مسرحية كيري لافروف الدموية

نشر المقال فى 27 سبتمبر 2016

غداً الأمر أشبه بمسرحية هزلية لوزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرجي لافروف، فعدد الاجتماعات التي عقدها الوزيران بخصوص سوريا أصبح قريباً من العدد شبه اليومي للقتلى جراء القصف الروسي غير المسبوق لمدينة حلب والذي يزيد قليلاً على مائة قتيل كل يوم معظمهم من النساء والأطفال والمدنيين العزل، حيث تستخدم روسيا أسلحة جديدة تجرب لأول مرة في الحروب من بينها الصواريخ الفراغية التي تمتص الأكسجين في المناطق التي تطلق فيها وتدمر الرئة أو تصيبها بجروح بليغة تؤدي إلى القتل الفوري أو إلى عذاب مميت للجرحي، كل هذا يجري بينما يتبادل كل من كيري ولافروف الاتهامات واللوم حول فشل الهدنة التي لم تبدأ في الأساس، أما مكلمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقلق الأمين العام بالليل والنهار فقد أصبحت لغة ممجوجة خالية من الحس الإنساني أو الضمير الآدمي، فالذين يدمرون سوريا على رؤوس من فيها سواء كانوا الروس أو حلفاءهم الإيرانيين أو النظام العلوي أم الدول الغربية التي تشجع وتنتقد وتقسم المقاومة السورية إلى متشددة ومعتدلة حتى تبيح القتل والدمار تحت ذريعة الحرب والإرهاب على المتشددين هؤلاء جمعاً ليسوا مجرد شركاء في الجريمة فحسب، بل إنهم تحولوا إلى حيوانات في ثياب بشرية، لأن الآدمية في حدها الأدنى لا تقبل أن ترى ما يجري في سوريا ثم تقدم المبررات والأعذار بأن ما يجري هو حرب ضد المتطرفين بينما ما نراه على شاشات التلفزة من القتلى والجرحى أنهم ليسوا سوى من المدنيين العزل وما يتم قصفه هو الأسواق والبيوت الآمنة، أما جلسة مجلس الأمن التي عقدت مساء الأحد فبعد متابعتي لبعض الكلمات التي ألقيت فيها لم أجد في لغتها الركيكة سوى تشجيع روسيا التي تملك حق الفيتو لتعطيل أي قرار يتخذه المجلس
لقد بلغت مسرحية «كيري لافروف» ذروتها حينما أعلن الوزير الأميركي كيري صاحب الوجه الصخري والفشل الدبلوماسي الذريع بأنه لم يعد هناك خلاف على بقاء الأسد وأنه سيكون طرفاً في أي حل قادم وهذا باختصار ما شجع روسيا وإيران علي محاولة فرض واقع جغرافي جديد في سوريا يتم من خلاله طرد السنة من معظم المناطق المحيطة بإسرائيل لتكون دولة علوية تحمي إسرائيل وأمنها بمساعدة إيران وحزب الله مقابل بقاء الأسد ونظامه على أن يتم طرد السنة من كل المدن الكبرى ودفعهم للهجرة إلى تركيا أو البقاء في المنطقة الآمنة في جرابلس وهذا هو التوافق الروسي الأميركي الذي يتبنى الفشل الظاهري لوقف إطلاق النار، لكنه في نفس الوقت يدعم تشكيل الخرائط الجديدة لسوريا التي أكد مدير المخابرات الأميركي أنها لن تعود إلى ما كانت عليه، خاتمة المسرحية لم تأت بعد فربما يسلم كيري لمن سيأتي بعده في الإدارة الجديدة لاستكمال تمثيل الدور الأميركي في المذبحة، لأن الدور الأميركي في النهاية يمثل سياسة دولة وليس سلوك فرد يؤدي دوراً على المسرح وهو دور لا يقل إجراماً عن الدور الروسي بل ربما يتفوق أحياناً عليه.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

التدمير المروع للإنسانية في حلب

التالي

تاريخ ممتد من الجرائم ضد الإنسانية

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share