مصر التى لا يعرفها أهلها (6)

يكمل الدكتور محمد العريفى فى خطبته الجامعة المانعة التى ألقاها عن مصر فى مسجده فى الرياض فى 14 ديسمبر الماضى، قائلاً: أيها الناس، إن أهل مصر هم من ألين الناس تعاملاً، وأحسنهم أخلاقاً وأدباً، قال تاج الدين الفزارى: «من أقام فى مصر سنة واحدة وجد فى أخلاقه رقة وحسناً». وقال ابن ظهيرة عن أهل مصر: «عن حلاوة لسانهم وكثرة مودتهم للغرباء ولين كلامهم، وحسن فهمهم للشريعة مع حسن أصواتهم وطيب نغماتهم وأجلاها وطول أنفاسهم وأعلاها، مؤذنوهم إليهم الغاية فى الطيب، ووعاظهم إليهم المنتهى فى الإجادة والتطريب، ونساؤهم أرق نساء الدنيا طبعاً، وأحلاهن صورة ومنطقاً، وأحسنهن شمائل، وأجملهن ذاتاً»، وما زلت أسمع قديماً عن الشافعى أنه قال: «من لم يتزوج بمصرية لم يكمل إحصانه»، أيها المسلمون ولقد سكن مصر بعد فتحها جماعة من أصحاب سيدنا رسول الله، عليه الصلاة والسلام، حتى لما أحصى عدد الصحابة الذين دخلوا مصر، أو أقاموا فيها أو زاروها أو حكموها أو دفنوا فى ترابها فتعدوا ثلاثمائة وخمسين صحابياً، كلهم قد أتوا إلى مصر، منهم من جاءها رسولاً إليها، أو حاكماً لها، أو مجاهداً فيها أو معلماً لأهلها، منهم عمرو بن العاص، وعبدالله بن أبى السرح وعبدالله بن عمرو، وكلهم قد تولى ولاية مصر، منهم جابر بن عبدالله بن حرام، منهم الزبير بن العوام وعبدالله بن الزبير، منهم سعد بن أبى وقاص، منهم عبادة بن الصامت، منهم عبدالله بن عباس منهم عمار بن ياسر، منهم أبوأيوب الأنصارى وأبوذر الغفارى، وأبو الدرداء وأبوهريرة، وعبدالله بن الحارث الزبيدى وهو آخر صحابى مات بمصر، ثلاثمائة وخمسون صحابياً كلهم قد زاروا مصر أو أقاموا فيها، لكننى تخيرت أفضلهم، فى مصر ولد خامس الخلفاء الراشدين، عمر بن عبدالعزيز، رحمه الله تعالى، أيها المسلمون، إذا تكلمنا عن مصر، فإننا نتكلم عن بلاد العلماء الذين وصل أثرهم إلى كل الدنيا، منهم صحابة كرام وتابعون أعلام، منهم الليث بن سعد وهو إمام المصريين، الذى قال فيه الشافعى: «الليث بن سعد أعلم من مالك» ومنهم القارئ ورش؛ إذا سمعت من يقول على قراءة ورش، فاعلم أنه مصرى، اليوم أكثر أهل أفريقيا والمغرب يقرأون بقراءة هذا المصرى، ومنهم الإمام المحدث عبدالله بن لهيعة، ومنهم الشافعى الإمام، وله أئمة كثر كلهم من طلابه، وكلهم من المصريين، ومنهم سعيد بن كثير بن عفير، وكان إماما عالماً قال عنه يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل لما سئل عن مصر: «رأيت فى مصر ثلاث عجائب، النيل والأهرام وسعيد بن كثير بن عفير، ومنهم عبدالملك بن هشام، صاحب السيرة النبوية المشهورة ومنهم الإمام الطحاوى الذى ألف «العقيدة الطحاوية»، وهى تدرس اليوم فى كل الدنيا، وتدرسها الجامعات هنا فى المملكة العربية السعودية تدرسها لطلابها، وتدرس فى أنحاء الدنيا ألفها الإمام الطحاوى المصرى، ومنهم الإمام ابن النحاس ومنهم القاضى عبدالوهاب المالكى، ومنهم شيخ الحنابلة الحافظ عبدالغنى المقدسى، فإذا ذكرت الحنابلة وذكرت الفقه الحنبلى، رجعت لزاماً إلى عبدالغنى المقدسى وكان قد خرج من الشام وسكن فى مصر، ومنهم الإمام البطل العز بن عبدالسلام، ومنهم ابن خلكان صاحب «وفيات الأعيان»، ومنهم القارئ العظيم الذى يحفظ منظومته طلاب كثيرون وطالبات فى أنحاء الدنيا، الإمام الشاطبى، من الذى لا يعرف الشاطبى؟ وهو الذى ألف منظومة فى ألف بيت، لتلاوة القرآن وقراءته ثم أخذ المنظومة بعدما ألفها وطاف ألف أسبوع حول الكعبة، ثم أخذ يدعو الله تعالى أن يبارك فى هذه المنظومة وقد انتشرت انتشاراً عظيماً.. «نكمل غداً».

Total
0
Shares
السابق

مصر التى لا يعرفها أهلها (5)

التالي

مصر التى لا يعرف قدرها أهلها (7)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share