الإعلام الذي يهدم مصر

باستثناء الصحف القومية لم أجد صحيفة واحدة من الصحف التي تسمي نفسها مستقلة أو معارضة أبرزت خبرا واحدا على الصفحة الأولى للقمة الإسلامية التي عقدت في القاهرة يومي الأربعاء والخميس الماضيين 6و7 فبراير، وكأن هذه القمة الإسلامية التي حضرها 57 وفدا رئاسيا من بينهم 26 رئيسا أو أميرا أوملكا قد عقدت في بلاد واق الواق أو في زيمبابوي أو على سطح المريخ وليس في مصر، وكانت العناوين الرئيسية لتلك الصحف في تلك الأيام تدور في نفس الإطار اليومي لها والذي يدور حول التهييج والتحريض وإبراز الفتن وأخبار المظاهرات والبلاك بلوك والاعتصامات ومليونية «جمعة الرحيل» والسب والقذف في رئيس الجمهورية ورحلة زوجته إلى طابا وأكذوبة زواج ابنه من ابنة رئيس الحكومة وتصريحات البابا تواضروس واتهام الإخوان المسلمين بقتل الشعب وفتاوى الفتنة والقتل والشذوذ والأطفال المعتقلين في معسكرات الأمن المركزي الذي أكد النائب العام أنها أكذوبة ، والملاحقات للرئيس الإيراني تارة بالأحذية وتارة بالشتائم ، ومحاولات اقتحام مديريات الأمن أو مقار المحافظات، والابتهاج على الصفحات الأولى بالإفراج عن رجال مبارك وفق أحكام محاكم الجنايات لإعادة محاكماتهم، وتحذير اميركا لرعاياها من السفر إلى مصر وتحريض الجيش المصري على النظام ودعوته علانية في بعض الصحف للقيام بانقلاب أو العودة للسياسة، واتهامات بالجملة للإخوان تارة بالكذب وتارة بالمسؤولية عن قتل المتظاهرين أو دعم التعذيب والسحل وأخرى بالمؤامرات ودعم فتاوى العنف، وبدلا من مسحول واحد أصبح هناك مسحول في كل مدينة وقصص السحل توسعت وأصبحت مسلسلا مكسيكيا.

أما الحوارات الرئيسية في الصفحات الداخلية فلم تجر مع رؤساء الدول الذين حضروا القمة أو رؤساء الوفود أو وزراء الخارجية أو وزراء الاقتصاد أو الأمين العام للمؤتمر الذي لم أجد أية حوارات معه سوى حوار واحد مختصر في صحيفة واحدة، ولا عن كيفية استفادة مصر من هذه القمة أو دور الدول الإسلامية في التعاون الاقتصادي فيما بينها أو أي موضوعات جادة أخرى وإنما الحوارات الرئيسية كلها لمفكرين علمانيين أو يساريين أو فنانين أوراقصات كلهم يسبون في الإخوان وحكم الإخوان وفكر الإخوان وتاريخ الإخوان.

القمة الإسلامية يا أعلام الإعلام المصري ونجومه ليست قمة الإخوان ولا قمة محمد مرسي وإنما هي قمة مصر التي أصبحت رئيسة للتعاون الإسلامي للسنوات الثلاث القادمة وحينما تقرر عقد القمة في قمة داكار في العام 2008 كان مبارك رئيس مصر وليس محمد مرسي إذن القمة قمة مصر والقيادة هي لمصر وليست للإخوان , وإهمالها بهذه الطريقة والتركيز على التراكم اليومي في صناعة الكراهية والفوضي في البلاد حتى في ظل حدث مثل هذا يعني أن منظومة الإعلام المصري تدار بعقلية واحدة وأن تجاهل القمة كان مقصودا، وكأن هناك مايسترو واحداً يدير المنظومة مع اختلاف مسميات الصحف والبرامج والقنوات كلها تحولت من معاداة الإخوان إلى معاداة الوطن، من يقرأ تلك العناوين في الصباح ويشاهد التوكشو في المساء خلال انعقاد القمة يتخيل أن مصر غابة من المواجهات الدموية والتظاهرات الدامية.

إن شعبية الإخوان قد تراجعت بالفعل لكن السبب ليس الهجوم اليومي من وسائل الإعلام المصرية صحفا وبرامج ومواقع إخبارية على العكس تماما هذه تجلب التعاطف للإخوان في النهاية، لكن السبب في تراجع شعبية الإخوان هو التخبط والضعف في إدارة الدولة من قبل الرئيس الذي رشحه الإخوان، لكن الإعلاميين يجب أن يفرقوا بين مصر التي هي رئيسة القمة الإسلامية والتي عقدت القمة الإسلامية على أرضها وحضرها 57 وفدا رئاسيا وبين وجود رئيس من الإخوان على رأس الدولة، كما أن إبراز السلبيات وتضخيمها بهذه الطريقة هو أكبر عملية تدليس وجريمة كبرى فمصر ليست ما نراه في الصحف كل صباح ولا في برامج التوكشو كل مساء، مصر الواقع بخلاف ذلك مصر ليست ميدان التحرير وقصر الاتحادية، ومصر ليست الإخوان المسلمين ولا فتاوى الشاذين، مصر ليست كذلك ولن تكون، إن ما يقوم به الإعلاميون المصريون من تدليس وأكاذيب هو أحد الأسباب الرئيسية في تراجع الاقتصاد وهروب السياح واضطراب الأوضاع في البلاد، انتقدوا مرسي كما تريدون، وسبوا الإخوان كما تشتهون لكن لا تهدموا مصروتقزموها أيها الأقزام الفاسدون.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

العرض مستمر.. مع فيلم «المسحول»

التالي

مهرجان البراءة للجميع

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share