الشرق الأوسط الجديد 3

حينما سألت وزير الخارجية التركى عن معالم الشرق الأوسط الجديد الذى تسعى مصر وتركيا لإعادة بنائه وتشكيله من جديد، الذى من المقرر أن يتم الإعلان عن ولادته فى القاهرة فى العشرين من أكتوبر القادم على يد الرئيس المصرى محمد مرسى، ورئيس الحكومة التركية رجب الطيب أردوغان، قال داوود أوغلو: «إن منطقة الشرق الأوسط هى الأغنى عالمياً فى المصادر الطبيعية، وهى الأكثر تجذراً فى التاريخ، كما أن التراكم التاريخى للإنسانية معظمه فى منطقة الشرق الأوسط، أما السكان الأكثر ديناميكية والأصغر سناً فى العالم فإنهم يوجدون فى منطقة الشرق الأوسط، وهذا يدفعنا لسؤال هام وهو: مع هذه الإمكانات الهائلة لماذا لا توجد دولة من دول الشرق الأوسط فى مصاف الدول العشر الأفضل اقتصادياً فى العالم؟ ولماذا لا توجد دولة من دول المنطقة من بين الدول العشرين الأفضل اقتصادياً فى العالم عدا تركيا؟ إننا باختصار نريد أن نحول المنطقة كلها تركيا ومصر وسوريا والعراق والسعودية وإيران ودول الربيع العربى وشمال أفريقيا إلى منطقة رفاه اقتصادى، وبالنسبة للوضع الحالى فإننا نعتبر مصر فى يومنا هذا هى الدولة الأكثر أهمية فى المنطقة، وأقول بوضوح تام إن مستقبل تركيا مرهون بنجاح مصر كما أن مستقبل مصر مرهون بنجاح تركيا، وقد قال رئيس الوزراء التركى للرئيس المصرى حينما التقاه فى أنقرة على هامش المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية فى 30 سبتمبر الماضى «إن تركيا تضع كل إمكاناتها من أجل إنجاح مصر، وهذه ليست علاقة سيطرة بل علاقة أخوة، لقد كانت علاقات شعوب المنطقة كلها على مدار التاريخ تقوم على الأخوة، وسنبقى أشقاء من الآن فصاعداً». قلت له: هل تركيا ومصر فقط سيصنعان الشرق الأوسط الجديد؟ قال أوغلو: «إن دول المنطقة كلها سوف تشارك فى صناعة الشرق الأوسط الجديد، مصر وتركيا سيكون لهما الدور الأكبر والأقوى لكن جهود كل شعوب المنطقة سوف تتضافر من أجل إنشاء هذه المنطقة الجغرافية والسياسية الجديدة، تعلمون أنه بعد الحرب العالمية الأولى انقسم العالم إلى كتلتين وبدأت المرحلة الأولى من الاستعمار بتفتيت دول المنطقة وخضوعها للاستعمار المباشر، وبعد معاهدة سايكس بيكو تم فصل شعوب المنطقة عن بعضها البعض بحدود مصطنعة، وبعد الحرب العالمية الثانية انتهى عهد الاستعمار المباشر وجاءت أنظمة للحكم لا تعبر عن إرادة الشعوب، وبعد هاتين المرحلتين جاءت ثورات الربيع العربى التى أنتجت إدارات وحكاماً متصالحين مع شعوبهم، لقد كان القرن العشرين هو قرن الاستعمار والأنظمة التى زرعها الاستعمار، أما القرن الحادى والعشرين فهو قرن صناعة الديمقراطية ونهاية الأنظمة السلطوية فى المنطقة، الشعب المصرى استرد دولته من ميدان التحرير، وكذلك فعلت الشعوب العربية الأخرى، إن إرادة الشعوب هى التى ستصنع الأنظمة فى الفترة القادمة، الشرق الأوسط الجديد سيحترم حدود الدول تماماً كما تحترم كل دولة أوروبية حدود الأخرى، لكننا سنزيل العوائق ونفتح الدول بين الشعوب تتنقل كما تشاء، سوف ننشئ ممراً طويلاً من قلب أفريقيا عبر مصر إلى البحر الأسود فى شمال تركيا، ومن مرسين للإسكندرية وبنغازى وتونس والمغرب وبإمكان المواطن أن يمشى ويتنقل بكل حرية، ولن يكون هناك تنافس بل تكامل بين هذه الدول، وسوف نقيم مشروعات زراعية وصناعية مشتركة، لقد حققنا ثورات فى تركيا فى مجال الزراعة والصناعة والتأمين الصحى والمواصلات والاتصالات، وسوف ننقل تجاربنا للآخرين، وعلى كل دولة أن تصنع تجربتها الخاصة بها، مصر يمكنها أن تصنع تجربتها الخاصة بها وتكمل تركيا فى نواقصها وهم يكملوننا فى نواقصنا، لا توجد دولة تملك كل شىء ولا توجد دولة يمكن أن تهيمن على الأخرى، سنحترم حدود بعضنا البعض، ولا يتدخل أى منا فى الشأن الداخلى للآخر، إننا نستطيع أن نعيد المنطقة إلى ما كانت عليه مركز إشعاع حضارى فى الاقتصاد والسياسة الدولية، إننى أعلن أن الشرق الأوسط الجديد سيتم تشكيله فى السنوات الخمس عشرة القادمة.. قلت له: لكنكم الأكثر تقدماً ومن ثم فإن الهيمنة ستكون لكم.. نكمل غداً.

Total
0
Shares
السابق

الشرق الأوسط الجديد (2)

التالي

الشرق الأوسط الجديد 4

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share