فريد عبدالخالق.. الفريد الودود

توفى الدكتور فريد عبدالخالق أكبر أعضاء الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين سنا وسكرتير الأمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين دون أن أحقق له أمنية طلبها منى، وهى أن أحول شهادته معى على العصر التى قمت بتسجيلها قبل عشر سنوات وقمت ببثها فى عام 2004 إلى كتاب يكون ضمن سلسلة الإصدارات التى قدمتها عن بعض شهود العصر والتى بلغت خمسة كتب توقفت بعدها بسبب الجهد الكبير الذى يستغرقه تحويل الشهادة من برنامج مشاهد إلى كتاب مقروء، غير أن وقتى لم يسعنى وأتمنى أن أحقق له ما تمناه حتى بعد وفاته رحمه الله، ورغم أنى عرفت فريد عبدالخالق متأخرا فإنى عشت معها حياته كلها بتفاصيل كثيرة خلال فترة التحضير لبرنامج شاهد على العصر التى استغرقت عدة أشهر، حيث درست وعرفت تاريخ الإخوان المسلمين بعمق وتفاصيل دقيقة من عشرات المصادر وغصت فى الأحداث والأخطاء والسلبيات والإيجابيات، وكنت قاسيا عليه خلال الشهادة وكان حليما ودودا يتحمل منى الكثير رغم كبر سنه، وكان يقول دائما نحن بشر نخطئ كما يخطئ الناس ونصيب كما يصيبون.

عرفت فيه من كريم الأخلاق وحسن الطباع والود وكرم النفس وحماسة الشباب والشهامة والأبوة والعزة والشموخ والإباء ما لم أعرفه فى غيره من الناس، حتى إنى وجدت معظم أقاربه ومعارفه ينادونه بسبب حنانه وأبوته وتفقده للجميع، قائلين «بابا فريد»، ورغم أنه توفى عن ثمانية وتسعين عاما إلا أنه كان حاضر الذهن متقد الذاكرة حتى نهاية عمره رحمه الله، التقيته آخر مرة قبل عدة أشهر وكلمته بعدها على الهاتف أكثر من مرة، واتفقنا أن نقدم حلقة فى برنامجى «بلا حدود» عن الإخوان المسلمين من الفكرة إلى الدولة على اعتبار أنه أكبر أعضاء الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين الذين بقوا على قيد الحياة أوفياء لفكرتهم ناصحين لإخوانهم عايش حسن البنا، وكان قريبا منه وقدم له صورة فى شهادته معى على العصر لم يعرفها كثير من الإخوان، ولو عرف الإخوان حسن البنا كما عرفه فريد عبدالخالق لكانوا شيئا آخر غير ما هم عليه الآن فكرا وأداء وسلوكا وأخلاقا وسعة للأفق ورحابة للصدر ومظلة للجميع، ولذلك كان فريد عبدالخالق صريحا منتقدا لأخطاء الإخوان وعدم فهم كثير منهم لصحيح فكرة الإخوان وعميق دعوتهم، وكانت لديه جرأة فى قول الحق وبيان الحقيقة للناس، والغريب فى هذا الرجل هو تفرده ليس على مستوى الإخوان فحسب ولكن على المستوى الإنسانى كان قد أعد رسالة للدكتوراه فى شبابه عن الشريعة الإسلامية ولأسباب لا تحضرنى الآن لم تناقش الرسالة بعد تمامها  وأعتقد أن دار الشروق نشرتها له فى كتاب، غير أن تقدمه فى السن لم يمنعه من البحث والدرس فسجل درجة الدكتوراه فى جامعة القاهرة فى موضوع متفرد يتناسب مع شخصيته تحت عنوان «الاحتساب عند ذوى الجاه والسلطان»، وكان عمره حينما ناقش الرسالة أربعة وتسعين عاما ليدخل موسوعة جينس العالمية للأرقام القياسية على اعتبار أنه أكبر باحث فى العالم يحصل على درجة الدكتوراه فى هذه السن.. رحم الله فريد عبدالخالق وأسكنه فسيح جناته.

Total
0
Shares
السابق

المصادر المشبوهة

التالي

ميراث الرئيس مرسى ورؤيته

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share