انتخابات الحرية والعدالة 3

«أستأذنكم فى ترشيح نفسى لرئاسة الحزب لفترة أخيرة، «هكذا طالب رئيس حزب «العدالة والتنمية» التركى رجب طيب أردوغان أعضاء المجمع الانتخابى لحزبه فى المؤتمر الرابع للحزب الذى عقد فى العاصمة أنقرة فى الثلاثين من شهر سبتمبر الماضى بأن يسمحوا له بأن يرشح نفسه لرئاسة الحزب للفترة الأخيرة وفق اللوائح الداخلية للحزب التى لا تسمح لقياداته بالوجود فى المناصب الرئيسية فى الحزب أكثر من ثلاث دورات وكذلك فى البرلمان، وهذه الطريقة تختلف كلية عن طريقة حزب «العدالة والتنمية» المغربى الذى لا يتقدم أحد فيه بالترشيح بمن فيهم رئيس الحزب وإنما يرشح المجمع الانتخابى كما أسلفنا من يراه مناسباً لرئاسة الحزب ويتم التنافس بين أعلى المرشحين، والنظام فى «العدالة والتنمية» التركى يشابه النظام فى «الحرية والعدالة» المصرى الذراع السياسية للإخوان المسلمين الذى ستجرى فيه الانتخابات للمرة الأولى فى مؤتمره العام فى التاسع عشر من أكتوبر الجارى حيث يتقدم المرشحون للرئاسة بعد الحصول على تزكية مائة من أعضاء المجمع الانتخابى. أما بالنسبة للعدالة والتنمية التركى، فبعد انتهاء الفعاليات الخطابية، انفض الضيوف وبقى أعضاء المجمع الانتخابى وحدهم لانتخاب رئيس الحزب، ومن الطبيعى ألا يكون هناك منافسون لرئيس الحزب رجب طيب أردوغان الذى فاز بأصوات معظم الحضور، أما أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب والمقدر عددهم بحوالى خمسين عضوا فقد أعد أردوغان قائمة تضم عشرين عضوا جديدا دخلوا وخرج عشرون آخرون، وكان من أبرز الذين دخلوا نعمان كورتولموش رئيس حزب صوت الشعب الذى حل حزبه وانضم لحزب العدالة والتنمية وسط تحليلات تشير إلى أن أردوغان يعده لخلافته حينما يرشح نفسه لرئاسة الدولة فى عام 2014، وقد زادت هذه التكهنات بعد اختيار أردوغان لكورتولموش قبل أيام ليكون نائبه للشئون الاقتصادية فى رئاسة الحزب، وهنا تبدو سطوة الزعيم فى الثقافة التركية، فالمغاربة كانت لديهم حرية نقد رئيس حزبهم السابق واللاحق، أما الأتراك فمن الذى يجرؤ على أن ينتقد أردوغان علناً؟ لذلك فإن هناك تكهنات بأن الحزب قد يتعرض لانتكاسة إذا ترك أردوغان قيادته حيث إن قدرته فى الزعامة تجعله يجمع الشخصيات المتناقضة تحت قيادته ورغم اعتراض كثير من هؤلاء على قراره بأن يترك المناصب القيادية كل من تولاها ثلاث دورات وأملهم بأن يغير أردوغان قراره، لكن أردوغان يصر على قراره مؤكدا أن الهدف هو تجديد الدماء داخل الحزب، وأخبرنى بعض المطلعين على الأمور أن كثيرا من هؤلاء يأملون بأن يتولى عبدالله جول قيادة الحزب بعدما تنتهى فترة رئاسته للدولة، فيما يصبح أردوغان حسب الترتيبات رئيس الدولة ويقوم جول بإلغاء هذا القرار ويترك القيادات التاريخية تواصل تزعمها لمناصبها ومكانتها فى البرلمان لكن تبقى هذه آمالاً فى ظل أن أردوغان لن يتخلى عن الزعامة وبريقها فى ظل أى منصب، الثقافة التركية قائمة على إضفاء هالة من الاحترام والإجلال والتقدير للزعماء السياسيين كانت واضحة فى عصر سلاطين آل عثمان وتم توارثها وقد شاهدت كيف كان أتباع نجم الدين أربكان الأب الروحى للحركة الإسلامية الحديثة فى تركيا يتعاملون معه، فالكل حتى بعد وفاة أربكان لا يتحدثون عنه إلا بإجلال وتقدير حتى تلامذته الذين خرجوا عليه مثل أردوغان وعبدالله جل وداود أوغلو وغيرهم، فالأستاذ عندهم لا تعنى إلا نجم الدين أربكان، وما زلت أذكر حينما أجريت مع أربكان حوارى التليفزيونى الأول فى عام 1999 كيف كانوا ينظرون إلىّ حينما كنت أقاطع الأستاذ أو أتعامل معه بندية وكأنى أخرج على نطاق الأدب والتقدير، حتى إن المترجم كان يصمت ولا يجرؤ فى بعض الأحيان على ترجمة ما أقوله حينما كنا نعد للحلقة. نحن الآن أمام تجربتين مختلفتين لطريقة اختيار رئيس الحزب وأعضاء اللجنة التنفيذية إحداهما فى المغرب تقوم على الشفافية المطلقة والمحاسبة والترشيح لا الترشح، والأخرى فى تركيا تقوم على الترشح واختيارات الزعيم ورغباته، ونحن ننتظر تجربة الحرية والعدالة فى مصر ولا ندرى: هل ستكون انتخابات حقيقية أم شكلية؟ وهل ستقرر القيادة وعلى الأعضاء أن ينفذوا أم سيمارسون اختياراتهم وفق ما تمليه ضمائرهم؟

Total
0
Shares
السابق

انتخابات الحرية والعدالة (2)

التالي

مخطط تدمير المنطقة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share