كيف تخلصت مصر من ديون الخديوي ؟

يشبه المأزق التاريخي التي تعيشه مصر وغرقها فى مستنقع الديون – مع عجز النظام عن إيجاد مخرج حتى لسداد فوائد الديون – المأزق الذي وقعت فيه في عهد الخديوي إسماعيل … فى المقال أطرح خطوات عملية لخروج مصر من مأزق ديونها
مأزق الديون المصرية

بقلم : أحمد منصور

المأزق التاريخي التي تعيشه مصر الآن والذي يتلخص في وقوعها في مستنقع من الديون مع عجز كلي كامل من النظام عن إيجاد مخرج حتى لسداد فوائد الديون ليس جديداً، ولكنه يشبه المأزق الذي وقعت فيه مصر في عهد الخديوي إسماعيل الذي حكم مصر بين عامي ١٨٦٣ وحتى عام ١٨٧٩ حيث أغرق مصر في الديون بشكل غير مسبوق في مشروعات بعضها نافع،  وكثير منها فاشل، حيث كان الفساد والبذخ هو العامل الأساسي في وقوع مصر تحت طائلة المؤسسات والدول التي أقرضتها وأغرقتها في الديون ثم فرضت عليها شروطا تعجيزية أسوأ من التي يفرضها صندوق النقد الدولي الآن .

أول ما أدت إليه هذه الديون الباهظة هو التدخل الفرنسي البريطاني في شئون مصر ووقوع مصر  فريسة لجشع المقرضين، وهو أشبه بما يقوم به صندوق النقد الدولي الآن مع مصر .

الديون في نهاية عهد الخديوي إسماعيل

بلغ حجم الديون في نهاية عهد الخديوي إسماعيل ٩٠ مليون جنيه، وهو ما يوازي بشكل تقريبي ٩٠ مليار دولار حسب سعر اليوم حسب رأي بعض الخبراء، وأول ما أدت إليه هذه الديون الباهظة هو التدخل الفرنسي البريطاني في شئون مصر ووقوع مصر  فريسة لجشع المقرضين، وهو أشبه بما يقوم به صندوق النقد الدولي الآن مع مصر .

عزل الخديوي

حينما  قامت بريطانيا بنشر تقرير عن الوضع المالي لمصر آنذاك انهارت أسعار السندات المالية بشكل كبير، ولما كانت الدولة المصرية خاضعة للسلطنة العثمانية فقد جاء مخرج مصر من هذه الأزمة من طريقين :

الأول خارجي عبر السلطان العثماني الذي قام بعزل الخديوي إسماعيل في ٢٦ يونيو عام ١٨٧٩ بفرمان نقل فيه السلطة لابنه الخديوي توفيق، وكان من أروع ما جاء في فرمان العزل ما يلي : ” إن الصعوبات الداخلية والخارجية التي وقعت أخيراً في مصر قد بلغت من خطورة الشأن حداً يؤدي استمراه إلي إثارة المشكلات والمخاطر لمصر والسلطنة العثمانية، ولما كان الباب العالي يرى أن توفير الراحة والطمأنينة للأهالي من أهم واجباته وما يقتضيه الفرمان الذي خولكم حكم مصر، ولما تبين أن بقاءكم في الحكم يزيد المصاعب الحالية فقد أصدر جلالة السلطان إرادته بناء على قرار مجلس الوزراء بإسناد منصب الخديوية المصرية إلى صاحب السمو الأمير توفيق باشا “

هذا كان القرار والخطوة الأولي لحل المأزق الكبير الذي و قعت فيه مصر آنذاك، وكان من السلطان العثماني .

في هذا الوقت قيض الله لمصر رجلا صاحب رجاحة عقل يفهم السياسة لديه بُعد وطني كما وصفه المؤرخون هو محمد شريف باشا مؤسس النظام الدستوري في مصر الذي تولى الوزارة أربع مرات بعد الإطاحة بالخديوي إسماعيل .

حكومة وحدة وطنية

 شكّل  محمد شريف باشا حكومة وحدة وطنية وأسس أول دستور في عام ١٨٧٩ حول فيه مصر إلي ملكية دستورية وأنهي السلطة المطلقة للخديوي في الحكم فأنهي الحكم الشمولي، وجعل السلطة في يد جمعية وطنية منتخبة في ١٠ نوفمبر ١٨٨١.

 ورغم عدم رضا الخديوي توفيق إلا أن مصر بدأت تخطو خطوات صحيحة لإنهاء حكم الفرد وتمكين حكم الشعب، وكان محمد شريف باشا يهدف لشيئين هما إنهاء النفوذ الأجنبي في مصر،  وتنظيم جدولة الديون بشيء يبقي سيادة الدولة  وإجراء إصلاحات دستورية تنهي حكم الفرد .

لكن المشكلة كانت في العسكر حيث تحرك عرابي ومن معه لإفساد كل هذه الخطوات، ولم ينصتوا لشريف باشا وانتهى حراك عرابي والعسكر بالتمكين لاحتلال البريطانيين لمصر

أحمد عرابي

 لكن المشكلة كانت في العسكر حيث تحرك عرابي ومن معه لإفساد كل هذه الخطوات، ولم ينصتوا لشريف باشا، وانتهى حراك عرابي والعسكر بالتمكين لاحتلال البريطانيين لمصر وإفشال محاولات شريف باشا المبكرة لإقامة نظام دستوري يُمكن الشعب من اختيار من يحكمه .

كيفية خروج مصر من المأزق الاقتصادي؟

من خلال هذه التجربة التاريخية نستطيع أن نستخلص خطوات خروج مصر من مأزق ديونها بالخطوات العملية التالية :  

١ـ عزل الخديوي.

٢ـ حكومة وحدة وطنية.

٣ـ دستور ينهي حكم الفرد ويرسخ سلطة الشعب ويؤكد المحاسبة.

٤ ـ انتخابات حرة  تفرز جمعية وطنية تمثل الشعب.

٥ـ إعادة جدولة الديون مع الدائنين وفق خطة تحفظ سيادة الدولة.

٦ـ إنهاء التدخلات الأجنبية في شئون مصر.

Total
0
Shares
السابق
ممدوح حمزة

كيف بدأ إطلاق القنابل المسيلة للدموع يوم 25 يناير ليلاً؟

التالي
كواليس

قريباً

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share