شذوذ القذافي

حينما صدر كتاب «الطرائد» للصحفية الفرنسية أتيك كوجان وقرأت عرضا له قبل أيام ، أعاد إلى ذهني بعض ما دونته وجمعته من شهود عيان خلال زياراتي المتكررة إلى ليبيا بعد سقوط القذافي ونظامه، حيث كنت أعتبر بعض ما أسمعه وأدونه دربا من دروب الخيال والجنون، لشخصية تجمع كل ما في الدنيا من قبح وندالة وابتذال وشذوذ، وسأروي هنا بعض وليس كل ما رأيته ونقله لي شهود عيان مع بعض الروايات المتواترة، لأن هناك أشياء من الصعب أن تروى من فظاعتها حتى أني كنت أقول في بعض الأحيان لمن يخبرني «يكفي لم أعد أحتمل»، وتأكيدا لما ورد في كتاب «الطرائد» فحينما ذهبت لزيارة الجامعة استقبلني مديرها وهو الذي قاد تحريرها مع بعض الطلاب وكان أستاذا في كلية الطب، وبعد ما روى لي جانبا من تاريخ نضالهم داخل الجامعة، أخذني إلى المدرج الرئيسي وقال: لن ندخل المدرج ولكني سأريك شيئا تحته ، كان هذا الشيء هو استراحة بناها القذافي داخل الجامعة، وربما يتساءل الكثيرون ما حاجة الرئيس لبناء استراحة داخل الجامعة ؟ لكن هذه الاستراحة لم تكن سوى أحد أشكال الشذوذ لدى الرجل الذي كان يتردد على الجامعة لاصطياد الطالبات، وقد رتب له زبانيته كاميرات داخل ممرات الجامعة وأركانها يستطيع من خلالها أن يرى من يشاء علاوة على اختياراته التي كانت تتم من خلال زياراته المتكررة للجامعة، لكن الصدمة لم تكن هنا ولكن الصدمة كانت حينما وجدت بجوار غرفة نومه في الاستراحة غرفة عمليات نسائية كاملة التجهيز، ولأن مدير الجامعة كان أستاذا في كلية الطب فقد قال لي: لقد صدمنا حينما اكتشفنا وجود هذه الغرفة علما بأن كلية الطب ومستشفاها لا تبعد إلا بعض مئات من الأمتار عن هذا المكان، ولما سعينا للتحقق وجدنا أنه كان بعد اعتدائه على الطالبات إذا حملت إحداهن أو تخوفت من الفضيحة كانوا يجرون لها عملية إجهاض أو غيرها داخل هذه الغرفة بعيدا عن المستشفيات العامة وفي سرية تامة، سألت رئيس الجامعة إن كان يمانع في أن أخبر الزملاء في مكتب الجزيرة لكي يقوموا بتصوير هذا وبثه فلم يمانع وقام الزملاء بتصوير الاستراحة والغرفة وبث تقرير عن الموضوع، وأبلغني رئيس الجامعة أيضا أن مسجل الجامعة لم يكن سوى قوادا للقذافي وأبنائه حيث كان يقوم بعرض صور الفتيات الجميلات عليهم ثم يقوموا باستدراج الفتيات بالتهديد والوعيد ويعتدوا عليهن، وكم من عائلات هربت بفتياتها من البلاد بعدما استهدفهم القذافي وزبانيته حفاظا على أعراضهم، وقد وجدوا في مكتبه بعد سقوط النظام عشرات الصور للطالبات مع أ رقام هواتفهن، أما الذين كانوا يعملون مع القذافي وحوله فقد أخبرني أحد المحققين الذين يقومون بالتحقيق مع هؤلاء أن بعضهم كان كل دوره هو جلب الفتيات من أرجاء الدنيا عبر القوادين والقوادات وكان القذافي ينفق عشرات الملايين من الدولارات على هذه الملذات التي كان يمارس من خلالها كل أنواع الشذوذ، وحتى يمرغ أنف بعض من يعملون حوله كان يعتدي على زوجاتهم وبناتهم حتى يكسر رجولتهم ويجعلهم أذلاء حوله لا يستطيع أي منهم أن يرفع عينه وهو يتحدث إليه.

في كتابها «الطرائد» تروي أتيك كوجان قصة ثريا الفتاة التي لم تتجاوز الخمسة عشر عاما والتي كانت طالبة في المدرسة أعجب القذافي بها حينما تقدمت لتقدم له باقة من الزهور حينما كان يقوم بزيارة مدرستها فأشار لزبانيته أنه يريدها ولم تكن تدري وهي تقول له «بابا معمر»أنها سوف تنتقل من حياة أحلام الفتيات إلى الجحيم، أخذوها من بين أهلها وهي غضة لم تعرف الحياة بعد ليقوم الندل الخسيس باغتصابها وانتهاك روحها وضمها إلى عشرات أو مئات مثلها ممن قام باغتصابهن وتدمير أرواحهن وحياتهن كما قام بتدمير حياة وأرواح شعب كامل معتقدا أنه بعيد عن القصاص، فكانت نهايته عبرة لكل من كان له قلب، لكن جراح ثريا ومئات ربما آلاف مثلها ممن سرق القذافي منهن الطفولة والبراءة ستظل دليل إدانة لوحشية وشذوذ هذا الطاغية.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

شذوذ القذافى

التالي

خطاب الوداع لأردوغان (1)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share