المهمة المستحيلة للحكومة التونسية

سبق ان اشرت في مقال سابق الى ان اصعب ما يواجه حكومات التكنوقراط هو كون القائمين عليها بعيدين دائما عن واقع الناس وهمومهم، وقد تمثل ذلك في الحكومة التونسية بقيادة مهدي جمعة بامتياز من جانبين الاول هو كون اعضائها من المتخصصين والثاني ان كلهم أو اغلبهم كانوا يعيشون خارج تونس سواء كانوا يعملون في مؤسسات دولية او يقيمون في دول اخرى وهذا يجعلهم بعيدين تماما عن واقع الشعب التونسي وهمومه. ومع ذلك فهناك ارتياح داخلي للحكومة التي تعتبر مهمتها الاساسية تنظيم الاتنخابات التشريعية والرئاسية قبل نهاية العام الجاري 2014، ودون شك فان الوضع التونسي بعد الثورة اصبح معقدا الى حد كبير ويكفي ان هذه هي الحكومة الخامسة خلال ثلاث سنوات، وهذا يعني عدم الاستقرار في البلاد وعدم الاستقرار يعني ان المستثمرين لا يضخون المال ولا يقيمون المشاريع ويعني ايضا ان المسؤولين يصبحون الى حد ما مشلولين عن اتخاذ قرارات حاسمة يمكن ان تحلحل الوضع خوفا من محاسبتهم بعد ذلك في ظل ان الدستور لم يتم اقراراه الا قبل اسابيع كما ان كل وزير يمكن ان يجد نفسه خارج الوزارة في اي لحظة .
لكن رئيس الحكومة مهدي جمعة حاول في الاسبوع الماضي السعى لاخراج الحكومة والبلاد من المازق الاقتصادي الخانق، فقام بجولة في الدول الخليجية من اجل الحصول على الدعم الذي يمكن حكومته من اكمال مهمتها وبغض النظر عن الوعود التي سمعها فان مهمته ستكون شبه مستحيلة، لان الدول الخليجية او غير الخليجية لا تستثمر في ظل اوضاع سياسية غير مستقرة وحكومات تتبدل كل ستة اشهر او كل عام، الدعم لا يأتي الا مع الاستقرار والاستقرار هو ما ينبغي ان تصنعه حكومة مهدي جمعة عبر البحث عن حلول للمشاكل الداخلية في البلاد ومنها مشكلة الاضرابات الخاصة بمناجم الفوسفات التي تعتبر تونس واحدة من دول العالم الاولى في تصديره كما انه كان المصدر الرئيسي للدخل في البلاد مع السياحة، فمنذ قيام الثورة والاضرابات تعم هذا القطاع مع عجز أو قلة حيلة من الحكومات المتعاقبة لحل هذه المشكلة وهذا الامر يجعل تونس تخسر كل يوم عشرات الملايين من الدولارات وقد خسرت جراء الاضرابات في هذه القطاع وحده منذ قيام الثورة ما يزيد على اربعة مليارات دولار وهو مبلغ اكبر من اي دعم يمكن ان تحصل عليه تونس من اي دولة، من ثم يجب ان يتوجه رئيس الحكومة التونسية للداخل ليحل المشكلات التي يمكن ان تحرك اقتصاد بلاده في الاشهر التي بقيت من عمر حكومته ويركز في انجاز مهمته حتى يسلم البلاد الى حكومة منتخبة يمكن ان تثق بها الدول وتقدم لها ليس الدعم وانما المشاركة الاقتصادية في المشروعات المختلفة فتونس تملك من المقومات ما يجعل كثيرا من الدول الاوروبية يعتبرونها مرتكزهم وطريقهم الى القارة الافريقية، لكن هذا لا يأتي الا عبر الاستقرار والاستقرار لن تصنعه حكومات مؤقته ذات مهام محددة وانما تصنعه حكومات مستقرة تأتي عبر صناديق الاقتراع، هناك حلول داخلية كثيرة داخل تونس لكن الحل الاسهل هو البحث عن الدعم من الخارج لكن الخارج لن يدعم تونس دون استقرار من ثم فان الحكومة التونسية اذا اصرت على البحث عن الحلول من الخارج فانها تواجه مهمة مستحيلة.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
محمد محسوب

محمد محسوب (8) : مقتل جنود رفح و مخطط العسكر لجر مرسي للمواجهة .. وتكرار الإخوان لأخطائهم

التالي
محمد محسوب

محمد محسوب ج9 : نفاق السيسي للرئيس محمد مرسي وخداعه

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share