تعويم الجنيه وإغراق المصريين

نشر المقال فى 6 نوفمبر 2016

دون الدخول في المصطلحات والتعريفات الاقتصادية لقرار تعويم الجنيه المصري الذي اتخذه البنك المركزي بشكل مفاجئ يوم الخميس الماضي 3 نوفمبر فإن المعني باختصار شديد هو إغراق مصر والمصريين في المشاكل الاقتصادية والديون وارتفاع الأسعار الجنوني والضنك والبؤس والفقر. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن السيارات المستوردة التي كانت أسعارها مرتفعة بالفعل سوف تتضاعف أسعارها بعد ارتفاع نسبة الجمارك بنسبة 52 % على اعتبار السعر الذي أعلن بعد التعويم وهو 13 جنيهاً ونصف الجنيه؛ حيث كانت الجمارك تحسب قبل ذلك على سعر 8.8 جنيه مقابل الدولار ومن الواضح أن القيمة يمكن أن تتضاعف في ظل أن الدولار قد يصل بعد تعويمه لعشرين جنيهاً، في نفس اليوم أعلن عن ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 45% وهذا يعني تضاعف أسعار الانتقالات؛ حيث ضاعف سائقو الميكروباص وسيلة الانتقال الأساسية لدى عموم المصريين للضعف، وهذا يعني أيضاً ارتفاع أسعار كل شيء تستخدم فيه السيارات للنقل بنفس النسبة أو أعلى، أما تذاكر الطيران فسوف ترتفع بنسبة تصل إلى 50% هي الأخرى مما يعني تضاعف تكاليف السفر للمصريين البسطاء الذين يسافرون للحج والعمرة أو العمال ذوي الدخل المحدود الذي يعملون في دول الخليج، أما المستثمرون الأجانب في مصر فإنهم مهددون بإغلاق مصانعهم وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن العاملين في مجال الألومونيوم يقولون إن التعويم سوف يرفع أسعار الألومونيوم بنسبة 70% ولنا أن نتخيل حجم الأزمة التي يمكن أن تنتج عن ذلك في زيادة تكاليف البناء بعدما أصبح الاعتماد على الأبواب والشبابيك المنتجة من الألومونيوم يحتل النسبة الكبرى في مجال المعمار في مصر، أما أسطوانات الغاز التي تعتبر مصدر الطاقة الرئيسي لدى أغلبية المصريين البسطاء فإن سعرها قد تضاعف ووصل إلى 15 جنيهاً بدلاً من ثمانية جنيهات هذا السعر الرسمي لو وجدها المواطن، أما سعرها في السوق السوداء فإنه يصل قد يصل لمائة جنيه، المشكلة الأخطر والأكبر هو أنه مع ارتفاع معدلات مرضى الأمراض المزمنة في مصر فإن توزيع الأنسولين لمرض السكر أصبح محدوداً بخمس عبوات فقط لكل صيدلية وهذا معناه أن مرضى السكر أمامهم مرحلة من البؤس والعذاب لا يعلم مداه إلا الله، والأكثر بؤساً من ذلك هو أن «المصرية للأدوية» وهي أكبر شركة حكومية تقوم باستيراد وتوزيع الأدوية في مصر أعلنت أنها سوف توقف بيع الأدوية المستوردة علماً أن كثيراً من المصريين لا يثقون بالأدوية المصرية بسبب الغش في المادة الفعالة، كما أن كثيراً من الأدوية المستوردة ليس لها مقابل مصري، كل هذه النسب ليست نهائية لأنها تم قياسها على سعر 13:50 للدولار الذي انتهى به اليوم الأول في بعض البنوك عند 16 جنيهاً بينما هو مرشح للصعود أكثر وهذا معناه الغرق أكثر أكثر بالنسبة لعموم المصريين الذين لم يعد لهم إلا أن يرددوا ما يردده السوريون: «مالنا غيرك يا الله».

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
جوني عبده

جوني عبده ج1 : مخزن أسرار الأحداث اللبنانية.. ودورالمخابرات العسكرية فى إدارة الدولة

التالي

حرب الأنفاق في الموصل

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share