تكريم الفريق سعد الدين الشاذلى

يعتبر الفريق سعد الدين الشاذلى من أبرز الشخصيات العسكرية المصرية فى القرن العشرين، فهو الذى أسس سلاح المظلات فى الجيش المصرى، كما عمل على إعادة بناء الشخصية العسكرية المصرية بعد هزيمة عام 1967، وهو الذى وضع الخطة الأساسية لحرب أكتوبر، تعرفت على الفريق سعد الدين الشاذلى عام 1998 حيث أدرجته من أوائل الشخصيات التى سجلت معها برنامج «شاهد على العصر» وأحمد الله أن اسمى اقترن بهذه الشخصية العظيمة من خلال تسجيل سيرته، وأذكر أنى حينما اتصلت عليه كان مغضوباً عليه من حسنى مبارك رغم أنه كان قائد مبارك فى حرب أكتوبر، لكن النفسية السوداوية لمبارك جعلته يحاكم الشاذلى بتهمة إفشاء الأسرار العسكرية فى كتابه الذى أصدره حينما اختلف مع السادات عن حرب أكتوبر، وقرر الشاذلى أن يعود إلى مصر رغم الحكم الصادر عليه، وأخذ من المطار إلى السجن وأرسل له مبارك رسالة مفادها أنه لو طلب العفو من مبارك فسوف يعفو عنه، لكن الشاذلى رفض أن يتقدم بهذا الطلب وفضل السجن عليه، وقضى فترة السجن وخرج شامخاً حيث كان يستبعد من كافة الاحتفالات بنصر أكتوبر رغم أنه أحد صانعى النصر ورجاله المميزين.

نشأت بينى وبين الفريق الشاذلى علاقة إنسانية بقيت حتى وفاته رحمه الله، ومما يذكر لهذا الرجل الذى تميز بالرجولة والشهامة والإباء، أنه ظل يقيم فى شقته فى شارع بيروت التى سكنها منذ كان ضابطاً صغيراً وحتى وفاته ولنا أن نقارن بين هذه الشخصيات العظيمة والجنرالات الذين جاءوا من بعد وبنوا القصور وحصلوا على أراضى الدولة وأثروا ثراء فاحشاً وهم لم يتركوا أثراً يذكر فى بناء العسكرية المصرية، حينما سجلت معه شهادته على العصر أهديته درعاً تذكارية من قناة «الجزيرة» لأننا لا نمنح شهود العصر أى مبالغ مالية وكانت الدرع مذهبة، اتصل بى صباح اليوم التالى وقال لى: أريدك أن تأتى فوراً، فذهبت إليه فوجدته قد أعاد الدرع فى لفافتها وقال لى: كيف تقدم لى هدية من الذهب؟ أنا أرفض هذا؟ قلت له: إنها درع تذكارية تحمل شعار قناة «الجزيرة» وقيمته بسيطة للغاية، قال: لا.. لن آخذها لأنى عرفت أنها غالية الثمن، فأكدت له: أن قيمتها لا تزيد على مائة وخمسين دولاراً فقال: أنا لا أقبل هدايا من أحد لكنى قبلتها لأن عليه شعار قناة «الجزيرة»، وكلنا نعتز بها كنافذة عربية للحرية، ورغم أن علاقاتى الإنسانية محدودة بكثير من الشخصيات التى سجلت معها فإن الفريق الشاذلى من الشخصيات التى احتفظت بعلاقات ود معها حتى وفاته، فقد كنت أزوره من آن لآخر أو أتصل عليه، وقبيل وفاته اتصلت عليه حتى أقوم بزيارته فأبلغتنى السيدة الفاضلة زوجته أنه مريض وظروفه لا تسمح بالزيارة لكنه تكلم معى وكان صوته ضعيفاً، وبعدما أنهيت المكالمة قررت أن أعيد بث حلقاته التى سجلتها معه فى برنامج «شاهد على العصر» بعدما مر على بثها الأول حوالى عشر سنوات.

وحينما اتصلت عليه قبلها وأخبرته بأننا سنعيد بث شهادته مرة أخرى حتى أبعث البهجة فى نفسه، واعتبرت هذا شيئاً من رد الجميل والاعتبار لهذا الرجل الذى اجتهد وظلم لكن إباءه وكبرياءه منعاه من أن ينحنى وكان واثقاً أن التاريخ سوف ينصفه، بعد بث الحلقات أعددت بعض النسخ المغلفة من شهادته وقلت لعلها تكون فرصة لزيارته وإهدائها إليه لكنى علمت أن ظروفه الصحية لا تسمح بالزيارة فأرسلتها إليه، فاتصل يشكرنى وأبدى امتنانه، وكنت أود أن يأتى يوم يكرم فيه هذا الرجل فى حياته وسعدت بما قام به الرئيس مرسى، وإن كان بعد وفاته، لكنى أعتقد أن الشاذلى يحتاج إلى أكثر من التكريم، إنه يحتاج إلى أن يعرف الشعب المصرى دوره فى إعادة بناء الجندى المصرى بعد هزيمة عام 1967 وكيف أعده لحرب أكتوبر، كما أتمنى أن يعيد وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى ما قام به الشاذلى فى إعادة بناء الجندى المصرى حتى يدخل التاريخ الذى خرج منه كثير من العسكر.

Total
0
Shares
السابق

الشرق الأوسط الجديد 4

التالي

تكريم الفريق سعد الدين الشاذلى

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share