صناعة الكراهية للفلسطينيين

قامت استراتيجية أفشل وزير دفاع فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية دونالد رامسفيلد على الكذب ثم الكذب ثم الكذب حتى يصدقك الناس، حتى أن رامسفيلد أنشأ وحدة سرية خاصة داخل وزارة الدفاع الأمريكية أطلق عليها «وحدة بث الأكاذيب» كان دورها هو أن تروج للأكاذيب دون أى سند أو مصدر عبر صحفيين معروفين يدفع لهم، وكان الرجل يكذب بالسليقة، ومن يتابع مؤتمراته الصحفية وعينيه الزائغتين وأداءه الكذوب كان يرى الرجل يكذب فى كل أقواله وحركاته وسكناته فى التو واللحظة أى أنه كان يكذب بتلقائية. وصناعة أجهزة للكذب وبث الإشاعات والأكاذيب أمر طبيعى لدى الأنظمة الفاسدة حيث تؤسس وحدات للكذب ونشر الإشاعات، وعادة ما ترتبط هذه الوحدات بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية وتستخدم الشائعات والأكاذيب لجس النبض أو تشويه بعض الشخصيات العامة المعارضة للأنظمة، أو حتى للترويج للزعيم أو الرئيس ببث الشائعات ذات القدرات الخارقة المخيفة له عند الناس، لكن ما يحدث فى مصر الآن على العكس تماما مما كان يحدث من قبل، فالشائعات توجه ضد الرئيس ومن حوله، من هذه المصادر، يشارك فيها الأجهزة والإعلاميون والصحفيون ومواقع الإنترنت ومعلقو برامج «التوك شو» ومقدموها حتى من التليفزيون الرسمى الذى من المفترض أنه يخدم الرئيس وسياساته لكنه يفعل العكس، ومن يتابع المشهد بعد الحادث المفجع فى سيناء يستطيع أن يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن نظام مبارك لم يسقط وكذلك رجاله لاسيما الطابور الخامس من الإعلاميين والمرتزقة، كلهم تناسوا العدو اللدود والأبدى والتاريخى لمصر والعرب (إسرائيل)، المستفيد الوحيد والأساسى من الحادث، وشنوا حروبهم على الشعب الفلسطينى الذى يعيش تحت الحصار ويواجه إسرائيل منذ ستين عاما وصنعوا منه العدو اللدود للشعب المصرى حتى قبل أن يتم كشف المجرمين الذين قاموا بالعملية، وهذا يؤكد أن كافة أركان الدولة العميقة ما زالت قائمة وأن عملية تفكيكها لن تكون سهلة على الإطلاق، وأن أكبر سلاح تستخدمه الدولة العميقة والنظام الذى لم يسقط فى هذا الحادث هو سلاح الإشاعة وصناعة الأكاذيب والكراهية للفلسطينيين، وقد التفت النظام القديم إلى النجاح الذى حققته الثورة من خلال المواقع الاجتماعية وشبكة الإنترنت فأصبح يستخدم هذه الشبكات بكثافة عبر فرق مدربة تقوم ببث الإشاعة وصناعة الأكذوبة أولاً على مواقع التواصل الاجتماعى حيث تنتشر كالنار فى الهشيم ثم يقومون بعمل التعليقات عليها والترويج بكل الوسائل وإرسال الرسائل القصيرة للفضائيات، والتعليق على كتاب الأعمدة والمقالات المختلفة على المواقع الإخبارية بما يخدم أغراضهم بحيث يسبون الكتاب الذين لا يتوافقون مع مخططاتهم ويمتدحون بقوة رجالهم، ثم يقومون بتسريب أفكارهم عبر مقدمى البرامج الذين يعملون لحسابهم فتجد فى آن واحد عدة برامج تناقش موضوعا واحدا وعددا من المعلقين يقولون كلاما واحدا، يعزف معهم على نفس الوتر عدد من كتاب الأعمدة يكتبون فى موضوع واحد، وكأن المصادفة البحته قد أوحت لهم جميعا أن يكتبوا فى هذا الموضوع أو يناقشوه فى برامجهم، بل إنهم يتجاوزون هذا إلى اختراع موضوعات لا وجود لها مثل حديث الفتنة الطائفية الأخير وتهجير الأقباط وكأننا فى رواندا، ، كذلك حينما أعلن بطل موقعة الجمل المرشح السابق للرئاسة أحمد شفيق أن الإخوان المسلمين سيقومون بتأجير قناة السويس أو بيعها ألغى الناس عقولهم وانتشرت الشائعة كالنار فى الهشيم وأجريت البرامج والحوارات وانتشرت النقاشات وارتفعت حدة المواجهات على قضية مختلقة لا أساس لها، وقد وصلتنى بالأسماء والمعلومات وتواريخ الاجتماعات والمهام تقارير عن هذه الخطط التى يقوم بتنفيذها ما أطلق عليه «اللجنة الإلكترونية» التى شكلت من قيادات الحزب الوطنى المنحل وبعض قيادات التنظيم السرى الطليعى الذى أسسه جمال عبدالناصر بداية الستينات والذى ما زال لرجاله نفوذ فى كثير من نواحى الدولة حتى الآن. إن صناعة العداء بين المصريين والفلسطينيين جزء من مخطط خبيث لصرف الأنظار عن العدو الحقيقى للمصريين وهو إسرائيل الملوثة أيديها بدمائنا منذ عقود، وعلى الشعب المصرى الذى قام بهذه الثورة العظيمة أن يدرك الحقيقة وأن يعرف أن إسرائيل هى العدو الحقيقى وليس الشعب الفلسطينى؟

Total
0
Shares
السابق

هجوم سيناء وتخاريف الجنرال

التالي

مسلمو بورما المنسيون

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share