خطاب الوداع لأردوغان (1)


رغم أنى لا أحب المؤتمرات والخطابات المطولة لكنى حرصت على حضور المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا يوم الأحد الماضى 30 سبتمبر وجلست ما يقرب من ثلاث ساعات أستمع لأطول وأبلغ خطاب فى حياتى رغم أنه كان باللغة التركية وأستمعه مترجما أى ليس بالدفقة العاطفية أو الدقة البلاغية التى فى اللغة الأصلية، غير أن الدموع التى رأيتها تنهمر من دموع الأتراك الذين قدر عددهم بأكثر من أربعين ألفا الذين ملأوا الصالة المغطاة لملعب أرينا لكرة السلة والساحات الخارجية حينما بدأ رجب الطيب أردوغان رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم يلقى خطابه وسعى المترجم أن يلاحقه وينقل عمق ما يقوله، جعلنى أشعر بدفء المشاعر التى ربما لم تنقلها الترجمة، أردوغان أعلن أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى لرئاسة الحزب حتى يجدد الحزب دماءه بالشباب الذين كان لهم مع النساء نصيب وافر من الخطاب، دق أردوغان على قلوب الأتراك الذين تغلب على أفكارهم الصوفية الجهادية حينما بدأ خطابه بأبيات من الشعر لشاعر يحبه عامة الشعب يدعى سذائى ويلقب باسم الشاعر المنطوى وكان اختياره لهذا الشاعر الذى لايحبه العلمانيون رسالة لهم فى بداية الخطاب الذى انتقدهم فيه بشدة ومما دونته فى بداية خطابه من شعر سذائى قوله «لا تمد أسرى فى الدنيا.. أخبرنى عن أحوال الطيور فى بلادى.. الحبيب هناك.. عينى تنظر دائما هناك.. إنه القدر هناك.. وفى الأقدار قدر هناك..ومهما فعلوا فالقرار يصدر من السماء هناك. ثم بدأ خطابه فقال: أحمد الله الذى أنعم علينا بهذه الأيام، علمنا الصبر والثبات من أجل الحق ومن أجل الشعب، وعلمنا المحبة، إن هذه القاعة وخارجها تضم كل تركيا بمناطقها السبع ومحافظاتها الـ 81 وسكانها الـ75 مليونا، هذه القاعة تحوى الأخوة والصداقة والمحبة، إن قلب العالم ينبض ويدق فى هذه القاعة، أنا الآن أحيى تركيا كلها من خلال الموجودين فى هذه القاعة.. «كان أردوغان يلقى خطابه ارتجاليا بطلاقة دون ورقة بكل كاريزما الزعامة والبديهة والحضور، وإذا تحرك يأخذ ميكروفونا لاسلكيا يخطب فيه وإذا عاد إلى طاولة الإلقاء وضعه وتحدث عبر الميكروفون المثبت دون أن يلاحظ أحد شيئا، دخل القاعة وهو يرتدى جاكيت وقميصا دون رابطة عنق وحينما بدأ خطابه يزداد سخونة خلع الجاكيت ورفع كم قميصه وبدأ يتحرك بتلقائية مدربة على المسرح ويستخدم لغة الجسد ونبرات الصوت ودرجاته فى الأداء فكان يلهب القاعة بين جملة وأخرى. أخذ يعدد محافظات تركيا ومدنها وبعض قراها ثم ركز على جنوب شرق تركيا حيث ينشط حزب العمال الكردستانى بعملياته التى تستهدف الجيش التركى وسكان المنطقة فمنحهم تحية خاصة، ثم ختم الحديث عن المدن بتحية بليغة للشعب فقال «أحيى الشعب الذى يتنفس ويعيش ويحيا على أرض هذا الوطن العزيز أرسل تحياتى من هنا إلى أبعد القرى فى تركيا» ثم انتقل للدول العربية والإسلامية فعدد كثيرا من البلاد والعواصم ثم أرسل تحية خاصة إلى فلسطين، أما سوريا فقد وقف عند شعبها الصابر وحيا مدنها من درعا إلى حلب، ثم انتقل فى رشاقة إلى الداخل مرة أخرى وإلى حزبه حيث أعطى تحية خاصة للمنظمة النسائية فى حزب العدالة والتنمية وقال إن عضواتها جبن بيوت تركيا كلها بمدنها وقراها وغطين 780 ألف كيلو متر مربع هى مساحة تركيا، حيث لبين حاجة المعوزين من الفقراء والمساكين فأطعمن الجائع وكسين العارى، ثم انتقل إلى الشباب فحياهم فردوا التحية من المدرجات بالهتافات والأهازيج ثم قال لهم «حينما سلكت هذا الطريق اعتمدت عليكم أيها الشباب، إننا فى هذا اليوم نفخر ونعتز بكم»، ثم حيا الشهداء وأمهات الشهداء، ثم تحدث بتواضع عن الانتخابات الأولى التى خاضها حزب العدالة والتنمية قبل عشر سنوات وحقق فيها نسبة 34% ثم الانتخابات الأخيرة التى حقق فيها نسبة 43% وقال إن فوز العدالة والتنمية كان فوزا لكل الأتراك ثم فجر أردوغان قنبلته التى لم يجرؤ رئيس وزراء سابق أن يتحدث فيها. نكمل غدا.

Total
0
Shares
السابق

شذوذ القذافي

التالي

خطاب الوداع لأردوغان (2)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share