فتيات سبعة الصبح

لم تكن فتيات المدارس الاعدادية و الثانوية وبعض طالبات الجامعة في الاسكندرية يدركن ان حركة «سبعة الصبح» التي اسسنها ستصبح حديث الناس وشغل المنظمات الحقوقية والقانونية والاعلامية الدولية منذ يوم الاربعاء الماضي وحتى الآن وربما غدا ولأيام طويلة، وان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي لا يهش ولا ينش سيصدر بيانا يعلن فيه عن قلقه – وهو نادرا ما يقلق – بشأن مصيرهن بعدما حكمت عليهن محكمة في الاسكندرية بالسجن احد عشر عاما وشهرا لانهن خرجن للتظاهر ضد الانقلاب في الساعة السابعة صباحا وهو الوقت الذي يصادف ذهاب الطلاب والموظفين و العمال الى اعمالهم صباحا وهو في نفس الوقت الاسم الابداعي للحركة التي اعلن عن تأسيسها.
لم يتصور احد ان هؤلاء الضعيفات الصغيرات اللائي لا تزيد اعمار بعضهن عن اربعة عشر عاما يمكن ان يثرن الدنيا ويحركن الامين العام للامم المتحدة الذي لم يتحدث ببنت شفة ضد الانقلاب منذ وقوعه في 3 يوليو ليعرب عن قلقه على مصيرهن، وقد ساعد في هذه الضجة الكبرى القاضي الذي اصدر حكما فاسدا كامل الاركان والاكثر من ذلك انه ربما كان يريد الشهرة فسمح لكاميرات التليفزيون ان تدخل للقاعة وهو ما يرفضه كثير من القضاة رغبة في تصويره حتى يكون هو حديث الناس ولكي يتقرب للسيسي وقادة الانقلاب لكن الكاميرات ركزت على الطالبات اللائي ظهرن امام الاعلام العالمي بصورة دمرت الانقلابيين واظهرت فسادهم وفساد قضائهم ومحاكماتهم القائمة على الانتقام حتى من طالبات صغيرات كانت البراءة تكسو وجوههن الوضيئة وابتساماتهن التي جلبت لهن التعاطف الدولي والمحلي وجعلت كثيرا من مؤيدي السيسي والانقلابيين ينقلبون عليهم وقد تمثل هذا في مظاهرات الجامعات التي ملأت اركان مصر و أدت الى استقالة جماعية للاتحادات الطلابية وتعطيل للدراسة والامتحانات في الجامعات وغضبة طلابية غير مسبوقة ادت الى تغير مسار الحراك الطلابي في مصر بانضمام كثير من الطلاب الذين كانوا لا يشاركون في التظاهرات اليها، كما كانت التظاهرات العارمة التي ملأت أرجاء مصر يوم الجمعة الماضي غير مسبوقة منذ مدة طويلة واعادت زخم ثورة الخامس و العشرين من يناير الى روح الشعب المصري كما ان كثيرا من الحركات التي دعمت الانقلاب حلت نفسها مثل حركة تمرد في مرسي مطروح وبعض المدن الاخرى حيث اعلنوا حل الحركة والانضمام الى مسيرة الحراك الثوري التي تملأ مصر، كما زادت نسبة النساء اللائي يشاركن في التظاهرات ضد الانقلاب بشكل ملحوظ والامر لم يعد متوقفا على المحجبات فقط بل تجاوزهن الى فئات كثيرة في المجتمع حتى ان مستشارة الرئيس المؤقت عدلي منصور خرجت على وسائل الاعلام للتحدث عن امكانية عفو الرئيس الذي لا حول له ولا قوة عن الفتيات اللائي حكم عليهن بهذا الحكم الصادم ، لكن خرج عليها من يقول لها ان الرئيس المؤقت ان كان له قرار فهو لا يستطيع اصدار العفو إلا بعد الحكم النهائي وليس الحكم الابتدائي المهم ان هذا القاضي ورط السيسي والنظام الانقلابي كله في الحكم الذي اصدره، لكن هذا الحكم أدى الى حراك شعبي غير مسبوق على مستوى النساء وعلى مستوى الطلاب وعلى مستوى الاسر التي رأت في كل طالبة منهن ابنة لها، اما على المستوى العالمي فقد اكدت ان هناك انقلابا غاشما ليس لديه سوى قانون الغاب يطبقه حتى على الاطفال.
ستدخل حركة «سبعة الصبح» التاريخ بل قد دخلت بالفعل.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الأحكام الفاسدة لأحذية العسكر

التالي

انتخابات على أكوام الجثث

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share