التحديات أمام مصالحة فتح وحماس

أصيب الإسرائيليون بالهستيريا بعد اتفاق المصالحة الذي وقع في غزة في الأسبوع الماضي بين حركتي فتح وحماس، ولم يكن حبر التوقيع قد جف حينما صدرت التهديدات من كل القوى الإسرائيلية ضد غزة وضد السلطة الفلسطينية التي تجرأت وخالفت المبدأ الصهيوني الأساسي «فرّق تسد» الذي بنت عليه كل من إسرائيل والدول الغربية سياستها تجاه دول المنطقة فقسمت العالم العربي إلى دول والدول إلى دويلات والدويلات يتم تقسيمها الآن إلى أشلاء أما الحركات السياسية داخل الوطن الواحد فقد تدخلوا وقسموها إلى عشرات الأقسام لأنهم عادة لا يسيطرون بقوتهم فقط وإنما بضعف وتشرذم وتمزق من أمامهم.
المسؤولون الإسرائيليون جميعا أدلوا بتصريحات معادية ومحذرة من المصالحة بين حركتي فتح وحماس ومن بين هذه التصريحات ما أدلى به رئيس الكنيست الإسرائيلي يولي إدلشتاين حيث قال «إن المصالحة تعني عمليا تشكيل حكومة معادية تستهدف السعي للقضاء على إسرائيل» وفي هذا الإطار هاجم كل السياسيين والعسكريين الإسرائيليين الاتفاق ولأنهم يقومون بشيطنة حركة حماس من البداية ويعتبرونها العدو اللدود لإسرائيل والغرب حيث نجحوا في إقناع الدول الغربية في اتخاذ موقف مؤيد لهم ضد حماس فقد انصب هجومهم على حليفهم محمود عباس وحركة فتح التي اتهموها بأنها تحالفت مع الشياطين وأنها سوف تقوم بتسليم السلطة لهم لأن حماس حتما سوف تفوز في أي انتخابات حرة ونزيهة تجري في غزة والضفة كما جاء على لسان كثير من الساسة الإسرائيليين، وهذا يعني أن التحديات التي أمام هذا الاتفاق كثيرة ولا نهاية لها وأولها التحديات الداخلية، أي من أطراف حماس وفتح، لأن كل اتفاق بين أي طرفين يجد معارضين له في الداخل من كلا الطرفين، وإذا نجحت كل من فتح وحماس في إقناع أنصارهما بأهمية الاتفاق في هذا الوقت وأنه ضرورة لكلاهما فإن هناك من يدفع بضرورة عدم إتمام هذا الاتفاق لأنه يخالف كثيرا من مبادئ حماس كحركة تحرر من وجهة نظر بعض أطرافها، أو أنه يصطدم بمصالح شخصية وطموحات لبعض الأطراف لدى حركة فتح، أما التحديات الخارجية فهي كثيرة ولا نهاية لها، حيث أن السلطة الفلسطينية تعيش على المساعدات الخارجية، ومعنى هذا أن المساعدات الخارجية للسلطة سوف تتأثر بشكل كبير، كما أن إسرائيل قد أعلنت بالفعل عن تجميد بعض المستحقات للسلطة وهذا تحد آخر كبير، لأن السلطة من البداية قامت على المساعدات ولم تكن يوما من الأيام كيانا مستقلا بموارده أو بقراره والآن حينما أصبح التحالف مع حماس ضرورة أجبرت عليها السلطة وقعت في فخ المساعدات والموارد، وربما أدركت إسرائيل من البداية هذه النقطة فجعلتها المقود الذي يدفعها للضغط على السلطة كلما حاولت أن تخرج عن الالتزامات التي وقعتها مع الإسرائيليين.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتفق فيها كل من فتح وحماس، لكن التحديات التي أمام هذا الاتفاق يمكن أن تحوله إلى رقم من أرقام الاتفاقات الكثيرة التي وقعت ثم تم الاختلاف عليها، ويمكن أن تحوله إلى واقع يمكن أن يغير الكثير من الركود القائم في الساحة الفلسطينية ويجبر إسرائيل على القبول بكثير مما ترفضه، وسوف تكشف الأيام القادمة مستقبل هذا الاتفاق.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

السيسي.. السيناريو الأسود «2»

التالي
عبد الفتاح مورو

عبد الفتاح مورو ج 2 من بلا حدود : انحراف الحركات الإسلامية فى السلطة عن المسار الصحيح

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share