هدية البشير للصادق المهدي

«لقد قدم النظام لنا هدية سياسية ما كان لنا ان نحققها بسهولة» هكذا ابلغني الصادق المهدي في زيارتي له في بيته في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس الماضي 15 مايو قبيل توجهه الى نيابة امن الدولة للتحقيق معه في البلاغ المقدم ضده حول تصريحاته التي انتقد فيها قوات التدخل السريع وما تقوم به في دارفور وكردفان وغيرها من المناطق الاخرى.
وقد تعرض الصادق المهدي زعيم حزب الامة لهجوم عنيف في جلسة الاربعاء الماضي في البرلمان السوداني الذي يسيطر عليه حزب المؤتمر الوطني الحاكم، واتهمه رئيس المجلس الوطني الفاتح عز الدين بالطعن في ظهر الجيش وهيبة الدولة وولوج في خط احمر لا تقبل فيه لومة لائم، وقد وصل الامر بأعضاء البرلمان الذين تناوبوا على نقد الصادق المهدي والهجوم عليه ان دمغوه بالخيانة العظمى، والصادق المهدي لمن لا يعرفه هو سياسي ومفكر سوداني بارز وامام الانصار ورئيس حزب الامة، رأس الحكومة السودانية مرتين الاولى بين عامي 1966 و1967 والثانية بين عامي 1986 حتى اسقطه انقلاب البشير عام 1989 ، جده الاكبر محمد احمد المهدي قائد الثور المهدية في السودان ضد الاحتلال البريطاني، وقد اصبح ابرز معارضي نظام البشير الذي انقلب عليه لكنه يتهم الآن بأنه من داعمي النظام وأن احد ابنائه مساعد للرئيس والآخر ضابط في الامن، وقد شارك الصادق المهدي مع اطراف المعارضة مؤخرا في الحوار مع النظام وعودة اللحمة الوطنية بعدما مزقت السودان ودخلت في حروب اهلية كبيرة استنزقت طاقتها وثرواته حتى ان تكلفة يوم واحد من الحرب تعادل دخل السودان لمدة شهر كما ذكر ذلك وزير المالية السوداني، وقد بدأ الحوار بالفعل يؤتي ثماره بعدما اعلنت المعارضة اعضاءها السبعة يوم الخميس الماضي الذين يقابلون الاعضاء السبعة من الحكومة، لكن وسط هذه الاجواء استدعت نيابة امن الدولة الصادق المهدي الذي كان يتهم من المعارضة بأنه حليف البشير، ومع الهجوم الشديد عليه تحلقت كل القوى السياسية حول الصادق المهدي داعمة له وقد حضر معه التحقيق اكثر من مائة محام من كل التيارات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار كما اجتمع حوله المئات من انصاره، اما التهم الموجهة للصادق المهدي فهي تهم جنائية وفق المواد 66 و69 و195 من القانون الجنائي السوداني بعضها يوجب عليه لو ثبت حكم الاعدام، حيث انتقد أداء قوات التدخل السريع وطالب بالتحقيق فيما ترتكبه من جرائم بحق السكان يمكن ان تؤدي الى اشكالات عرقية واثنية لا تندمل بعدها الجراح، وقال ان لديه من الادلة التي سيقدمها للنيابة ما يدمع الاتهامات الموجهة اليه، توجه الصادق المهدي بعد لقائي به للنيابة التي استمعت له في اقل من نصف ساعة ثم افرجت عنه بكفالة شخصية رغم ان هذه التهم لا يتم الافراج فيها عن المتهمين بكفالة، وخرج الصادق المهدي رابحا اما بترتيب النظام او غبائه، ليبرز كمعارض بارز للنظام رغم انه حليفه الآن.
حيث يلتف الناس عادة حول المظلوم او الشخص الذي يواجه النظام ويصبح هذا الشخص بطلا في عيون الناس، ولو دفع الصادق المهدي الملايين ليجمع الناس وكبار المحامين من كل الاتجاهات السياسية كما اجتمعوا حوله يوم الخميس الماضي ما نجح، لكنها كانت هدية كبيرة قدمها له نظام الرئيس البشير.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

نهب ثروات الشعب المصري

التالي
الهادي البكوش

الهادي البكوش (1) : خطة فرنسا لتنصير الشعب التونسي..ونشأة المقاومة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share