القرارات المتأخرة للرئيس محمد مرسي

قبل عدة أيام فكرت في الكتابة عن الموقف السياسي المصري مما يحدث في سوريا وأسباب التخاذل في السياسة المصرية تجاه الشعب السوري والكلام غير المفهوم الذي كان يردده الرئيس كلما تحدث عن سوريا فكل التصريحات التي كان يطلقها الرئيس مرسي لم أكن أفهم منها أين مصر الكبيرة؟ وفي أي طرف تقف؟ ولماذا تتلكأ حتى الآن في اعلان نصرتها الواضحة للشعب السوري؟
ولم أكن مقتنعا على الاطلاق بالتبريرات التي كانت تطلقها الحكومة المصرية أو التي كنت أسمعها من المسؤولين المصريين حينما أتناقش معهم في الأمر، غير أن الأحداث في تركيا شغلتني وقضيت أياما في إسطنبول وأنقره أحاول فهم أبعاد الموقف من الداخل فوقفت على معلومات هامة ربما أعود للكتابة عنها في الأيام القادمة.
غير أني فوجئت بظهور الرئيس مرسي يوم السبت الماضي ليعلن عن قطع العلاقات مع النظام السوري بشكل نهائي وسحب القائم بالأعمال المصري من هناك واغلاق السفارة في مصر، علاوة على اعلانه عداوة مصر لحزب الله الذي يقتل الشعب السوري، ورغم انتظاري لهذا القرار منذ تولي الرئيس مرسي السلطة الا اني تمنيت ألا يتخذه في هذا الوقت لأن هذا القرار للأسف الشديد جاء في اليوم التالي لقرار الادارة الأميركية والغرب بتسليح المقاومة السورية، ومهما كان القرار المصري مستقلا ونابعا من ارادة مصرية خالصة فإن التوقيت سيتيح المجال لمنتقدي سياسة مرسي وإدارته بأن قرارهم جاء بعد القرار الأميركي الغربي وأنه قرار تابع وليس نابعا من ارادة مصرية خالصة.
وكنت أود أن يتخذ مرسي هذا القرار قبل ذلك ولو بيوم واحد لكن التوقيت رغم كونه متأخرا الا أنه خانه أيضا، كنت أتساءل دائما وتساءلت في حلقة الأربعاء 5 يونيو الجاري في حواري مع نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي في برنامجي التليفزيوني بلاحدود، لماذا مصر الثورة لم تقف إلى جوار الثورة السورية والشعب السوري في الوقت الذي قامت فيه دول صغيرة مثل قطر بخطوات كبيرة وصلت إلى حد افتتاح سفارة للمقاومة السورية؟ لماذا تأخر الرئيس مرسي إلى هذا الوقت؟ ولماذا لم يتخذ قراره الا بعدما اتخذت أميركا والغرب قرارها حتى ولو دعائيا بدعم المقاومة السورية؟ واذا كان القرار المصري قرارا مستقلا فلماذا لم يعلن عن تعيين سفير للمقاومة السورية بعد طرد سفير النظام؟
ان التأخر الشديد في قرار دعم الشعب السوري من مصر الأم الكبيرة يستدعي أن يكون الدعم على قدر التأخر وعلى قدر الحماس والعاطفة التي ظهر بها الرئيس مرسي وهو يلقي خطابه الذي يعلن فيه قراراته المتأخرة.
نريد أن نعرف ماهي الخطوات التالية لهذه الخطوات، لأن مجرد الاعلان عن قرارات كان يجب أن تتخذ منذ تولي الرئيس مرسي السلطة يجب أن يستتبعه ما كان يجب أن تقوم به مصر من تحركات لصالح الشعب السوري طيلة عام كامل، فمصر لها ثقلها ووزنها في العالم أجمع ولو دخلت في الأمر بسياسة ورؤية واضحة لتغيرت كثير من الأمور.
ليس المطلوب من مصر أن تشارك في الحرب ولكن الدبلوماسية المصرية شديدة الضعف في كل المجالات يجب أن تتم اعادة صياغتها من جديد لتعيد الهيبة والمكانة لمصر وتفرض الاحترام على الكبير والصغير، كما أن المقاومة السورية تفتقد لأبسط أنواع الأسلحة والذخيرة التي تقاوم بها فضلا عن أن تحقق نصرا في المعركة، والغرب معروف بسياسته التي لعبها في الصومال وأفغانستان والعراق، وهو شريك في الجرائم التي ترتكب ضد الشعب السوري من بدايتها إلى نهايتها وما يهمه في المسألة هو مصالح اسرائيل ومصالحه لذا يجب أن تكون هناك رؤية مصرية خالصة نابعة من أهمية سوريا بالنسبة لمصر وأنها العمق الاستراتيجي لها على مدار التاريخ.
انني أحمل الرئاسة المصرية والسياسة المصرية تجاه سوريا مسؤولية كبيرة تجاه ما جرى للشعب السوري خلال العامين الماضيين وأعتقد أن الموقف المصري الضبابي من سوريا لعب دورا في استئساد النظام ضد الشعب وفي زيادة عدد الضحايا واللاجئين واطالة أمد الحرب وجرائم النظام البشعة، وأعتقد أن الشعب السوري ينتظر من الرئيس مرسي ما هو أبعد من القرارات العاطفية والخطاب الحماسي الذي ألقاه.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

سقوط الإعلام الغربى فى تركيا

التالي

العلم المصرى فى ميدان تقسيم

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share