صناعة الإشاعات في مصر

صناعة الاشاعات وترويجها حرفة، فمن الممكن أن تصنع إشاعة لكنك تعجز عن ترويجها، وفي مصر يتم صناعة عشرات الاشاعات كل يوم وترويجها بشكل عالي المستوى، وتتوقف نوعية الاشاعات وشكلها على الجهات والأشخاص المستهدفين من ورائها. أما الجهات التي تصنع الاشاعات وتروجها فإنها تتنوع بين أجهزة أمنية أو أحزاب سياسية أو صحفيين من الذين يستأجرون لمن يدفع فيصنعون الاشاعة ثم يروجونها ويتركون الطرف المتضرر منها ينفي أو يسكت، حتى صارت بعض الجهات في مصر وعلى رأسها الجيش ومؤسسة الرئاسة ليس لها عمل كل يوم سوى نفي الاشاعات التي تروج عنها.
والاشاعات لا تروج بهذه الطريقة التي تجري في مصر إلا في المجتمعات التي تعاني من الضعف والتفكك والمشاكل النفسية والاجتماعية والسياسية ومراحل التحول والضبابية السياسية، وقد أصبح المصريون يصدقون كل اشاعة حتى وهم على غير قناعة بها، ومن كثرة الاشاعات في مصر فإن الاشاعات الجديدة سرعان ما تنسي الناس القديمة حتى لو كانت مناقضة لها، وخطورة صناعة الاشاعات في مصر هذه الأيام أنها لا تقف عند حد الأشخاص أو الهيئات أو الأحزاب أو الوزراء أو المحافظين أو الحكومة أو رئاسة الجمهورية وإنما أصبحت تمس جوانب خطيرة تتعلق بالجيش والأمن القومي المصري الذي يجب أن يكون مصونا من جميع المصريين وبعيدا عن المهاترات السياسية والنميمة الاجتماعية والأكاذيب الاعلامية، وهذا يحمل مؤشرا خطرا على أن تكون أجهزة استخبارات غربية وإسرائيلية تعمل بجد داخل المجتمع المصري في صناعة وترويج هذه الاشاعات التي يمكن أن تمس جيش مصر أو أمنها القومي، لاسيما في حالة السيولة والفوضى التي تضرب أركان المجتمع، وعلى سبيل المثال لا الحصر حينما اجتمع الرئيس مرسي مع وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي مساء الأحد الماضي صورت بعض وسائل الاعلام الاجتماع وكأنه شبه انقلاب عسكري ، ربما تكون الظروف التي تمر بها مصر دعت صانعي الاشاعات إلى ذلك، كما أن حجم الاشاعات التي نشرت بعد الاجتماع لاحدود له وكثير منها يضر بالأمن والاستقرار في البلاد، ولا نستطيع هنا أن نطلب من صانعي الاشاعات أن يكفوا فهذه حرفتهم لاسيما إذا كان وراءها جهات تلعب في أمن مصر واستقرارها ويهمها أن تبقى البلبلة والأكاذيب والوقيعة قائمة في المجتمع لخدمة جهات وأطراف خارجية أو داخلية لا يهمها أن تستقر مصر أو تنجح ثورتها أو يدخل شعبها مرحلة الانتاج واستعادة مجد مصر ومكانتها، ولعل الرئاسة تتحمل القسط الأكبر من مسؤولية سلبية نشر هذه الاشاعات بسبب أسلوبها في علاج الأزمات التي تمر بها البلاد.
لا يمر يوم دون أن يستهدف الجيش أو المؤسسات الأمنية بالاشاعات، ومن يتابع هذه الاشاعات يجد أن صناعها يضربون أمن مصر القومي بعمق، وإذا راقبنا أداء الجيش المصري خلال العام المنصرم نجد أن عملية إعادة بناء الجيش تجري على قدم وساق من خلال التدريبات والمناورات وإعادة التسليح بعدما ترهل الجيش لسنوات طويلة في ظل مبارك، كما أن الجيش لم يعد يتدخل بشكل مباشر في مجريات السياسة رغم محاولات الساسة الفاشلين جره إلى الساحة من جديد، إن حماية جيش مصر هي مسؤولية كل مصري وإن كل الاشاعات والأقاويل التي تريد النيل من الجيش أو جره إلى ساحة السياسة مرة أخرى وإبعاده عن استراتيجية إعادة بنائه مصدرها هو إسرائيل وأعداء مصر، ومن يروجها فإنه يخدم أعداء مصر ويجب أن يحارب المصريون الاشاعات وأن يتفرغوا لبناء بلدهم، يكفي أن الذين حكموا مصر خلال الستين عاما التي سبقت الثورة أخرجوها من الوجود وهمشوا دورها في كل المجالات، وقد كانت مصر على مدار التاريخ منارة للعلم والثقافة والمعرفة والحضارة، وآن لشعب مصر أن يعيد لمصر ما كانت عليه، وأن يحارب الاشاعات وصانعيها، الشعوب المنتجة العاملة لا مجال للاشاعات في حياتها، أما الشعوب الفارغة فإنها تصنع الاشاعات وتعيش في أوهامها حتى تبقى بعيدة عن صناعة الحياة، وشعب مصر ليس كذلك ولن يكون، وجيش مصر يجب أن يبقى مصونا حتى يتفرغ لحماية البلاد من المكائد والمؤامرات.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

مكاسب إسرائيل من وراء ما يجرى فى مصر

التالي

«أكبر نذل فى عصرنا»

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share