتهم من المسئولين فى العالم أن المهمة الصعبة هى اختيار الفريق الذى يدير الدولة. هناك انتقادات للرئيس بأنه قد غرق فى الاحتفالات والمقابلات والمؤتمرات، وهذه أمور يفرضها المنصب، لكن الأهم منها هو الدفع بعجلة الاستقرار فى مصر بشكل سريع، عبر اكتمال تشكيل الحكومة، ثم الدعوة للانتخابات المحلية، ثم ما يليها من خطوات الاستقرار الأخرى، فالمؤتمرات الخارجية والمقابلات الرسمية والاحتفالات هناك همّ أكبر منها هو استقرار البلاد، أما أن يدور الرئيس فى عجلة الدولة ويدخل فى دوامة العمل اليومى ويتأخر فى إنجاز الخطوات الرئيسية للاستقرار فهذا هو الخطأ الأكبر فى هذه المرحلة، من المعروف أن كل الذين يعملون خارج دائرة صنع القرار فى أى مكان فى العالم من السهل عليهم أن ينتقدوا ويطرحوا المشروعات الإصلاحية، لكنهم بمجرد أن يوضعوا فى سدة الحكم تضيع منهم البوصلة، ويفقدون القدرة على تحريك الأمور ويدورون فى عجلة الدولة وماكينة العمل اليومى المضنية، وهذا ما نراه الآن من الرئيس، لا وجود الآن فى أى مكان لهيبة الدولة، وهيبة الدولة لن تعود إلا بحكومة جديدة ننتظر اكتمال تشكيلها، الأمور الشكلية التى يتمسك الرئيس مرسى بها قد تكون مقبولة فى الأيام الأولى، مثل إصراره على الإقامة فى شقته المستأجرة فى التجمع الخامس، وهو أمر فى تصورى غير مبرر ويلقى على حراسته بعبء كبير، كما أنه يستنفد الوقت والمال فى الذهاب والمجىء، ولو سكن فى أحد المساكن المهيأة القريبة من القصر أو داخله فلن يزيده الأمر شيئاً أو ينتقص منه، لكن على الأقل سيوفر ساعتين من الوقت فى العمل بدلاً من الطريق، كما أن صلاة الرئيس للفجر فى المسجد أو زيارته لقريته أو أقاربه أو غير ذلك، أمور قد يسر الناس بها فى الأيام الأولى، لكن بعد ذلك ليس لها قيمة عند الناس، فهذه تتعلق بعلاقة مرسى مع ربه، والشعب يريد مصالحه، والرئيس جاء لخدمة الشعب وتحقيق مصالحه. الكل يتحدث عن الفراغ الأمنى فى الشوارع وعن فوضى المرور وعن السلوكيات المذرية فى المطار، وعن الإضرابات التى أصبحت سمة عامة فى معظم المصانع والأماكن، وهذه هى التحديات الرئيسية التى تقف أمام الحكومة الجديدة فى هذه المرحلة، إن كل يوم يمر دون سرعة الإعلان عن التشكيل الحكومى وامتصاص غضب الناس يعنى أن مصر ستدخل فى دوامة، وتعنى أن الرئيس، كما يقول كثيرون، سيحكم دون أن تكون له سلطة، كل يوم يتأخر فيه إصدار الإعلان الدستورى المكمل الذى يرد التشريع للرئاسة هو مجال للشائعات وتفكيك المجتمع وتهييج الناس، وإفشال مشروع النهضة، يجب على الرئيس مرسى أن يترك كل ما فى يديه ويجلس يستجمع طاقته ليخرج على الشعب بالتشكيل الحكومى مكتملاً فى أقرب وقت، وإلا إذا كان قد قضى شهراً فى اختيار رئيس الحكومة، فكم شهراً هو بحاجة إليه حتى يختار باقى الأعضاء؟

Total
0
Shares
السابق

التجربة التونسية فى الأمن والمرور

التالي
عبد الإله بنكيران

عبد الإله بنكيران (1) : فلسفته فى مواجهة الفساد..وحقيقة ممتلكاته

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share