فتاوى جون كيري : لاعلاقة للدين بالثورات العربية

سبق أن كتبت عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأنه الوزير الأسوأ في تاريخ وزراء الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية من كافة النواحي سواء من ناحية الشكل أو الأداء لكن الرجل يتفوق على نفسه في السوء يوما بعد يوم ويحول دور وزارة الخارجية من وزارة دورها صناعة الديبلوماسية والعلاقات الخارجية إلى وزارة الاستخبارات ودعم الانقلابات العسكرية.
ففي الكلمة التي ألقاها يوم الأربعاء الماضي 20 نوفمبر أمام المجلس الاستشاري للأمن الخارجي في وزارة الخارجية الأميركية في العاصمة واشنطن تحول كيري من وزير متبلد الحس والشكل والأداء إلى مفتي للثورات العربية يحلل للعرب أسباب ثوراتهم ودوافع من قاموا بها ويبصرهم بما جهلوا ويفلسف التطورات ويبعد الدين عن كل شيء وكأنه يتحدث عن بلاد لا هوية لها ولا ثقافة ولا تاريخ وإنما أمة العرب جاءت من الفضاء وتعيش في الفراغ همها الطعام والشراب والبحث عن وظائف.
فيتحدث بداية عن الثورة التونسية فيقول «بائع الخضار التونسي الشاب محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه وأشعل الثورة في تونس لم يفعل ذلك بدوافع دينية أو أيديولوجية وإنما تصرف ردا على صفعة من عنصر بالشرطة، لقد أتعبه الفساد وأراد الحصول على فرصة للحياة عبر بيع بضاعته».
هكذا أوجز المفتي جون كيري أسباب الثورة وهو يركز في كلامه على أن الدين بعيد تماما عن المسألة ولم تكن فتواه خاصة بالثورة التونسية فقط وإنما ذهب إلى ميدان التحرير أيضا وعايش اندلاع الثورة المصرية وواكبها حتى حاربها هو وحكومته ودعم الانقلاب العسكري جهارا نهارا فقال عن الثورة المصرية «وأؤلئك الشباب في ميدان التحرير بالقاهرة لم يتحركوا بدافع ديني أو أيديولوجي وإنما بسبب ما شاهدوه حولهم في هذا العالم وقد أرادوا الحصول على فرص وعلى تعليم ووظائف ليضمنوا مستقبلهم، أرادوا أيضا التخلص من حكومة فاسدة حرمتهم من كل هذا».
هكذا ببساطة شديدة حدد كيري الدوافع والأسباب ولم يفته أن يؤكد بشكل مباشر على أن الدين بعيد تماما عن كل ما يجري في مصر وكأنها دولة بلا دين ولا هوية فقط الناس جوعى ويبحثون عما يسد رمقهم حيث ينفذ إلى هدفه المباشر من وراء هذه الهرطقات فيقول إن شبان التحرير نظموا اعتصاماتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي وحققوا ثورتهم «التي سرقتها لاحقا الجماعة الأكثر تنظيما وهي جماعة الإخوان المسلمين».
لقد تجاوز كيري كل الأعراف والوسائل الديمقراطية التي باشرها الشعب المصري لأول مرة بعد ثورة عبر خمسة استفتاءات وانتخابات أثبت من خلالها أنه شعب الحضارة والعراقة والتاريخ، وأن الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب ليست سوى دجل وشغوذة حينما يمارسها الشعب المصري لكنها ديمقراطية وحضارة حينما يمارسها الأميركان.
لقد أخطأ الإخوان المسلمون دون شك في إدارتهم للدولة لأسباب كثيرة لا مجال لتناولها هنا وسبق أن تناولنا الكثير منها وهم في الحكم لكن ما حدث في مصر كان خيارا لشعب مصر وكان نتاجا لممارسة ديمقراطية عريقة، ولم يكن سطوا من أحد.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
عبد الغفار شكر

عبد الغفار شكر (5) : عبد الناصر انحاز للفقراء .. لكنه أقام نظاماً سلطوياً

التالي

أردوغان يرد على السيسي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share