لماذا لا يصارح الرئيس الشعب بالوضع الاقتصادى؟

كتبت قبل ذلك منتقداً خطاب الرئيس مرسى الأخير الذى تحدث فيه عن وردية الوضع الاقتصادى فى مصر، فى الوقت الذى تحدث فيه رئيس الوزراء ووزير المالية آنذاك ممتاز السعيد عن وضع آخر غير الذى تحدث عنه الرئيس، وكنت أتمنى، وكتبت مرارا وكتب غيرى من الوطنيين المخلصين مناشدين الرئيس منذ أن تولى منصبه، أن يفعل ما ينبغى عليه فعله وما كان أى رئيس آخر يجب أن يفعله، وهو أن يخاطب الشعب خطابا شفافا واضحا عن الحالة التى تسلَّم عليها مصر بعد ستين عاما من الفساد والاستبداد، وما الذى سوف يقوم به لإصلاح الأوضاع التى ترهلت وأنتجت هذا الوضع المأساوى، وأن يروى التفاصيل دون مواربة حتى يفهم الشعب ويعرف حقيقة الوضع ويلتمس الأسباب للرئيس والحكومة ويمنحهما المهلة الكافية لتعديل الأوضاع ثم يحاسبهما بعد ذلك، لكن الرئيس لم يفعل ذلك حتى الآن، وباستثناء الخطابات العاطفية الأولى التى ألقاها فى البداية خلت خطاباته بعد ذلك من التحضير والبريق والمعلومات القيّمة التى يمكن أن يقدمها للشعب، لا سيما خطابه الأخير الذى واكبته مجموعة من التطورات الاقتصادية التى كان من أهمها الانخفاض الكبير للجنيه المصرى أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، علاوة على زيادة العجز فى الميزانية وتدنى الاحتياطى الأجنبى وانتشار الشائعات التى أدت إلى سحب كثير من الناس أموالهم من البنوك، علاوة على تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولى ثم عودتها وشائعات إقالة محافظ البنك المركزى أو بقائه وغير ذلك من الأمور الأخرى التى أدت إلى إقالة وزير المالية ممتاز السعيد والمجىء بوزير جديد أكاديمى هو الدكتور المرسى حجازى، وهو بحاجة إلى عدة أشهر حتى ينصهر فى عمل الوزارة الواقعى ويتعرف على جوانب الخلل التطبيقية وكيفية النهوض بها. ولا يكفى أن يتم تغيير وزير المالية وبقاء نفس الكادر الذى يعمل بنفس الطريقة منذ عشرات السنين، وقد سبق لدول كثيرة أن جاءت بخبراء ماليين عملوا فى مؤسسات مالية عالمية وكان لديهم الخبرة الكبيرة اللازمة مثل تونس وتركيا، لكن الوزير لا يمكن أن يصلح وحده دون فريق ودون تناغم مع الحكومة وباقى مؤسسات الدولة لإصلاح الأوضاع البائسة القائمة. المصارحة والشفافية هما المخرج للرئيس مرسى فى هذه المرحلة عليه أن يغير أداءه بأن ينصت لأصحاب الرأى والرؤى لا أن يصر على أدائه ومواقفه، حاسرا نفسه وسط مجموعة من المخلصين عديمى الخبرة، وأن يظل يكرر ما يقوله؛ لأن الشعب بعد ذلك لن ينصت إليه، كما عليه أن يقلل ظهوره وأداءه وأن يعتمد على فريق قوى من الوزراء والمسئولين يتولون ترويج الأفكار حتى لا يخسر رصيده عند الناس. إن الفرصة التى أتت لمرسى أو للإسلاميين أو للإخوان المسلمين فى مصر لن تتكرر مرة ثانية إذا لم يسع الإخوان، وعلى رأسهم الرئيس، للتعامل بشفافية ومصداقية مع الشعب، وما زالت الفرصة قائمة للرئيس حتى يخاطب الشعب بحقيقة الوضع الذى تسلَّم عليه البلاد وما الذى سيقوم به خلال سنوات حكمه الأربع التى مضى منها أكثر من ستة أشهر؛ لأن هذا الخطاب الذى يجب أن يخلو من الإحباط، وكذلك من الوردية، هو الذى سيضع النقاط على الحروف ويضع الحقيقة أمام الشعب فى وقت ما يسجل فيه لا يمحى، كما أن الإعلام والمعارضة متربصان بالرئيس وأدائه، وفوق هؤلاء الشعب الذى اختار الرئيس والإخوان، اعتقاداً منه أنهم هم الذين سوف يُخرجون مصر من عثرتها، فهل سيغير الرئيس مرسى من أدائه الإعلامى والسياسى ويتخلى عن العاطفة ويتحلى بالشجاعة ويواجه الشعب بالحقيقة، أم يترك الشائعات والمرارات والأكاذيب هى التى تسير حياة الناس؟

Total
0
Shares
السابق

أحكام البراءة لرجال مبارك؟!

التالي

المتباكون على وزير الداخلية المقال

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share