الشعبوية تجتاح الغرب

نشر المقال فى 29 سبتمبر 2016

بعد عقود من الاستقرار والتفرد الغربي بقيادة العالم بدأت معظم الدول الغربية تعاني من مشكلات كبيرة تهدد مستقبلها واستقرارها من خلال بروز تيارات يمينية شعوبية غوغائية بدأت تجد طريقها إلى البرلمانات والمجالس التشريعية في هذه الدول من خلال الوعود البراقة والخطاب المتطرف الذي تقدمه هذه الأحزاب، ولأن الأحزاب التقليدية أصبحت أحزابا نخبوية لا تنزل إلى الشارع ولا تخاطب الناس فقد وجد الناس بغيتهم في هؤلاء الغوغائيين الذين يدغدغون مشاعرهم ويدقون لهم على وتر القومية والعنصرية ومعاداة الأجانب ورغم أن هذا الخطاب يهدد البنية الاجتماعية والاستقرار السياسي في هذه المجتمعات إلا أنه يجد من يسمعه ويتحمس له، وقد كان أخطر خطاب شعبوي هو ذلك الخطاب الذي دفع المصوتين البريطانيين للتصويت علي الخروج من الاتحاد الأوروبي لكن بعد التصويت سرعان ما قفز الذين حملوا الفكرة من المركب وتركوا الشعب والحكومة غارقين في البحث عن مخرج لهذه الأزمة، كما كان فوز حزب البديل الألماني اليميني المتطرف بعدد بارز من مقاعد الولايات في الانتخابات التي جرت مؤخرا في ألمانيا دليلا على عدم ثقة الناس في الأحزاب التقليدية التي تتبادل الحكم منذ عقود، بل إن نسبة الأعضاء اليمينيين في البرلمان الأوروبي تفوق الخمسين في المائة وهذا له تأثيره الكبير على التشريعات التي يصدرها البرلمان الأوروبي والتي لن تكون في النهاية لصالح الاستقرار المجتمعي الظاهر أو الأجانب المقيمين في هذه الدول.
أما ذروة المشهد الفوضوي في الغرب فإنها تتمثل في دونالد ترامب المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة حيث نجح في خطابه الشعبوي الغوغائي في أن يحشد وراءه نسبة عالية من المؤيدين، وربما تكون هذه هي المرة الأولى منذ قيام الولايات المتحدة التي يجهر فيها مرشح رئاسي بعدائه للمهاجرين في بلد تقوم تركيبته على المهاجرين وعلى التنوع البشري الهائل فيها، وهذا يعني سواء نجح ترامب أم لم ينجح أن التيار اليميني العنصري في الولايات المتحدة لم يعد مستترا بل له خطاب معلن واضح وزعماء سياسيون يتبنون منهجه وإذا لم ينجح هذه المرة فسوف يحقق النجاح في المرة القادمة، والولايات المتحدة بالذات دولة من الصعب أن تسقط إلا من داخلها، وسوف تلعب هذه التيارات الشعبوية الغوغائية الانتهازية دورا رئيسيا في سقوطها، ولعل المتابع لهذه التيارات يجدها ترفع شعارات أكثر من كونها تحمل برامج وأفكارا ومن ثم فإنها بمجرد أن تجد نفسها أمام الواقع سرعان ما تولي هربا أو تضطر لمجاراة الواقع.
المشهد باختصار يتمركز حول شيخوخة الأحزاب التقليدية في الغرب وفقدانها لبرامج ومشروعات جديدة تستطيع أن تجمع حولها الناخبين لاسيما الشباب الذين وجدوا ضالتهم في هذه التيارات الغوغائية التي ستكون المسمار الأخير في نعش الحضارة الغربية.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

تاريخ ممتد من الجرائم ضد الإنسانية

التالي

قانون جاستا والفشل العربي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share