لماذا يدعم الغرب حكم العسكر ؟

نشر المقال فى 23 نوفمبر2016

أسوأ ما يمكن أن تبتلى به الأمم هو العسكر المقامرون ، ولعل دمار العالم العربي بعد الحرب العالمية الثانية كان على يد هؤلاء الذين دفع بهم المستعمر عبر مسلسل الانقلابات العسكرية ليحكم من خلالهم الدول العربية ويضمن بقاءها ممزقة في قرارها وجغرافيتها والأكثر من ذلك هو قيام هؤلاء العسكر المقامرين بتدمير الدول التي حكموها والأسوأ من تدميرها هو تدمير الإنسان العربي الذي فقد كثيرا من أصوله ومبادئه وتحول في كثير من الأحيان إلى الانتهازية والنفاق والكذب .
هل كان أحد يصدق أن سوريا التي يجري تدميرها الآن علي يد النظام الطائفي الذي أقامه حافظ الأسد كانت حتى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي بل ربما إلى منتصف الستينيات رغم الانقلابات العسكرية التي بدأت فيها عام 1949 من أهم الأنظمة الديمقراطية في المنطقة وكان بها أحزاب وحكومات متعاقبة؟ وهل يتصور أحد أن مصر كانت من أعرق الدول البرلمانية وأقيم أول برلمان فيها قبل مائة وخمسين عاما ، وكانت الانتخابات تجرى فيها بحرية ونزاهة في عهد الملكية حتى أن الحكومات التي كانت تجري الانتخابات كانت تسقط فتسلم السلطة في سلاسة إلى الحزب والحكومة التي اختارها الشعب؟ ومن يقرأ تاريخ ليبيا الملكية يجد بها نظاما وقضاء دستوريا نزيها أصدر أحكاما ضد الملك وقراراته، ليبيا هذه الآن لم تكتف الدول الاستعمارية بأن تركت القذافي بكل فساده وإجرامه يعبث بها وبثرواتها وشعبها طيلة اثنين وأربعين عاما بل إنها جاءت بأحد ضباطه الفاسدين خليفة حفتر الذين تستخدمهم السي آي إيه منذ عدة عقود لتستخدمه في مخطط تمزيق ليبيا وتدميرها والاستيلاء على ثروتها النفطية ، لم يعد سرا وجود طيارين أمريكان وفرنسيين وحتى من دول عربية يدعمون حفتر في حربه ضد الشعب والثورة الليبية، حتى أن كثيرا من التقارير تشير إلى بناء قواعد جديدة مدعومة خارجيا بأموال عربية وغربية لصالح حفتر حتى أنه نجح حتى الآن في السيطرة على معظم شرق ليبيا لاسيما على الثروة والموانئ النفطية وبينما صنع الغرب أكذوبة داعش حتى يتلهي بها الجميع في ليبيا والعراق وسوريا فإن مخططات التقسيم والتمزيق والتدمير قائمة على قدم وساق فداعش ليست سوى طعم يتلهى به الجميع بينما الهدف أبعد من ذلك بكثير، ولو انتهت داعش لصنعوا ما يمكن أن يتلهي به الجميع حتى يرتبوا أوراقهم ويحققوا أهدافهم كاملة كي لا تفكر هذه الشعوب في الانعتاق من الاحتلال المباشر وغير المباشر الذي قام به العسكر للدول العربية طوال العقود الستة الماضية ، فالثورات التي اندلعت في كل من تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن هزت المنظومة الغربية وكادت تخرج هذه الدول من الوصاية الغربية وتجعل القرار في يد الشعوب، لذلك تحرك الغرب بقوة حتى يبقي على الأنظمة الفاسدة أو يأتي بما هو أسوأ منها فلم يجدوا سوى هؤلاء العسكر الفاسدين وهذا سر دعمهم لهم .
فالأمة لن تقوم لها قائمة إلا بعد سقوط حكم العسكر .

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

ترامب وفريق الشعبويين الأشرار

التالي

نيكولا ساركوزي... إلى مزبلة التاريخ!

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share