الحرب على الأرامل والأيتام والفقراء

لم تتوقف حرب الانقلابيين في مصر ضد الذين عارضوا الانقلاب واحتشدوا في الميادين فقتلوا واعتقلوا أو الذين يلاحقون الآن كلما خرجوا للشوارع للتظاهر أو ملاحقة الذين دعموا الانقلاب ووقفوا إلى جواره واعتقالهم وإصدار أحكام قاسية عليهم، ولكنه وصل الآن إلى طبقة من المصريين كانت خارج كل سياقات المواجهة وهي طبقة الأرامل والأيتام والفقراء الذين يزيدون في مجموعهم على 60 % من عدد سكان الشعب المصري البالغ تسعين مليون نسمة.
ومعنى ذلك أننا نتحدث عن الطبقة العظمى من الشعب وإذا حاولنا التدقيق والوصول إلى قاع الفقر نجد أننا أمام ما لا يقل عن 30 مليون مصري هؤلاء أو أكثر منهم بكثير يعيشون على الإعانات التي تأتي من الجمعيات الخيرية وليس على ما يأتي من الدولة لأن الدولة عادة ما تأخذ ولا تعطي،
وقد نشأ في مصر خلال العقود الماضية مئات من الجمعيات الخيرية الأهلية التي لعبت الدور الرئيسي في سد احتياجات الفقراء والأرامل والأيتام وسعت لردم الهوة الواسعة التي قصرت فيها الدولة عن رعاية أبنائها، وقد شملت أعمال هذه الجمعيات كافة مجالات الحياة، مثل رعاية الأيتام والإنفاق عليهم حتى يتموا تعليمهم والمساهمة في زواجهم، وكذلك الأرامل اللائي توفي أزواجهن وليس لهن عائل ولا مورد، وتوسعت بعض هذه الجمعيات في أعمالها فأسست المستوصفات الطبية التي ترعى الفقراء وكذلك المستشفيات والجمعيات الطبية ورعاية المعوقين ومرضى الكبد ومرضى الكلى وغيرها من الأمراض التي تعصف بحياة المصريين جراء السياسات الحكومية الفاسدة وأبرز الجمعيات العاملة في هذا المجال الجمعية الطبية الإسلامية التي أسست عشرة مستشفيات تخدم في الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية وتخدم ما يزيد على خمسة ملايين مصري، أما الجمعية الشرعية التي أسست قبل حوالي مائة عام فإنها تقدم خدمات لنصف مليون أسرة مصرية رعاية لأيتام وأرامل، وتقدم خدمات طبية كذلك وصلت إلى حد إنشاء مستشفيات على مستوى عال ترعى الفقراء الرعاية التي تقدمها الدولة، وهي جمعية شبه حكومية ومن منهجها أنها لا تتدخل في السياسة كذلك جمعية أنصار السنة المحمدية وهي من الجمعيات القديمة العتيقة التي لا تتدخل في السياسة ويكاد أمن الدولة يديرها كما يدير عشرات الجمعيات الأخرى، هذه الخدمات التي من المفترض أن تتركها الدولة لأنها ترعى قطاعا واسعا من المصريين الفقراء قصرت الدولة في رعايتهم، فوجئ الجميع بقرار صدر يوم الاثنين الماضي 23 ديسمبر عن الحكومة المصرية يقولون إنه تنفيذ لحكم قضائي صدر في سبتمبر الماضي بتجميد أموال 1055 جمعية أهلية على رأسها هذه الجمعيات التي تقدم رعاية في كافة المجالات لأكثر من 30 مليون مصري ولا تتدخل في السياسة وليس لها علاقة بأن الذي يحكم مصر محمد مرسي أو عبد الفتاح السيسي وتقدر أموال هذه الجمعيات بعدة مليارات ومعنى تجميد أموالها هو تدمير لحياة ثلث الشعب المصري الذي يعتمد عليها .

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الحرب على قضاة مصر الشرفاء

التالي

محاولة الهروب من المحاكمة الدولية

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share