مصر التى لا يعرف قدرها أهلها (7)

يكمل الدكتور محمد العريفى خطبته العصماء عن مصر، من حيث توقفنا أمس، عند منظومة الشاطبى، حيث يقول: «ومن المصريين مؤلف كتاب الترغيب والترهيب عبدالعظيم المنذرى، ومن المصريين الإمام القرافى، وهو من أذكياء العالم، ومن أئمة الدنيا، ومن أعيان المذهب المالكى، ومن المصريين ابن دقيق العيد الذى لم ترَ الدنيا مثله أبداً، ومنهم خليل المالكى، إذا سمعت بمختصر خليل الذى يعول عليه المالكية إلى اليوم فى دروسهم وجامعاتهم، فاعلم أنه مصرى، ومنهم ابن هشام النحوى، ومنهم الإمام الهيثمى، صاحب كتاب مجمع الزوائد، ومنهم ابن حجر العسقلانى الذى ألف فتح البارى فى شرح صحيح البخارى، ومنهم محمود العينى الذى ألف عمدة القارى فى شرح صحيح البخارى، وإليه ينسب اليوم قصر العينى فى مصر، ومنهم المقريزى، ومنهم صاحب كتاب تفسير الجلالين الإمام جلال الدين المحلى، الذى أتمه بعد ذلك الإمام السيوطى، وكلاهما مصرى، ومنهم الحافظ السيوطى، ومنهم شيخ الإسلام زكريا الأنصارى الذى بلغ عمره مائة سنة ولم يترك صلاة الليل إلى أن مات، ومنهم الإمام الشيخ على بن أحمد الصعيدى العدوى، من سلالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه، ومنهم الشيخ أحمد الدردير، وكان عابداً عالماً صالحاً، كان فى الأزهر يوماً يُعلِّم طلابه، فلما دخل أحد الولاة، وكان يريد أن يستميل المشايخ لبعض الفتاوى التى يريدها لإلزام بعض الناس بأمور، قام الطلاب خائفين من كثرة الجند، ومبجلين لهذا الوالى، فأخذ مصحفاً ووضعه فى حجره بين رجليه، فمر به الوالى فقال: من هذا؟ قالوا: هذا الشيخ أحمد الدردير، قال: فلماذا لم يقُم لما رآنى؟ فحاولوا أن يعتذروا له، فحنق عليه هذا الوالى، ثم ذهب الوالى إلى قصره، وأخذ صرة أرسلها مع أحد العبيد، وقال: أعطِ هذه لهذا الشيخ الذى كان ماداً لرجليه لما مررنا به، فلما جاءه ذلك العبد وناوله الصرة علم الشيخ أن ذلك الوالى أراد أن يذله بقبول المال، فنظر إلى هذا الرسول، وقال: ارجع إلى الذى أرسلك، وقل له إن الذى يمد رجليه لا يمد يديه. أما أبطال مصر ومجاهدوها، فالكلام عنهم يطول، كثير من القادة مع صلاح الدين الأيوبى كانوا من المصريين، منهم القائد حسام الدين، وكان قائداً للأسطول البحرى المصرى، وكان شوكة فى حلق الفرنجة، قال عنه الإمام بن كثير: كان البحر فى البحر، فكم من مركب كسر، وكم من أسطول فرق شمله، وقارب أغرق أهله، مع كثرة الصدقات، ولما عمل أرناط الصليبى مراكب وأسطولاً وجعلها فى البحر الأحمر ليغزو مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، انطلق إليه حسام الدين بأسطوله المصرى، ودك أسطول الفرنجة، حتى قتلهم عن آخرهم، ومن أبطال مصر الذين سكنوها صلاح الدين الأيوبى الذى فتح بيت المقدس. أيها الناس، بل أيتها الدنيا كلها، لن ينسى التاريخ أبداً أبطال مصر، الذين ردوا الحملة الصليبية التى قادها ملك فرنسا واستولى على دمياط، فكمن له الأبطال فى مصر ساموه سوء العذاب، وأبادوا جيشه وقتلوا عشرات الآلاف، ثم أخذوا هذا القائد الفرنسى وحبسوه فى دار تسمى دار ابن لقمان فى المنصورة، ووضعوا القيود فى رجليه ويديه، ووكلوا به حارساً يسمى «صبيح»، ثم فدى نفسه بأموال كثيرة عظيمة، فأطلق سراحه، ومن المصريين الأبطال سلطان المماليك قطز، وهو الذى قاد معركة عين جالوت، ومن المصريين الأبطال ضباط وجنود شاركوا فى حروب فلسطين وفى غيرها من مواقع الجهاد فى سبيل الله، وإذا ذكرت مصر وتاريخها ذكرت العباد والزهاد، ذكرت ابن شريح، وذكرت أبا محمد بن سهل وكان عابداً صالحاً آمراً بالمعروف داعياً إلى العقيدة الصحيحة، وكان يذم العبيديين الشيعة الذين حكموا مصر فترة».. «نكمل غداً».

Total
0
Shares
السابق

مصر التى لا يعرفها أهلها (6)

التالي

مصر التى لا يعرف قدرها أهلها (8)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share