انتهاء العمر الافتراضى لمؤسسات الدولة

تصريح وزير الصحة والسكان المصرى الدكتور محمد مصطفى حامد إلى صحيفة الأهرام يوم الاثنين الماضى بأن العمر الافتراضى لأربعة آلاف مستشفى ووحدة صحية فى مصر قد انتهى وأن 200 مستشفى على مستوى الجمهورية تحتاج إلى هدم كامل وإعادة تطوير يظهر الحالة التى عليها مصر ليس فى مجال الصحة فقط ولكن فى كل المجالات، وما زلت أذكر زيارتى لمستشفى سيد جلال وهو مستشفى جامعى، بنى قبل الثورة من قبل أحد أهل الخير على طراز رفيع ثم امتدت إليه الأبنية والسلوكيات العشوائية من خلال النظام العشوائى الذى حكم مصر خلال العقود الستة الماضية، حينما دخلت المستشفى وكنت بصدد جمع معلومات عن شهداء الثورة صحبنى أحد الأطباء وهو أستاذ فى كلية الطب فى بعض أروقة المستشفى فأذهلنى المستوى الردىء الذى وصل إليه حال المستشفيات فى مصر وقلت وقتها إذا كان هذا حال مستشفى جامعى فى قلب القاهرة فكيف هو حال المستشفيات التابعة لوزارة الصحة فى المدن البعيدة فضلا عن القرى والنجوع؟ وقلت للأستاذ الذى صحبنى إن هذا الأجواء تجلب الأمراض وليس الشفاء، وجاءت تصريحات وزير الصحة حتى تبين وضع صحة المصريين الذين لم يكتف النظام البائد السابق من نشر الأمراض بينهم بل إنه حرمهم من الحد الأدنى للعلاج. وضع وزارة الصحة هو نفسه وربما أسوأ منه وضع وزارة النقل ووسائل النقل فى مصر وعلى رأسها القطارات وحوادثها التى أصبحت شبه يومية وقد نهج وزير النقل نهج وزير الصحة حينما صارح الشعب بالوضع المزرى لمرافق النقل وعلى رأسها السكة الحديد، وكيف أن عشرات القاطرات قد انتهى عمرها الافتراضى وأن عمليات الصيانة التى تجرى تتم على الورق فقط مما يعنى أن الجريمة ليست عفوية، وقد وقف وزير النقل والمواصلات الدكتور حاتم عبداللطيف يوم الخميس الماضى أمام لجنة النقل والمواصلات فى مجلس الشورى وقال «إن هيئة السكة الحديد تملك 3200 عربة ما يقرب من 85% منها قد انتهى عمرها الافتراضى، كما أن قطع الغيار غير متوافرة ونحتاج إلى 170 مليون جنيه لتوفير قطع الغيار لإجراء الصيانة الدورية و300 مليون جنيه من أجل صيانة الجرارات وحدها»، هذه المعلومات تؤكد أن نهاية حوادث القطارات ليست فى إقالة الوزراء أو حبس الخفراء أو الموظفين البسطاء أو السائقين، وإنما المشكلة الأساسية هى الفساد المستشرى فى أجهزة الدولة منذ عقود والذى أوصلنا إلى مرحلة أنه لم تعد هناك صيانة للجرارات كما أن العربات عمرها الافتراضى قد انتهى. وما يحدث فى النقل والصحة هو الوضع العام فى كل مرافق الدولة، لذلك يجب أن يخرج علينا كل الوزراء ليقول لنا كل منهم ما هى الحال التى تسلم عليها وزارته، وكذلك كل المحافظين ليقول لنا كل منهم ما هو الوضع الذى عليه محافظته بالأرقام والمعلومات الدقيقة، لأن مصارحة الشعب من قبل الرئيس مرسى وحكومته بالوضع المزرى الذى عليه البلاد وأن يجمع الشعب على تحمل مسئولياته أولى من الصورة الوردية التى تظهر فى بعض الخطابات. هذا يجعلنا نفهم وضع البلاد حاليا ويجعل حسابنا للوزراء والمسئولين يجرى على قاعدة كيف تسلمت وماذا أنجزت وفعلت؟ أما العشوائية التى كانت تدار بها البلاد والتى ما زالت قائمة وغياب المحاسبة وتغييب الحقيقة وخداع الشعب مرحلة لا بد أن تنتهى وألا تعود مرة أخرى. إن إدراك المسئول وضع وزارته أو المؤسسة التى يرأسها على حقيقتها تجعله يضع العلاج الصحيح لها ويحدد الوسائل المطلوبة لعلاج أمراضها وعللها أما بعض المسئولين والوزراء الذين يأتون ليدوروا فى العجلة التى كان يدور فيها من قبلهم دون أن يعلموا ما هو وضع وزاراتهم أو المؤسسات التى يرأسونها ثم يخرجوا منها وقد زادوها خللا وعللا فإن هذا الزمن يجب أن ينتهى وأن تبدأ المحاسبة للذين لم يتقدموا حتى الآن بوضع وزاراتهم ومحافظاتهم وتقديمها للشعب حتى يحاسبوا وإلا فإن زمن مبارك لم ينته والثورة لم تنجح بعد عامين من تحقيق أهم أهدافها وهو الشفافية والمحاسبة.

Total
0
Shares
السابق

مهمة مجلس الشورى فى المرحلة المقبلة

التالي

مصر التى ما زالت تُنهب

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share