المصادر المشبوهة

تحفل الصحف المصرية صباح كل يوم بعناوين رئيسية وقصص داخلية تتناول الشأن السياسى والعسكرى والاقتصادى والقضائى والحزبى وحتى الشخصى فى مصر وتنسب جميعها إلى مصدر مطلع أو مصدر موثوق أو مصدر عسكرى أو مصدر قضائى أو غير ذلك من المصادر التى يمكن أن تنسب إليها القصة أو الخبر المنشور، ورغم أن هذه المدرسة الصحفية كانت محصورة إلى حد كبير فى الصحف الصفراء وشبه الصفراء التى كانت معروفة فى مصر خلال العقود الماضية ومن خلال صحفيين معروفين كانوا يستخدمون هذه الفبركات فى عمليات الابتزاز الإعلانى أو السياسى إلا أن هذه المدرسة توسعت إلى حد كبير حتى صارت معظم الصحف المصرية سواء اليومية أو الأسبوعية تحفل بالقصص والانفرادات المنسوبة إلى تلك المصادر التى غالبا ما تكون مصادر وهمية لا وجود لها أو مصادر مشبوهة تستخدم التنافس القائم بين الصحف لترويج بعض الأخبار، أو تكون القصة من أولها إلى آخرها محض افتراء ليس لها وجود إلا فى خيال رئيس التحرير أو بعض المعاونين له أو من يوجهون هؤلاء من الخارج، وفى بعض الأحيان تسعى مصادر حقيقية فى بعض الجهات لتسريب خبر ما أو معلومة لجس النبض أو توجيه الرأى العام أو التضليل الإعلامى وهذا هو الأغلب فيما يجرى حيث يتم تكذيب معظم هذه الأخبار أو نفيها من الجهات المعنية بها ولأن الأخبار والقصص المفبركة أو نصف المفبركة صارت الغالبة فقد أعرض كثيرون ممن نسجت حولهم هذه الأخبار عن الرد والتكذيب لأنهم اكتشفوا أن هدف هذه القصص هو ابتزازهم واستنزاف طاقتهم النفسية والذهنية اليومية فى تكذيب ما ينشر عنهم أو بقائهم فى دائرة الدفاع عن أنفسهم، وهنا أذكر الفضيحة الكبرى لوزير الدفاع الأمريكى الأسبق دونالد رامسفيلد حينما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه أسس فى وزارة الدفاع الأمريكية دائرة لـ «التضليل الإعلامى» كان دورها هو كتابة القصص الأخبارية المفبركة خلال احتلال العراق ودفعها إلى صحفيين عراقيين لنشرها بأسمائهم فى صحف كانت تدعم بشكل مباشر من الاحتلال الأمريكى، تذكرت دائرة رامسفيلد عندما قرأت خبرًا منسوبا لمصدر مطلع يتحدث عن نية الرئيس مرسى إقالة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى بترتيب مع الأمريكان، لم أشك لحظة فى أن الخبر مهما كان مصدره يدور فى دائرة التضليل الإعلامى أو جس النبض أو إثارة طرف على آخر أيا كانت قوة مصدره، لاعتبارات كثيرة يدركها من يفهم المشهد المصرى بدقة وأن الهدف إثارة القيادات الوسطى علاوة على العليا داخل القوات المسلحة على الرئاسة وأن الرئيس مرسى الذى يواجه تحديات كثيرة داخل مصر لا يمكن أن يقدم على خطوة مثل هذه لاسيما وأنه يثق فى الفريق السيسى بشكل كبير، وإذا كان يتمسك بشدة برئيس الحكومة الضعيف فأنى له أن يقيل وزير الدفاع القوى ؟!

Total
0
Shares
السابق

هيبة الدولة.. وقرارات الرئيس

التالي

فريد عبدالخالق.. الفريد الودود

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share