المتباكون على وزير الداخلية المقال

نُصبت سرادقات العزاء، وبدأت فرق اللطم فى الصحف ووسائل الإعلام المصرية تعزف المقطوعات الجنائزية بسبب إقالة وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين رغم إقالة تسعة آخرين من الوزراء لا بواكى لهم، وهذا يؤكد أن قرار إقالة الوزير قرار صائب؛ لأن هؤلاء لا يعزفون إلا لمن يعملون ضد الرئيس مرسى والحكومة والإخوان، وكأن مرسى والحكومة والإخوان جاءوا من كوكب المريخ ليحكموا الشعب المصرى وليسوا خياره الانتخابى، كما أن أداء وزير الداخلية فيما يتعلق بأحداث القصر الرئاسى وحرق مقرات حزب الحرية والعدالة الذى هو حزب رسمى للدولة، التى بلغ عددها 28 مقرا على مستوى الجمهورية، يثير كثيرا من علامات الاستفهام، كما كان اقتحام المركز العام للإخوان المسلمين وتدميره من الداخل تحت سمع وبصر عشرات من ضباط «الداخلية» وجنودها، حتى إن أحد العقداء وجه المقتحمين، وكلهم من البلطجية والمستأجرين، إلى المدخل الخلفى للمبنى وقال لهم: حاولوا أن تنتهوا من الأمر خلال ربع ساعة. وقد قام أحد شباب الإخوان بتصوير العقيد صوتاً وصورة؛ حيث كان يراقب ما يحدث، وتم إبلاغ وزير الداخلية بالحادثة واسم الضابط ولم يفعل شيئا، وكان وزير الداخلية قد تعهد للإخوان بحماية المقر بعدما تأكدت معلومات لدى الإخوان، وأكدتها مصادر أمنية، أن بعض مقاولى البلطجية يجمعون البلطجية والعاطلين من عدة مناطق فقيرة فى قلب القاهرة مقابل مبالغ تتراوح بين 300 و500 جنيه للواحد من أجل التجمهر أمام مقر الإخوان ومحاولة اقتحامه وحرقه، واشترط وزير الداخلية على الذين كانوا يتواصلون معه من قيادات الإخوان، وأحدهم كان وزيراً فى الحكومة، أن يقوم الإخوان بإخلاء المركز العام تماماً حتى يتمكن رجال «الداخلية» من الدفاع عنه وحتى لا يجرى اشتباك بين البلطجية والإخوان، وبالفعل أخلى الإخوان المقر وتركوا حوالى خمسة من الشباب يراقبون الأوضاع من الخارج، وأرسل وزير الداخلية عدداً من سيارات الأمن مع عشرات العساكر والضباط، وجاء حوالى 300 بلطجى فى سيارات ميكروباص وبدأوا يهتفون ويسبون وقد منعهم الأمن من اقتحام المبنى من الواجهة، ثم أشار أحدهم للمتظاهرين إلى خلفية المبنى؛ حيث كان يوجد باب خلفى دخل منه المتظاهرون إلى المبنى وكسروا كل شىء زجاجى بما فى ذلك أجهزة التليفزيون وخرجوا خلال ربع الساعة الذى حدده العقيد لهم، ثم جمعوا عددا من الكراسى والأوراق أمام المبنى وأحرقوها، وهذا ما تناقلته وسائل الإعلام عن أن المبنى قد حُرق، والعجيب أن البلطجية حينما جاءوا كان معهم بعض الصحفيين والمصورين كما أكد لى مصدر مسئول من الإخوان، ولما نشرت صور الحريق وأصبحت فضيحة الوزير كبيرة أرسل تعزيزات مع زيادة عدد البلطجية والعاطلين الذين حرص المستأجرون لهم أن يكونوا من الشباب العاطلين من خريجى المدارس المتوسطة للتغطية على منظر البلطجية الذى عادة ما يكون هو الغالب فى هذه الأحداث. أما ما يتعلق بقصر الاتحادية فحينما تقوم رئاسة الجمهورية بالاتصال بوزير الداخلية خلال ذروة الأحداث طيلة أربع ساعات من أجل تأمين القصر من الخارج والفصل بين المتظاهرين ولا يرد، ويترك القصر الرئاسى مستباحا من البلطجية وعرضة للاقتحام فى وقت كان ينتظر فيه آخرون اقتحام القصر وانهيار النظام، حسب السيناريو الهزيل الذى وضعوه، وحينما يرد الوزير يعد ولا ينفذ، ويُقتل عشرة من خيرة شباب مصر فى هذه الليلة بالرصاص بسبب تقصير «الداخلية» فى الفصل بين المتظاهرين، أليس هذا كافيا لإقالة الوزير بل ومحاكمته على تقصيره؟ إن التدنى المهنى والأخلاقى فى أداء الإعلام المصرى يدعو للرثاء، لكن الأكذوبة الكبرى هى أن وزير الداخلية الجديد سوف يقوم بأخونة وزارة الداخلية وليته يفعل!!

Total
0
Shares
السابق

لماذا لا يصارح الرئيس الشعب بالوضع الاقتصادى؟

التالي

مصر.. التى لا يعرف أهلها قدرها (1)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share