أنواع المعارضة فى مصر

ليس هناك نظام سياسى ديمقراطى أو حتى غير ديمقراطى دون معارضة سياسية، فالله سبحانه وتعالى خلق البشر غير متساوين، ولا يزالون مختلفين، ولذلك خلقهم، ومن هنا فإن النظام البشرى يقوم على التدافع، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى المجموعات البشرية أو على مستوى الدول أو على مستوى الأمم، حتى أنه من الصعب أن نحصى عدد الحروب التى قامت فى العالم على مدار التاريخ التى لم تتوقف ولن تتوقف حتى يرث الله الأرض ومن عليها، كذلك الملك يؤتى لمن يهبه الله له، وينزع ممن يأخذه الله منه، ولنا أن نتأمل الفارق فى المعنى بين يؤتى وينزع، وقد عشنا جميعاً كيف نزع الله ملك مبارك وبن على والقذافى وعلى عبدالله صالح، ورأينا كيف أن أخذه أليم شديد وأنه أمهل هؤلاء جميعاً لكنه لم يهمل أياً منهم، ثم جعل نهايتهم عبرة لمن يعتبر، وقد لعبت المعارضة الشعبية لهؤلاء الحكام دوراً كبيراً فى نزع ملك الله منهم، وفى مصر على سبيل المثال كانت هناك أشكال مختلفة من المعارضة لنظام مبارك، منها معارضة صنعها النظام نفسه لتكون ديكوراً لنظامه الفاسد المستبد منها الأحزاب الرسمية، ومنها صحف كانت تمول وتحرك من داخل النظام، رغم أنها كانت تبدو معارضة للنظام، بينما رؤساء تحريرها أزلام لأجهزة الأمن والمخابرات، ومنها أشكال وأصوات كانت تظهر فى الفضائيات على أنها المعارض القوى للنظام، بينما كانت تتلقى تعليماتها من ضابط صغير فى أمن الدولة، ومنها معارضة حقيقية منظمة ظهرت فى جماعات محظورة مثل جماعة الإخوان المسلمين، وحركات سياسية مثل حركة كفاية، وأحزاب أخرى كان أصحابها يناضلون لسنوات من أجل أن يحصلوا على ترخيص لأحزابهم، لكن السلطة كانت عبر منظومتها ترفض التصريح أو السماح لهم لأن النظام الفاسد فى مصر آنذالك لم يرد أن يعطى أى غطاء للمعارضة الحقيقية فى مصر، وقد تفاعل الشعب مع المعارضة وحركات الشباب، وقامت الثورات فأزالت هذه الأنظمة الفاسدة، لكن بعد الثورة تبدل الحال، وظهرت مجموعات جديدة من المعارضة وأخذت المعارضة الحقيقية مكانها على المسرح السياسى حتى أن جماعة الإخوان المسلمين التى كانت تسمى الجماعة المحظورة حصلت على أكبر عدد من مقاعد مجلس الشعب الذى تم حله بعد ذلك بحكم قضائى، ورغم عدد الأحزاب الثورية الكثيرة التى ظهرت عقب الثورة، إلا أنها لم تحصد إلا القليل من المقاعد لاعتبارات كثيرة، وفى الانتخابات الرئاسية حصل مرشح الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى على ثقة الشعب وأصبح رئيساً للجمهورية، غير أنه منذ أن تم اختياره وتشكيله حكومة يقود بها البلاد للمرحلة القادمة، وحجم وأشكال المعارضة التى تواجهه وتواجه حكومته بحاجة إلى فهم، فهناك معارضة حقيقية وبناءة وهناك معارضة هدامة لن ترضى عن مرسى وحكومته حتى لو حولوا مصر إلى جنة خضراء وإلى أغنى دول العالم، هناك معارضة وطنية ترصد الأخطاء وتصوبها، لاسيما أن مؤسسة الرئاسة مع كثير ممن حول الدكتور مرسى ليس لهم سابق تجربة فى الحكم، شأنهم شأن معظم المعارضة الوطنية الشريفة، من ثم فإن لهم أخطاءهم التى أحياناً تكون فادحة، والتى يمكن أن يقع فيها غيرهم، لاسيما أن الأوضاع فى مصر صعبة فى معظم المجالات، وكثيراً ما تجعل الحليم حيران فى قراءتها وتفسيرها واتخاذ القرار الصائب تجاهها، من ثم فإن تناول هذه الأخطاء من قبل المعارضة يتم بعدة طرق، إما بالندب والعويل والصراخ والتطاول والشتائم، وهذا هو الصوت العالى فى المعارضة المصرية، التى هى إما من بقايا الفلول أو من المغرر بهم أو الذين يتلقون التمويل من الخارج، وإما من الذين تحركهم بقايا النظام السابق فى الأجهزة ومؤسسات الدولة، وإما ممن فاتهم قطار السلطة ويحنون للرجوع إليه من ثم فإنهم يرون كل شىء خطأ طالما أنهم ليسوا فى سدة الحكم، وإما من المنساقين ممن بهرتهم أضواء الفضائيات. إن مصر لن ينصلح حالها ولن تتقدم خطوة للأمام فى ظل هذه الأجواء لأن المعارضة من أجل المعارضة هى حرفة فاشلة وهى التى تتحمل مسئولية الفوضى القائمة فى البلاد، وإننا ننتظر من المعارضة الشريفة أن ترص صفوفها وأن تأخذ دورها بقوة فى المشهد السياسى المصرى.

Total
0
Shares
السابق

معركة الدستور فى مصر

التالي
جورج صبرا

حكايات جورج صبرا(1-4)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share