الشرق الأوسط الجديد 4

قلت لوزير الخارجية التركى بعدما قال لى: إن الشرق الأوسط الجديد سيتم تشكيله خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة.. إن الهيمنة ستكون لكم باعتباركم الدولة الأكثر تقدماً؟ فنفى نفياً قاطعاً هذا الأمر وقال: انتهى عصر هيمنة دولة على أخرى، إن لكل دولة إمكاناتها وخصوصياتها وسوف نتكامل ولن نتنافس، سوف نتعاون ولن تسيطر دولة على الأخرى، وعلى سبيل المثال فنحن لنا علاقات اقتصادية مع روسيا وكل دول أوروبا ولا نهيمن على أحد ولا يهمين علينا أحد، قلت لأوغلو: كيف تواجه تركيا أزمة اقتصادية مثل باقى الدول وتمول الخزينة المصرية بمليارى دولار؟ قال أوغلو: أؤكد عليك مرة أخرى أن نجاح مصر هو الأهم بالنسبة لنا فى هذه المرحلة، إذا نجحت مصر سوف تنجح تركيا وسوف ينجح العرب جميعاً وسوف يتغير وجه المنطقة وسوف نشكل الشرق الأوسط الجديد، وإذا فشلت مصر -لا قدر الله- فشل الجميع لذلك قررنا أن نضع كل إمكاناتنا من أجل نجاح مصر، الذى هو نجاح لنا، إن مصر هى مركز الحضارة والتاريخ فى المنطقة، والمركز الثانى هو بلاد ما بين الرافدين، والمركز الثالث هو بلاد الشام والأناضول، إن البداية ستكون لمصر وتركيا؛ لأنهما الأقوى وهما ستكونان مثل القاطرة التى ستجر باقى الدول العربية، وبعد الإعلان عن تشكل «المجلس الاستراتيجى الأعلى» بين مصر وتركيا سوف نضم إليه دولاً أخرى وإن كانت رؤيتنا تقوم على تقسيم المنطقة ثم جمع الدول مع بعضها يمكن أن نضم دول مجلس التعاون ودول حوض الرافدين ودول شمال أفريقيا، قلت له: «هذا حلم»، قال: إن الأفكار الكبيرة بدأت كلها كأحلام، والأحلام إذا وجدت الرجال الذين يؤمنون بها تحولت إلى حقائق، لقد كان الاتحاد الأوروبى حلماً بداية الخمسينات من القرن الماضى والآن أصبح حقيقية وأصبح هناك اتحاد بين هذه الدول رغم أنها لا تملك الثقافة أو اللغة أو حتى الديانة المشتركة لكن مقومات الأتحاد بين دول المنطقة وصناعة الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية والمنظور الذى طرحناه أفضل بكثير من المقومات التى لدى الاتحاد الأوروبى، قلت لداود أوغلو: هل توجهكم نحو مصر ودول المنطقة والسعى لصناعة وبناء الشرق الأوسط الجديد يعنى أنكم وليتم ظهركم نحو أوروبا لا سيما أن رئيس الوزراء أردوغان لم يتطرق إلى أوروبا فى خطابه المطول الذى ألقاه فى المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية؟ قال: إن أوروبا مصابة بنقص حاد فى الرؤية الاستراتيجية مما يقف عائقاً أمام مسيرة الاندماج التركى معها، لقد كنا قبل عشر سنوات أكثر رغبة فى الاندماج مع أوروبا، ذلك أننا كنا نعتقد أن القادة الأوروبيين يدركون القيمة الاستراتيجية العالية لتركيا، لكننا للأسف فوجئنا بتعصب ثقافى أعمى من الغرب، ووصفنا بالآخر، وتكوين الأفكار المسبقة والأكليشات الجاهزة عنا، وكذلك التخويف منا مثلما حدث فى الانتخابات الفرنسية وانتخابات بعض الدول الأوروبية الأخرى، مما أدى إلى بطء مسيرة اندماجنا فى الاتحاد الأوروبى، كما أن الاتحاد الأوروبى اتخذ مواقف أحادية الطرف فى المسألة القبرصية، على الرغم من أن قبرص التركية قبلت بخطة الأمم المتحدة وفوجئنا بعزل الطرف التركى والقبول بقبرص اليونانية عضواً فى الاتحاد الأوروبى رغم رفضه لخطة أنان، ومع ظهور الأزمة الاقتصادية وجدنا أن أوروبا بدأت تتقوقع على نفسها فى الوقت الحالى، سنبقى راغبين فى الدخول للاتحاد الأوروبى لأننا جزء من تاريخ أوروبا، لا يمكن كتابة تاريخ أى من الدول الأوروبية دون العودة للأرشيف العثمانى، وكذلك دول الشرق الأوسط لا يمكن كتابة تاريخ أى دولة منه دون العودة للأرشيف العثمانى، لقد كنا جزءاً من تاريخ الشرق الأوسط وأوروبا والقوقاز ووسط آسيا، لكننا نسعى الآن مع مصر ودول المنطقة لبناء الشرق الأوسط الجديد الذى يخدم دول وشعوب المنطقة وطموحاتها ومستقبلها، ويصنع قوة جديدة فى عالم متعدد الأقطاب، إن من حق شعوب المنطقة أن تصنع تاريخها كما صنعت ثوراتها وستكون الخطوة الأولى بين مصر وتركيا، أنهى داود أوغلو حديث عن حلم الشرق الأوسط الجديد، فهل سيضح مرسى وأردوغان اللبنة الأولى له حتى يتحول إلى حقيقة؟

Total
0
Shares
السابق

الشرق الأوسط الجديد 3

التالي

تكريم الفريق سعد الدين الشاذلى

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share