طائرات «إف 16» وإعادة تسليح مصر

وصلت إلى مصر فجر الأربعاء الماضى الدفعة الأولى من طائرات إف 16 الأمريكية بلوك 52 وعددها أربع طائرات ضمن صفقة تضم 16 طائرة من نفس الطراز، وكانت معلومات قد نشرت حول تجهيزات هذه الطائرات ومدى قدرتها على تحقيق الردع الجوى لمصر مقارنة بتجهيزات الطائرات من نفس الطراز أو طرازات أحدث التى تمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل، وأذكر أنه نشب خلاف بين الرئيس الباكستانى الراحل ضياء الحق والسلطات الأمريكية فى صفقة بين البلدين عقدت فى النصف الثانى من ثمانينات القرن الماضى بسبب تجهيز هذه الطائرات، حيث إن الموديلات التى كانت تريد الولايات المتحدة تسليمها لباكستان كانت خالية من الرادارات فى الوقت الذى كانت تسلم فيه الهند طائرات كاملة التجهيز، وهى نفس اللعبة التى تلعبها الولايات المتحدة فى الصفقات التى تقدمها لمصر وإسرائيل، ليس فى الطائرات فحسب ولكن فى كل الأسلحة الأمريكية، حيث تكون أقدم بجيل أو جيلين من الأسلحة التى تسلمها لإسرائيل مما يجعلها عديمة الفائدة فى الردع مع أخطر دولة تهدد الأمن القومى المصرى، وقد أبلغنى أحد المتخصصين ولا أدرى مدى دقة معلوماته أن الطائرات التى تسلم إلى مصر مجهزة بشكل لا تصيب فيه أهدافها إذا وجهت تجاه إسرائيل أو تجاه أهداف إسرائيلية، كما أن إمكاناتها العسكرية أقل بكثير من نظيراتها الإسرائيلية وأن الإسرائيليين يملكون القدرة للتشويش على راداراتها، حيث إن الضغوط التى مارسها اللوبى الصهيونى فى الولايات المتحدة على الإدارة الأمريكية جعلت الولايات المتحدة تلتزم بتسليم الطائرات لمصر وتلتزم لإسرائيل أنها لن تكون بأى حال من الأحوال هدفا لضرباتها، لأن الولايات المتحدة تلتزم بأمن إسرائيل كجزء رئيسى من أمن الولايات المتحدة القومى، ومن ثم لا يمكن أن تسلح أيا من جيرانها بأى سلاح يمكن أن يستخدم ضدها وما ينطبق على تسليح مصر ينطبق على كل الدول العربية الأخرى التى يمكن أن تشكل تهديدا لإسرائيل، حيث إن هذه الأسلحة فى النهاية تكون أقرب إلى الخردة منها إلى أن تكون أسلحة فعالة لحماية الأمن القومى لهذه الدول لا سيما ضد إسرائيل العدو اللدود للعرب. إن هذه المعلومات لو صحت وفى ظل الثورة المصرية فإنها تفرض على القيادة المصرية أن تكون شفافة مع شعبها وأن تظهر حقيقة تسليح هذه الطائرات وحقيقة الإمكانات القتالية لها والفوارق بينها وبين نفس الطائرات أو الطائرات الأحدث التى تمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل، وكذلك الصفقات الأخرى التى لم تعد سرا حيث إن كل المعلومات يتم تسريبها عبر وسائل الإعلام كما أن كثيرا من الدول تفخر بترسانتها العسكرية حتى وإن كانت مجرد أسلحة فارغة من كل ردع، كما أن القيادة المصرية يجب أن تسعى لتنويع مصادر السلاح لا سيما الأسلحة الهجومية فى القوات الجوية والأسلحة الدفاعية فى النظام الصاروخى أو المضادات الأرضية لكن.. وفى ظل التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل القومى يجب على النظام المصرى وفى ظل ثورة الخامس والعشرين من يناير ألا يثق فى التسليح الأمريكى لمصر ويجب أن يتم تنويع مصادر السلاح والتعاون مع الدول التى لديها استعداد ليس أن تمنحنا السلاح فحسب ولكن تمنحنا تكنولوجيا تصنيعه لأن الذى لا يصنع سلاحه لا يملك ردع أعدائه، كما يجب أن يكون التسليح وفق احتياجات الجيش المصرى وليس وفق ما كانت تجرى عليه الأمور من قبل، وأن يتم التركيز فى الفترة القادمة على الحصول على التكنولوجيا التى يمكن من خلالها أن تحمى مصر نفسها من خلال ما تصنعه من سلاحها.

Total
0
Shares
السابق

مصر التى ما زالت تُنهب

التالي

تدمير التاريخ والجغرافيا فى سوريا

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share