محرقة السنة في العراق

نُشر المقال فى 28 أغسطس 2017

إعلان وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري يوم السبت الماضي 26 أغسطس أن القوات العراقية انتزعت 70% من قضاء تلعفر من يد تنظيم داعش وتأكيد قائد عمليات «قادمون يا تلعفر» عبد الأمير رشيد يارلله أن الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي أكبر المنظمات الطائفية الشيعية المسلحة في العراق يستكملان مهامهما في تلعفر آخر معاقل داعش شمالي العراق، يخفي وراءه جرائم تطهير عرقي بشعة جرت بحق السنة الذين كانوا محتجزين في المدينة طوال الأسابيع والأشهر الماضية.
كما تظهر الصور تحول المدينة كما تحولت الموصل من قبل إلى أطلال لا تصلح للحياة الآدمية وتظهر كذلك نفس المشاهد التي نقلت من الموصل للآلاف من النساء والأطفال وكبار السن وهم هائمون على وجوههم يحملون جرحاهم على ظهورهم ويسيرون بين أطلال المدينة يبحثون عن الأمان الذي لم يجدوه داخل المدينة ولن يجدوه خارجها لأن المليشيات الطائفية تستجوب الكبار والصغار منهم وتحتجز من تريد ثم تحشر الباقين في مخيمات لا تصلح للحياة الآدمية، كل ذلك يجري مع صمت عربي ودولي عن الجرائم التي ترتكبها المليشيات الشيعية المتطرفة بالليل والنهار بحق السنة بينما يركز الجميع على قضية واحدة هي أن المليشيات تحارب تنظيم داعش وتقوم بالقضاء عليه متناسين أن هؤلاء المدنيين أيضا هم من ضحايا داعش، وما ذنب هؤلاء الذين كانوا رهينة لداعش طوال السنوات الماضية والذين أجبروا علي أن يعيشوا تحت هذا الوضع.
من خلال هذه المحارق التي تجري للسنة في العراق بشكل منتظم تتضح الصورة الآن فالمحارق بدأت مع الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003 الذي أقر الطائفية ومكن للشيعة ثم تغاضى عن كل الجرائم التي جرت لأنه كان شريكا فيها ولعل فضائح سجن أبوغريب وسجن بوكة وغيرهما من السجون تكشف الدور الأميركي المباشر في هذه الجرائم وحينما اطمأن الأميركان إلى أن تركوا حليفا سيواصل مسيرتهم تغاضوا عن جرائمه وسمحوا لداعش أن يتمدد حتى يكون مبررا وغطاء لتلك الجرائم.
ولعل المحارق التي جرت لسنة العراق في كل من الموصل وتلعفر الآن تؤكد أن ما قام به رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي من السماح لبضع مئات من داعش بالسيطرة على الموصل خلال ساعات وفرار الجيش العراقي منها كان ترتيبا أن تكون الموصل وتلعفر وغيرهما من مدن العراق الاخرى التي يتواجد فيها التنظيم مصيدة يتم من خلالها تحقيق عدة أهداف أهمها هو تدمير تاريخ العراق وتاريخ المسلمين السنة فيها من خلال تدمير المدن التاريخية التي عاشوا فيها وأقاموا بها الحضارات علي مر القرون الماضية، والثاني هو تهجير ما لا يقل عن خمسة ملايين من العرب السنة من سكان تلك المناطق وتشتيتهم في أرجاء العراق أو طردهم منها وإعادة رسم التركيبة الديمغرافية للمنطقة وأخيرا جمع كل متطرفي داعش وحرقهم وإبادتهم في تلك البقعة الجغرافية واستخدامهم غطاء لتحقيق تلك الجرائم الأساسية بحق السنة وقد تحقق ما أرادوا بينما يكتفي باقي السنة بالمشاهدة أو انتظار الدور!!.

رابط المقال

Total
0
Shares
السابق

السيسي يبحث عن «محلَّل»

التالي

الضوء الأخضر لقتل الشعوب العربية

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share