اليمين المتطرف في النمسا على خطى يورج هايدر

نشر المقال فى 6 ديسمبر 2016

لا زلت أذكر تفاصيل واحد من أهم الحوارات التي أجريتها في برنامج «بلاحدود» في 24 إبريل من العام 2002 مع زعيم اليمين المتطرف النمساوي آنذاك يورج هايدر حيث تصدر الحوار آنذاك صدر الصحف النمساوية والألمانية ونشرات الأخبار، لأنه كان أطول حوار تليفزيوني يجريه الزعيم النمساوي الذي رفضت أوروبا حينما فاز حزبه في الانتخابات البرلمانية عام 1999 وحصل على ثلث مقاعد البرلمان أن يتصدر أي منصب تنفيذي وإلا قام الاتحاد الأوروبي بطرد النمسا من الاتحاد الأوروبي، وقبل الرجل الضغوط وبقي يدير الحزب من وراء ستار وقدم نائبته سوازانا رايس لتتولى منصب نائبة المستشار بينما بقي هو حاكما لولاية كارنثيا التي أجريت الحوار معه منها آنذاك، وحاصرتني وسائل الأعلام النمساوية حوالي أسبوع قبل الحوار تطاردني من فندق إلى فندق لكني رفضت الإفصاح عن أي شيء إلا بعد أن أجريت الحوار بعدها أدليت بحوارات كثيرة لها وكان التركيز كله في أسئلة الصحفيين كيف استطعت أن أقنع الرجل الذي كان شاغل أوروبا آنذاك بأن يجري حوارا مطولا وخاصا لقناة الجزيرة بينما لا يعطي وسائل الإعلام الأخرى إلا تصريحات نارية قليلة من آن لآخر.
أذكر حينها أن التليفزيون النمساوي قدم طلبا خاصا لقناة الجزيرة حتى يبث الحوار على الهواء مباشرة باللغة الألمانية التي كان يتحدث بها هايدر عبر دوائر مغلقة لأعضاء البرلمان وصناع القرار الذين كانوا يتابعون كل كلمة يقولها الرجل بينما خص التليفزيون النمساوي نشرات أخباره علي مدى يومين بالخبر الرئيسي عن هايدر وتصريحاته وردود أفعاله.
لم يكن اليمين المتطرف في أوروبا آنذاك بالوضع الذي أصبح عليه الآن حتى أن النظام السياسي الأوروبي كان يقف بشده ضد تنامي اليمين الذي تمكن خلال عشر سنوات من أن يصبح القوة المنافسة الرئيسية في القرار السياسي الأوروبي، وأن تصبح الشعبوية هي التي تحرك الشعوب الأوروبية وأن تضع هذه الشعوب القيم التي حكمتها خلال العقود الماضية من الديمقراطية والحرية والمساواة وغيرها من الشعارات الأخرى تحت أقدامها، حتى أن أعضاء اليمين في البرلمان الأوروبي تجاوزوا نسبة الخمسين في المائة من الأعضاء خلال السنوات العشر الأخيرة، ورغم بعض الانقسامات التي واجهها حزب الحرية اليميني الذي يتزعمه هايدر وخروجه في العام 2005 وتأسيسه حزبا جديدا هو التحالف من أجل مستقبل النمسا إلا أن تنامي تيار اليمين في أوروبا خلال السنوات الأخيرة دفع حزب الحرية إلى مراتب، كما أن أفكار هايدر من خلال حزبه الجديد مالت للتطرف أكثر عن الوقت الذي التقيته فيه، لكنه مات في ظروف غامضة في حادث سيارة عام

مات يورج هايدر 11 أكتوبر من العام 2008 وفوجئت بإحدى دور النشر النمساوية الكبرى تطلب مني كتابة مقال عن هايدر ولقائه به لينشر ضمن كتاب عن سيرته وحياته باعتباري الصحفي العربي الوحيد الذي حاوره وباعتباري أيضا أجريت أطول حوار تليفزيوني معه.
نكمل غدا

Total
0
Shares
السابق

حفلات القتل والذبح الطائفي في حلب

التالي

هزيمة اليمين المتطرف في النمسا

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share