فرق تسد ترتد لأصحابها

نشر المقال فى 30 يونيو 2016

أنفقت بريطانيا وتحديدا أجهزة استخباراتها الخارجية مئات الملايين من الجنيهات الأسترلينية خلال القرن الماضي من أجل تمزيق العالم الاسلامي من خلال سياسة (فرق تسد) ورغم أن دولا كبرى أخرى كانت تحتلها بريطانيا مثل الهند إلا أنها لم تعمل على تمزيقها وتفتيتها وأبقتها كما هي، لكن قبل مائة عام نجحوا مع الفرنسيين ومعهم الروس في عهد الامبراطورية من إنجاز وتحقيق اتفاقية (سايكس بيكو) التي أفرزت الدول العربية المتشرذمة والمتصارعة الآن، ورغم أن الأميركان برزوا كقوة عظمي بعد الحرب العالمية الثانية وورثت بالقوة نفوذ بريطانيا وفرنسا في العالم العربي والاسلامي إلا أن العقل المدبر للأميركان بقي البريطانيون بدهائهم ومكرهم ونفوذهم وقدرتهم الهائلة علي صناعة الولاءات وشرائها، ولو نظرنا إلى تاريخ الدول العربية منذ أن تم تمزيقها قبل مائة عام حتى الآن لا نجد سوى الصراعات والخلافات بين زعمائها، وقد نجح البريطانيون بعدما مزقوا الدول العربية في صناعة هيئة للعرب يديرون خلافاتهم من خلالها هي الجامعة العربية فهي مؤسسة بريطانية لكنها هي الغطاء الرسمي للنظام العربي ولم تكن أبدا منذ تأسيسها إلا كما أرادها البريطانيون مكانا تدار فيه الخلافات والمؤامرات وليس التوافق أو الاتفاق، كما نجح البريطانيون في صناعة الاعلام لكل دولة حتى أن أمير الشارقة انتقد صراحة قبل عدة أسابيع الأعلام التي صنعها البريطانيون للعرب وأصبحت رموزا لهم يقفون لتحيتها أو بالأحرى تحية من صنعها لهم.
بريطانيا تعيش الآن انقساما مجتمعيا لم تشهده في تاريخها، وهي مهددة بالفعل أن يجري عليها ما أجرته علي الدول التي احتلتها، فرغم أن الامبراطورية البريطانية انزوت وانتهت جغرافيا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية إلا أن نفوذ البريطانيين بقي الأقوى في كل المستعمرات التي كانت تابعة لهم، ومن ثم ظلوا يعيشون بعقلية الامبراطورية، لكن الاستفتاء الأخير الذي قضى بخروجهم من الاتحاد الأوروبي مثل ضربة قاصمة في كل مجالات الحياة لديهم، وجعل سلاح (الفرقة) الذي طالما استخدموه يضرب بقوة في كل أنحاء البلاد حتى أن الفرقة التي يعيشونها الآن وصفت بأنها الأسوأ في تاريخ البريطانيين، وليس من السهل أن يتعافى منها المجتمع في وقت قريب، بل إن هذه العدوى قد تضرب أوروبا كلها بعدما نادي أكثر من خمسين حزبا يمينيا في أنحاء أوروبا بإجراء استفتاء مشابه لما جري في بريطانيا حتى تقرر كل دولة أوروبية هل تبقي أم تغادر لتعود أوروبا إلى الفرقة التي كانت عليها قبل مائة عام أما بريطانيا فوضعها أصعب وأخطر لاسيما وأن كلا من اسكتلندة وإيرلندة يطالبون باستفتاء للخروج عن المملكة المتحدة.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

استغلال تفجير الكنائس فى فرض المزيد من القمع

التالي
حسن الترابي

حسن الترابي ج 12: تورط الجبهة الإسلامية بمحاولة اغتيال مبارك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share