مهاتير محمد ج 1 : من فقير معدم إلى صانع نهضة ماليزيا الحديثة

تناول رئيس وزراء ماليزيا السابق د.مهاتير محمد ج 1 فى برنامج شاهد على العصر الحديث عن التركيب العرقي للمجتمع الماليزي، ونشأته في أسرة فقيرة والغزو الياباني لماليزيا .
مهاتير محمد

تناول رئيس وزراء ماليزيا السابق وباني نهضتها الحديثة د.مهاتير محمد ج 1 فى حواره مع أحمد منصور، في برنامج شاهد على العصر، والذي جرى بثه بتاريخ 12 إبريل 2020 الحديث عن التركيب العرقي للمجتمع الماليزي، ونشأته في أسرة فقيرة ودراسته في المدارس البريطانية وتأثره بالثقافة الغربية، ودافع عن عدم منح المهاجرين الحقوق الكاملة للمواطنين الأصليين، كما تحدث عن تفاصيل الغزو الياباني لماليزيا وهزيمة الجيش البريطاني على أيديهم.

مقتطفات من حوار مهاتير محمد ج 1

أكد رئيس وزراء ماليزيا السابق وباني نهضتها الحديثة د.مهاتير محمد، فى مستهل الحلقة الأولى من شهادته على العصر، أنه عندما كنت صغيراً أدرك أنه كان يعيش في حالة غير ميسورة في ألور ستار، فوالده كان يعمل لدى الحكومة، وكان حولهم الكثير من الجيران معظمهم من المسلمين، وكان لديهم كذلك جيران من الهنود والصينيين، وهو كان يلعب مع أولادهم.

رعاية والدته له

وأضاف: ” والدتي كانت ترعاني كثيراً، ووالدي في المقابل كان إلى حد ما شديداً وصارماً في تربيتي، لذا تعلمت الكثير من والدتي فهي التي صاغت لي أسلوب تفكيري وطريقة فهمي لما يحيط بي، لكن والدي كان في الحقيقة يميل إلى الانضباط فكان يحرص على أن أقوم بكل شيء على ما يرام وأن أدرس وأعتني بدراستي وما إلى ذلك”.

وأوضح مهاتير محمد أنه درس فيما يسمى بالمدارس الإنجليزية، و أن التدريس في تلك المدارس يركز على بريطانيا وأوروبا أكثر مما يركز على ماليزيا وأسيا، لذا كان يعرف عن بريطانيا وأوروبا أكثر مما يعرف عن بلده ماليزيا وعن أسيا، لكن طريقة التفكير الغربية أثرت فيه إلى حد كبير .


وأضاف رئيس وزراء ماليزيا السابق : ” تأثرت بالأفكار المتعلقة بالشجاعة والشرف والمروءة، وتعلمت الكثير من قراءة كتب التاريخ التي كتبها مؤلفون إنجليز، وهذا بالطبع كان له تأثير علي، وفي الوقت نفسه علمتني والدتي الدين الإسلامي وما ينبغي على المسلم أن يفعله وما لا ينبغي أن يتجنبه، وما هو صواب وما هو خطأ، وما تعنيه كلمة الذنب واليوم الآخر يوم القيامة والحساب والثواب؛ لقد صاغت أمي في الحقيقة فهمي للإسلام وقد اختلط هذا بالطبع بمعرفتي بالقيم الغربية أيضاً”.

وتابع : “كانت لدينا دروس في التربية الدينية في المدارس، أولاً في المدارس المالايوية التي كانت تدرس الحصص الدينية بعد الظهر، أما في الفترة الصباحية كان لدينا في المدارس الإنجليزية دروس في التربية الدينية في أيام معينة من الأسبوع، لذا ما عرفته عن الدين جاءني إما عن طريق المدارس المالايوية أو الإنجليزية وبالطبع في البيت من والدتي”.

تأثره بالثقافة الإنجليزية

مشيراً إلى أنه كان محظوظاً لأن عدداً صغيراً فقط من الأولاد كان يتم قبوله في المدارس الإنجليزية وهي مدارس ابتدائية وثانوية، وهو كان في المدارس المالاوي أيضاً وهذه كانت مفتوحة لأعداد أكبر من الطلاب مقارنة بالمدارس الإنجليزية.

وأضاف: ” كما قلت من قبل، أنا قرأت كثيراً من الكتب الإنجليزية بما فيها كتب عن تاريخ إنجلترا وأوروبا وقصص أيضاً، ومن ثم صار عندي هذا الإعجاب بالكثير من إنجازاتهم، ولكن هذه القصص تكون بالطبع منحازة لصالح علمهم وتاريخهم، غير أنها في ذلك الوقت كانت مصادري الوحيدة للمعرفة والمعلومات، فلم تكن هناك الكثير من الكتب بلغة المالايو، وقرأت باللغة العربية القرآن الكريم فقط، لكن دون فهم له فلم أكن أعرف العربية”.

ونفى مهاتير ما كان يتم ترويجه من قِبل البريطانيين أنه قبل مجيئهم إلى الملايو لم يكن لها أي تاريخ، وقال : “هذا غير صحيح بالطبع، وقد تعلمت ذلك حتى في الفترة التي كنت أعيش فيها في ظل الاحتلال البريطاني، وتأثر تفكيري بما كان يقوله البريطانيون عن تاريخنا وتاريخ الإمبراطورية البريطانية وأن تاريخنا بدأ عندما احتل البريطانيون ماليزيا أو ما كان يُعرف بشبه جزيرة الملايو في ذلك الوقت، وأن ما حصل قبل ذلك لا يعتبر تاريخاً أثناء الفترة التي كنت أتعلم فيها التاريخ في المدارس الإنجليزية”.

وأضاف: “قبل وصول البريطانيين كنا نعيش في ظل نظام ملكي حيث كان الحاكم أو السلطان يتمتع بسلطات مطلقة وكل موارد البلاد تذهب إليه، لكن عندما جاء البريطانيون عرفونا نمط الحكم الغربي واكتشفنا أنه أكثر نظاماً في طرق متعددة تنفع البلاد والعباد أكثر مما كان وضعنا في ظل الحكم التسلطي الذي كان يفرضه علينا السلطان آنذاك، لذا وبقدر تعلق الأمر بهذه الناحية كان تقديم البريطانيين لأسلوب الحكم هذا أمراً فيه فائدة لماليزيا. وكانوا أكثر نجاحاً في حكم القانون واستتباب حكم القانون، فلم تكن هناك أي إجراءات عشوائية تُتخذ خارج إطار القانون ضد أي شخص، وطبعاً نحن أصبحنا أكثر ثراءً لأن جباية الضرائب أصبحت أكثر كفاءة، والموارد التي أتت عبر الضرائب لم تكن تذهب لجيب السلطان وإنما لخزينة الدولة، ومن ثم يتم إنفاقها على إدارة البلاد بما في ذلك – إلى حد معين – رفاهية الناس من حيث توفير التعليم والعلاج الطبي لهم”.

كراهية مهاتير محمد للإنجليز

وعن كراهيته للإنجليز ذكر مهاتير أنه خلال سنوات نشأته بدأ يدرك أن الطريقة التي يعاملونهم بها لم ترق له لأنهم كانوا ينظرون إليهم نظرة دونية وكان عليهم أن يسموهم الأسياد دائماً، و أضاف: “طبعاً كان لهم فئة خاصة يغدقون عليها الامتيازات هي ومن يتبعها، لكن بالنسبة لنا نحن المالايويين فقد كانوا ينظرون إلينا نظرة دونية ويقولون عنا إننا كسالى ولسنا أهلاً للثقة، لذلك لم أحب الطريقة التي كانوا يعاملوننا بها كمالايويين”.

وقال : ” أنا فكرت طويلاً بأن البريطانيين كانوا أقوياء جداً لا يقهرون ولا يمكن هزيمتهم، لكنهم هُزموا على أيدي اليابانيين، وعلى مدى ثلاث سنوات تقريباً حكم اليابانيون ماليزيا، ولاحظت بعد ذلك أن البريطانيين ليسوا أفضل من غيرهم أياً كانوا، وبدأت أرى أنه يمكن التحرر منهم، وبدأ احترامي لذاتي ولشعبي يزداد ولا أنظر تلك النظرة الفوقية إلى العنصر الأبيض والبريطانيين بشكل خاص”.

مشيراً إلى أنها كانت المرة الأولى التي يرى فيها الجيش البريطاني مهزوماً، حيث تراجع وتركهم تحت رحمة القوات اليابانية، رغم أنهم وعدوهم بأنهم سيحمون ماليزيا من أي اعتداء ولكن كان الواضح تماماً أنهم أخفقوا في حمايتها وتركوها تخضع للاحتلال الياباني لأنهم عجزوا عن الوقوف بوجه الغزو الياباني، وفي تلك اللحظة فقد احترامه لهم وعرف أنهم يمكن أن يُهزموا على أيدي أمة أسيوية.

التحرر من الاستعمار البريطاني

وأضاف: ” كان اليابانيون مهيئين علي ما أعتقد بشكل أفضل بكثير من البريطانيين، لأنهم سبق وأن خططوا لفتح البلدان التي كانت تستعمرها بريطانيا إذ أنهم كانوا في حاجة إلى البترول الذي يُنتج في هذه المنطقة وكان البريطانيون قد قطعوا عنهم إمدادات البترول مما أضر باقتصادهم ، لهذا السبب خطط اليابانيون لغزو بلدان جنوب شرق أسيا حيث توجد منابع النفط، ومن ثم بدأوا بخطط وقوات معدة بشكل جيد لغزو هذه المناطق، في نفس الوقت كان البريطانيون في تلك الفترة يركزون علي ما يحدث في أوروبا ومواجهة الألمان هناك ، لذا لم يستطيعوا توفير أعداد كافية من قواتهم للدفاع عن مستعمراتهم في الشرق، ولهذا السبب عندما غزا اليابانيون المنطقة لم تكن القوات البريطانية كافية لمنعهم من التقدم وغزا اليابانيون الملايو وجميع الجزر الأخرى في المحيط الهادئ حتى أوشكوا على الوصول إلى أستراليا وذهبوا إلى بورما وأوشكوا على الوصول للهند أيضاً”.

وتابع رئيس وزراء ماليزيا السابق وباني نهضتها الحديثة د.مهاتير محمد : ” البريطانيون كانوا بالطبع يحاربون من أجل أنفسهم، لكن خلال قيامهم بذلك كان عليهم الدفاع عن المالايويين ضد اليابانيين، لكن اليابانيين من جهتهم حققوا انتصارات وقاموا بغزو الملايو، كما استطاعوا بالطبع أن يتغلبوا على كثير من الصينيين الذين يعيشون في الملايو والذين كانوا قد أيدوا الصين ضد اليابان “سابقاً، فعرفوا أن هؤلاء الصينيين يؤيدون الصين فعاقبوا بعضهم حتى أنهم قطعوا رؤوس فريق منهم.

أسلوب المدرسة اليابانية

وأشار مهاتير إلى أنه اضطر إلى ترك المدرسة البريطانية وأن يلجأ إلى المدرسة اليابانية لكنه لم يقض فيها وقتاً طويلاً، وتعلم القليل من اللغة اليابانية وشيئاً من تاريخهم لا أكثر ولا أقل، لأنهم أيضاً كانوا يركزون أكثر على نمط من الحياة يقوم على أساس العمل في جماعات والانضباط، فمثلاً لإجراء تمارين رياضية كانوا يتلقون تعليمات بشأنها من الإذاعة، وكان مطلوب منهم أيضاً القيام بعمليات معينة، فنمط حيات اليابانيين كان أكثر انضباطاً وأسلوب تدريسهم كان كذلك أيضاً، وهو كان مختلفاً عن النمط البريطاني.

وأضاف: ” كان والدي قد أحيل للتقاعد وكان يتقاضى راتباً تقاعدياً من الحكومة، ولكن إبان فترة الاحتلال الياباني لم يتسلم راتبه التقاعدي فعشنا حالة من الفقر المدقع، واضطررنا لكسب لقمة العيش، حيث كان علي :العمل لمعاونة أهلي، فقررت أن أبيع الأرز وأن أفتح كشكاً صغيراً لبيع الموز والقهوة وغيرهما في السوق.

وعما تعلمه بعد الحرب ذكر الضيف أنه أصبح أكثر استقلالية واضطر لرعاية نفسه وشؤونه الخاصة وتعلم كسب لقمة العيش، بعد ذلك قرر العودة إلى المدرسة الإنجليزية، وأثناء فترة وجوده بها كان البريطانيون قد أعادوا احتلال الملايو وقرروا تحويلها إلى مستعمرة كاملة يتم حكمها مباشرة من لندن، وهذا يعني أن كل سلاطينها وحكامها لن تكون لهم أية سلطات خاصة بهم، وحتى المجالس المحلية لن تستطيع حكم مرافق الدولة في الملايو لأن كل شيء سيتم عبر الحكومة البريطانية في لندن، ولهذا السبب لم يحب ما حدث أبداً.

وعن حبه للغة الإنجليزية، ذكر مهاتير أنه في تلك الأيام كانت اللغة الإنجليزية مفيدة جداً لأنها فتحت له أبواب المعرفة، خاصة أنه في لغته الخاصة لم يكن هناك الكثير من الكتب لا الكتب العلمية والمعرفية ولا كتب التاريخ، أما هو فكان مغرماً بقراءة كتب التاريخ والكتب المدرسية المقررة وتعلم اللغة الإنجليزية من خلال القراءة، وقد قرأ كثيراً وكسب الكثير من المعارف حول ما يتعلق بالسياسة والاقتصاد ونواحي الحياة الأخرى التي كان يجدها في الكتب المدرسية وكتب التاريخ الإنجليزية.

وأوضح أنه ألف عدداً كبيراً من الكتب بعد تقاعده عن حياته وتجاربه، كما كتب أخرون كتبا أخري عن حياته، و أضاف :”بما أنك تريد معرفة المزيد من المعلومات عن الملايو والمالاويين أعتقد أن هذه الكتب ستعطيك “معلومات كافية عن بلدنا.

وكشف أنهم استفادوا كثيراً من وجود أعراق أخرى تأتي إلى بلادهم ومعهم رؤوس أموالهم ومهاراتهم ومعرفتهم التي ساهموا من خلالها في تنمية اقتصاد ماليزيا، كما أنهم تعودوا هم أيضاً على العيش في ظل مجتمعات وبيئة متعددة الأعراق، ولم يكن بينهم أية مشاكل أو خلافات أو صراعات خاصة أثناء فترة الحكم البريطاني عندما فتح البريطانيون البلاد للهنود والصينيين ليأتوا إلى ماليزيا لدعم الإدارة البريطانية ومصالحها التجارية بها.

إنشاء اتحاد الملايو

وأوضح أنه كان لا يزال في مقاعد الدراسة حينما سمع عن نوايا البريطانيين لإنشاء اتحاد الملايو، وشعر أنهم يريدون بسط سيطرتهم على البلاد بشكل كامل ، و قبل ذلك كانت الممالك المالايوية تتعامل فيما بينها من خلال مواثيق واتفاقات، والبريطانيون أرادوا تنحية ذلك جانباً وأن يسيطروا على حكم البلاد بشكل كامل، وهذا بالنسبة لهم كان يعني أننا سنخسر بلدنا لصالح البريطانيين.

وأعتبر مهاتير إذا ما استطاع البريطانيون بسط سيطرتهم بالكامل على إدارة شئون البلاد فلن يفعلوا الكثير من أجل مصلحة سكان البلاد الأصليين لأنهم كانوا يساندون الهنود والصينيين أكثر من المالايويين من حيث رفاهيتهم ومستواهم التعليمي الأرقى، كما أن البريطانيين شجعوهم على الزواج والاستقرار على حساب المالايويين الأكثر فقراً والأقل تعليماً، وبذلك عانى الملايوون من الناحية السياسية أكثر من غيرهم.

وعن ربطه بين فكرة اتحاد الملايو وفلسطين قال الضيف : ” ما حدث لفلسطين، يشبه ما بدا وكأن البريطانيين يريدونه للملايو، ففلسطين كانت بلداً عربياً يقطنه سكان عرب، لكن البريطانيين أرادوا جلب اليهود إلى فلسطين وزيادة أعدادهم ومنحهم الجنسية الفلسطينية ليصبحوا فلسطينيين مثل العرب الذين كانوا يعيشون على أرضها، وفي الوقت نفسه هذا ما حدث في الملايو، فبعد إنشاء اتحاد الملايو لم يعتبر البريطانيون المالايويين سكاناً أصليين، بل اعتبروا أن المالايويين والصينيين والهنود على قدم المساواة من حيث درجة المواطنة، ومن ثم فنحن المالايويين سنخسر سيادتنا وسلطاتنا وقوتنا السياسية في حكم البلاد، وهذا ما لم نكن نريده، خاصة أننا كمالايويين كنا ضعفاء لا يمكننا التنافس مع الهنود والصينيين، فإعطاء حق المواطنة بالتساوي مع الصينيين والهنود سيعني أن المالايويين سيخسرون الكثير من امتيازاتهم في هذه البلاد”.

وأوضح أن البريطانيين لم يهتموا في واقع الأمر بأن تعود ملكية جميع المقاطعات الملايوية على شبه الجزيرة في ذلك الوقت إلى الملايويين بشكل كامل، و تجاهلوا ملكية الملايويين لهذا البلد، وأرادوا منح ملكيته لكل مَن اختار أن يعيش على أرضه دون أي اهتمام أو اعتبار لسكان البلاد الأصليين الذين بنوا هذا البلد.

مشاركته فى الأنشطة السياسية

وأضاف رئيس وزراء ماليزيا السابق : “عندما كنت في المدرسة سبق لي أن قمت بنشر الملصقات والضلوع في الأعمال والأنشطة السياسية محاولاً إقناع الناس أن اتحاد الملايو أمر سيء ينبغي رفضه، لكن لأنني كنت طالباً في المدرسة لم يأخذني الناس على محمل الجد، فشعرت بأنني إذا ما أردت كسب احترام الناس علي أن أحصل على تعليم أفضل وأجتاز المرحلة الثانوية وأنال درجة جامعية، وأردت دراسة القانون لأنه يتعلق إلى حد كبير بالسياسة لكني لم أتمكن من الحصول على منحة لدراسته في إنجلترا، وبدلاً من ذلك أعطوني منحة لدراسة الطب في سنغافورة، وبالطبع لم أستطع رفضها لأنه كان من الصعب الحصول على منحة أخرى، فلما عرضوا علي دراسة الطب قبلت”.

وتحدث الضيف عن سنغافورة في ذلك الوقت والتي كانت خاضعة للحكم البريطاني، وكانت تعتبر جزءاً من شبه جزيرة الملايو، فحاكم سنغافورة هو حاكم لولاية مالايوية في شبه الجزيرة، كما أنها كانت في الأصل جزءاً من ولاية “جوهور” (Johor) في ذلك الوقت وتم بيعها للبريطانيين الذين فتحوا أبوابها أمام المهاجرين الأجانب فأصبح حوالي 70% من سكان سنغافورة من الصينيين الأجانب، لكن سنغافورة كانت متطورة أفضل من الملايو والأجزاء الأخرى ولديهم مدارس أفضل، وكان بها كلية للطب، ولم تكن هناك كلية للطب في الملايو، ولهذا ذهب إلى هناك ولم ينخرط في العمل السياسي أثناء وجوده بها، موضحاً أنه كان هناك عدد صغير من الطلاب المالاويين؛ من بين 70 طالباً كان المالايويين سبعة فقط، والباقون من الصينيين والهنود، ولكن لم تكن له مشكلة معهم.

وتحدث مهاتير محمد عن زوجته والتي عرفها قبل تلك الفترة ، لكن في أبريل من ذلك العام قررا أن يتزوجا ويبنيا عائلة .

وأوضح أنه في تلك الفترة شعر بأنه ينبغي عليه الكتابة في المواضيع التي أهتم بها والتي تتعلق بشعبه وشئونه، خاصة وأنه للأسف الشديد كان يعيش حالة من الفقر، فكتبت عن الأمور التي رأها مهمة بالنسبة له، وفي الوقت ذاته كان قد أكسب بعض المال من خلال الكتابة لصحيفتي صن داي تايمز وستريت تايمز.

تأسيس حزب أمنو

وعن تأسيس حزب أمنو قال مهاتير: ” كما ذكرت، كنا ضد اتحاد الملايو، ومن باب الاحتجاج على تشكيله اجتمعت القوى السياسية المالايوية وأسست أمنو وهو الحزب الذي قاد النضال ضد اتحاد الملايو، وفي نهاية المطاف استطاع حزب أمنو أن يجبر البريطانيين على التخلي عن فكرة اتحاد الملايو وأن يؤسسوا لحكومة “ونظام حكم جديد يسمى الفيدرالية المالايوية، يستعيد فيها السلاطين سلطتهم، وهكذا بدأ أمنو.

وتابع : ” في المقام الأول حسين لم يكن مؤسساً لأمنو، وإنما والده عوون بن جعفر هو من أسس الحزب، غير أنه استقال لاحقاً وأسس حزباً أخر، وفي ذلك الوقت دُعي تونكو عبد الرحمن ليصبح رئيساً لأمنو، وتونكو عبد الرحمن كان صديقاً لشقيقي الأكبر، وقد عرفت القليل عنه لأننا كنا ندعوه لزيارة مسرح تقيمه منظمة الشباب لتقديم بعض العروض المسرحية عليه، حيث كنا نطلب منه الحضور وإبداء الرأي النقدي فيما نقدم من مسرحيات ، ولذا فأنا لم أكن أعرف سوى القليل عن تونكو عبد الرحمن، ولكن عرفت عنه – على سبيل المثال – أنه كان واحداً من الذين كتبوا رسالة الاحتجاج التي وقعها سياسيون في ذلك الوقت ضد اتحاد الملايو، “وأرسلت الرسالة إلى وزارة المستعمرات في لندن.

وذكر مهاتير أنه لم يكن يشارك فى السياسة كثيراً آنذاك لأنه حتى العام 1955 كان ما يزال طالباً يدرس الطب ، ولكن كان يتابع تطورات الوضع السياسي في ماليزيا، وعرف عن انتخابات البلدية عام 1952 حيث استطاع تحالف أمنو المكون من المالايويين والصينيين والهنود تحقيق نتائج طيبة في الانتخابات، ثم كانت هناك انتخابات أخرى عام 1955 تحت الحكم البريطاني أيضاً حيث نافس التحالف على اثنين وخمسين مقعداً من بين ثمانية وتسعين، فالبريطانيون سمحوا لأعضاء التحالف بالمنافسة على اثنين وخمسين مقعداً فقط، ورغم ذلك حصل التحالف على واحد وخمسين مقعداً مما مكنه من حيازة الأغلبية في المجلس التشريعي، ومن ثم أصبح تونكو عبد الرحمن باعتباره رئيساً للتحالف أول رئيس للوزراء.

إنزال العلم البريطاني

وأشار إلى أنه كان ما يزال في ألور ستار، ولكن كان يتابع التطورات في كوالالمبور بما في ذلك مراسم إنزال العلم البريطاني ورفع العلم الماليزي، وفي تلك الأيام لم تكن وسائل الاتصال جيدة فاستطاع متابعة الأحداث عبر الإذاعة فقط إذ لم يكن هناك بث تلفزيوني آنذاك، وشهدت ألور ستار الكثير من الاحتفالات بيوم الاستقلال فكل مباني الحكومة تم تزيينها وإضاءتها احتفالاً بيوم الاستقلال.

وذكر الضيف أن بريطانيا أوشكت إبان الحرب العالمية الثانية على الإفلاس بسبب الحرب، ومن ثم بعد انتهائها رأى البريطانيون أنهم لا يستطيعون إدارة هذه الإمبراطورية المترامية الأطراف، ولذلك قرروا منح الاستقلال لكل البلدان التي كانوا يحتلونها ومن بينها شبه جزيرة الملايو وسنغافورة، وقرروا إعطاء الاستقلال لشبه جزيرة الملايو فقط وليس سنغافورة، وشبه الجزيرة تضم تسع مقاطعات مالايوية صغيرة، ولهذا السبب وافق البريطانيون على منح الاستقلال للمقاطعات المالايوية على أساس اتحاد مالايوي لأن ذلك كان يكلفهم ثمناً باهظاً في حكم هذه المملكة الكبيرة، فكان هذا يتطلب إنفاقاً كبيراً من جانبهم وجانب الملاويين أيضاً، ولذا كان عليهم الإبقاء على وجودهم العسكري وهذا يتطلب الكثير من المال الذي لم يستطيعوا تحمل أعبائه، ورغم انتصارهم في الحرب إلا أنه كان عليهم فعل ذلك لأنهم أنفقوا الكثير من المال للانتصار فيها، ومن ثم لم يستطيعوا الاحتفاظ بإمبراطوريتهم بعد انتهاء الحرب.

وأضاف مهاتير : ” كان واضحاً أن كل المجموعات العرقية قبلت بتونكو عبد الرحمن زعيماً لها عندما أصبح رئيساً للوزراء بعد فوزه في انتخابات عام 1955، وبعد ذلك كانت هناك مطالبات بالاستقلال والبريطانيون قالوا إنهم سيعطونهم الاستقلال شريطة أن يكون شاملاً لكل الأعراق المتعددة في ماليزيا من صينيين وهنود ومالايويين، وتونكو كان يقود تحالفاً من الأحزاب السياسية التي كان من بينها هنود وصينيون ومالايويين، وذهب إلى لندن للتفاوض بشأن الاستقلال ووعده البريطانيون بإعطائه الاستقلال عام 1959، ولكن عندما عاد طالب جناح الشباب أن يكون الاستقلال عامين قبل ذلك أي عام 1957، وفي النهاية وافق البريطانيون على إعطائنا الاستقلال عام 1957.

أجزاء حوار مهاتير محمد ج 1

00:00​​ – المقدمة –

00:20 – السيرة الذاتية للدكتور مهاتير محمد ​​-

02:03 – تعيين الدكتور مهاتير محمد وزيرا للتعليم عام 1974 ​​-

03:07 – تعيين الدكتور مهاتير محمد رئيساً للوزراء عام 1981 ​​-

04:37 – عودة الدكتور مهاتير محمد للحياة السياسية عام 2018 ​​-

05:50 – نشأة الدكتور مهاتير محمد في ظل الاحتلال البريطاني لماليزيا –

07:42 – أثر التعليم في المدارس البريطانية على الدكتور مهاتير محمد ​​-

09:32 – تدريس الدين الإسلامي في المدارس البريطانية بماليزيا ​​-

10:50 – تأثير الثقافة الإنجليزية في التكوين العلمي والثقافي للدكتور مهاتير محمد –

13:11 – بصمات الاستعمار البريطاني فى ماليزيا ​​-

16:15 – التحرر من الاستعمار البريطاني –

18:34 – انجازات اليابان بعد التخلص من الاستعمار ​​-

21:45 – تجربة الدكتور مهاتير مع المدرسة اليابانية –

24:07 – هزيمة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية ​​-

27:20 – تجربة الدكتور مهاتير مع التنوع العرقى فى ماليزيا –

29:38 – رفض الماليزيين فكرة اتحاد الملايو من قبل البريطانيين ​​-

30:51 – استيطان اليهود لفلسطين عن طريق البريطانيين ​​-

34:00 – دراسة مهاتير محمد للطب –

37:10 – نظرة الدكتور مهاتير إلى النسبة القليلة لطلاب الطب الماليزيين ​​-

39:10 – تأسيس حزب المنظمة الوطنية أمنو الذي قاد استقلال ماليزيا عن بريطانيا ​​-

42:09 – خطوات استقلال ماليزيا ​​-

45:30 – استقلال ماليزيا 1957 ​​-


Total
0
Shares
السابق
محمد المقريف

حلقة خاصة مع محمد المقريف (18) : تاريخ ليبيا منذ الاستقلال..خيانة الأنظمة العربية ..تحولات حفتر

التالي
مهاتير محمد

مهاتير محمد ج2 : التركيب العرقي لماليزيا..وأسباب عدم منح المهاجرين حقوق المواطنة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share