حقيقة الربيع التركى

«يدعون الآن دون خجل أن الربيع التركى قد بدأ، ونحن نقول لهم إن الربيع التركى قد بدأ يوم تسلمنا السلطة فى العام 2002 وقد وصلت تركيا منذ ذلك الحين إلى مواقع مميزة فى العالم لا يمكن تجاهلها، وهم يحسدوننا على موقعنا هذا».

كان هذا جزءا من الخطاب الذى وجهه رئيس الوزراء التركى رجب الطيب أردوغان إلى الحشد الهائل من أنصاره يوم الأحد الماضى فى العاصمة أنقرة، منتقدا المعارضة التى حشدت فى نفس اليوم عدة آلاف فى ميدان تقسيم فى اسطنبول بمناسبة مرور أسبوعين على بداية التظاهرات ضد نظام أردوغان.

هذه التظاهرات التى انتشرت فى عدة مدن تركية فى آن واحد وكانت الأولى بهذا الحجم منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، حينما كانت التفجيرات تنسف الباصات والمصارف والأسواق وتقض مضاجع الآمنين فى أنحاء متفرقة من تركيا ورغم أن الأسباب المعلنة من المتظاهرين هى الوقوف ضد إزالة اثنتى عشرة شجرة من حديقة جيزى التى تقع فى قلب ميدان اسطنبول، وعدم السماح بهدم مركز أتاتورك الثقافى لتحويله إلى دار للأوبرا

فإن الأسباب الحقيقية أبعد من ذلك، فقد سبق أن تم إزالة 450 شجرة من نفس الحديقة لبناء فندق فخم فى عهد الحكومات السابقة ولم يعترض أحد كما أن حزب العدالة والتنمية التركى قام بتشجير 900 ألف هكتار خلال عشر سنوات زرع خلالها 265 مليون شجرة منها 55 مليون شجرة زيتون.

لكن الأسباب التى دعت الأتراك للتظاهر وبعنف لاسيما من الأحزاب اليسارية والعلمانية والشيوعيين وغيرهم كانت تتعلق بالقوانين والإجراءات التى صدرت خلال أيام قليلة من قبل حكومة أردوغان وتتلخص فى قانون منع بيع الخمور من العاشرة مساء وحتى السادسة صباحا وهو الوقت الرئيسى لشاربى الخمور فى بلد شبه أوروبى وتنتشر فيه الخمور بشكل كبير.

وقد نجح أردوغان قبل ذلك فى إصدار قوانين سابقة تحد من بيع الخمور لكن القرار الأخير كان شبه منع لها مما أدى إلى غضب عارم لدى شاربى الخمور فى نفس الأسبوع تقريبا كان يتم نقاش قانون يقلل فترة السماح بالإجهاض من عشرين أسبوعا بعد الحمل إلى عشرة أسابيع فقط لكن أردوغان كان يريد تقليل المدة إلى أربعة أسابيع، مما أدى إلى ثورة عارمة لدى قطاع واسع ممن يعتبرون الإجهاض حقا مشروعا فى بلد لا يمانع العلمانيون واليسار فيه عن العلاقات خارج النطاق الشرعى للزواج.

فى نفس الوقت أعلن أردوغان عن البدء فى مشروع الجسر الثالث على مضيق البوسفور وأطلق عليه جسر السلطان سليم، والسلطان سليم هو الذى توسعت الدولة العثمانية وهو الذى دمر الدولة الصفوية ومن ثم فإن له ثأرا تاريخيا مع العلويين والشيعة الذين يشكلون ما يزيد على عشرة ملايين تركى.

علاوة على ذلك فإن دعاة الحفاظ على البيئة يعتبرون مطار اسطنبول الثالث الذى أعلن أردوغان عن البدء فى تنفيذه سيقضى على أكبر رقعة خضراء فى قلب اسطنبول، من ثم فإن قطاعا كبيرا الذين يقفون وراء الربيع التركى هم الذين يطلبون إطلاق بيع الخمور والإجهاض والعلويون الذين يكرهون السلطان سليم وغيرهم، لكن أردوغان قال للجميع الانتخابات بعد سبعة أشهر فلماذا لا تحسمون خياركم بالصندوق؟

Total
0
Shares
السابق

أسرار لقاء عمرو موسى وخيرت الشاطر

التالي

شماتة إسرائيل والغرب فى تركيا

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share