تسليح الأكراد .. وإعادة رسم خرائط المنطقة

نُشر المقال فى 14 مايو 2017

قبيل أيام قليلة من توجهه للعاصمة الأميركية واشنطن للقاء الرئيس الأميركي ترامب فوجئ الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان يوم الخميس 12مايو 2017 بقرار الولايات المتحدة الأميركية تسليح المليشيات الكردية في شمال سوريا ـ التي تصنفها تركيا كمنظمة إرهابية ـ بأسلحة ثقيلة، مما يخل بتوازن القوى ويصنع قوة عسكرية تعارض تركيا وجودها في شمال سوريا، ولأن هذا القرار يعد خلطا للأوراق وخرقا واضحا للتحالف الأميركي التركي فقد خرج الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان صباح الجمعة لينتقد القرار الأميركي بشدة ويحذر الأميركان من مغبة تسليح وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية وقال أردوغان «إن قرار أميركا بتسليح وحدات حماية الشعب الكردية السورية يتناقض مع العلاقات الاستراتيجية بيننا وبين الولايات المتحدة». كما أكد أردوغان على قيام وفود تركية لزيارة الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية وتناولوا معهم قضية تسليح وحدات حماية الشعب الكردية لكن زيارته للولايات المتحدة «ستكون حاسمة» بخصوص هذا الأمر، في نفس الوقت خرج مسؤول كردي على وسائل الإعلام، وأكد على أن الأسلحة الأميركية على وشك الوصول لوحدات حماية الشعب الكردية وستكون من بينها أسلحة ثقيلة ومدرعات، هذه الخطوات المتسارعة من قبل إدارة ترامب تؤكد على أن النوايا الأميركية بخصوص سوريا أصبحت واضحة تماما، وأنه لا يستبعد بل ربما من المؤكد وجود تنسيق روسي- أميركي- إيراني بخصوص تقسيم سوريا، أما ما يتعلق بالأكراد فإن هناك أكثر من سيناريو الأول هو استخدامهم كورقة في كل مراحل القتال يتم الضغط بها على تركيا لأنهم في النهاية يتمتعون بعلاقات قوية من النظام السوري ومن ثم روسيا مع عدم منحهم فرصتهم التاريخية بقيام وطن لهم يضم أكراد سوريا والعراق وإيران، لأن كلا من العراق وسوريا يعارضون ذلك.
السيناريو الثاني هو خلق قوة عسكرية كردية تفرض أمرا واقعا على الأرض في شمال سوريا يجعل تركيا دائما تحت الضغط الأميركي الغربي وربما هذا يكون السيناريو الأكثر قبولا أو تطبيقا في ظل مخطط تقسيم سوريا أو صوملتها على غرار الصومال دويلات متناحرة وعدم استقرار يستمر عشرات السنين، فتركيا تحت رئاسة أردوغان غير تركيا التي كانت خاضعة للحلف الأطلسي وسياساته منذ سقوط الخلافة العثمانية قبل ما يقرب من مائة عام وحتى الآن، من ثم فإن إغراق تركيا في حرب استنزاف طويلة سواء مع الأكراد أو مع غيرهم من الطوائف والعرقيات الأخرى سيؤدي إلى تأخير النمو والاستقرار الاقتصادي والسياسي في تركيا ويفشل مخططات النهضة وتحول تركيا لدولة عظمى، وهذا ما يأمله الأميركان والإسرائيليون والغرب بشكل عام هو وجود تركيا ضعيفة منهكة بالحروب والنزاعات والقلاقل، لاسيما وأن كل الوسائل التي استخدموها ضد تركيا والتي كان على رأسها محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في شهر يوليو الماضي باءت بالفشل، الصورة ستتضح تماما بعد زيارة أردوغان للولايات المتحدة، فإما يصيغ علاقة على أسس جديدة أو يدخل في أزمة مع الولايات المتحدة يتورط فيها في حرب استنزاف مع الأكراد.

رابط المقال

Total
0
Shares
السابق
المنصف المرزوقي

المنصف المرزوقي (9) : هروب بن علي ومحاولات الغرب ونظامه إيجاد بديل له

التالي

معركة ترامب مع جهاز إف بي آي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share