بقلم: أحمد منصور
في الوقت الذي توافد فيه كل المسؤولين الغربيين الصهاينة على إسرائيل وتباروا في إعلان دعمهم لها علناً وفخراً بكل السبل والوسائل، لم يقم أي مسؤول عربي بزيارة غزة وإعلان دعمه لشعبها الصامد البطل فخر الأمة وعزها رغم مرور 5 أيام على الهدنة، سوى السيدة الفاضلة لولوة الخاطر وزيرة التعاون الدولي في وزارة الخارجية القطرية، والتي توجت زيارتها بعبارات من نور تحفظ في سجل التاريخ، عبّرت فيها عن أصالة قطر وأهلها وحكامها ومكانة فلسطين وأهلها في قلوبهم لا سيما غزة، التي لم يقم بزيارتها أي من الزعماء العرب منذ احتلالها عام 1967 سوى الأمير الوالد -حفظه الله- حمد بن خليفة، حيث قام بزيارته الثانية لغزة في شهر أكتوبر عام 2012 وكان في رفقته، حرمه الشيخة موزة بنت ناصر المسند، ورئيس الوزراء القطري آنذاك حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني@hamadjjalthani ووصفت الزيارة آنذاك بأنها تاريخية وغير مسبوقة.
وعلى نهج الأمير الوالد -حفظه الله- جاءت تلك الخطوة، فمكانة غزة وفلسطين لدى القطريين، رسّخها -مبكراً- هذا المنهج الفريد للأمير الوالد..
لقد انتظرت 5 أيام وأنا أترقب هل يمكن للنخوة والمروءة العربية أن تهز أي مسؤول عربي ليقوم بما قامت به الوزيرة القطرية لولوة الخاطر فلم أجد مسؤولا واحداً دخل غزة ليواسي أهلها أو يشد أزرهم سواها، وهذا موقف تاريخي يضاف للتخاذل والتآمر العربي على فلسطين وشعبها والأقصى والقدس.
غير أن ما قالته لولوة الخاطر @Lolwah_Alkhater في كلمتها التي كتبتها بروح وقلب كل عربي أبي، وكل مسلم يعرف معنى الانتماء لهذه الأمة، تستحق أن تحفر في صفحات التاريخ -لقد أبكتني في كل مرة شاهدتها ولن أزيد- قالت الوزيرة الفاضلة في كلمتها القصيرة المديدة في صفحات المجد والشرف والعزة:
“بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والعاقبة للمتقين.
من داخل قطاع غزة من أرض الرباط جئتكم محملة برسالة إخاء ومحبة ورسالة تضامن وتعاضد من دولة قطر قيادة وشعباً.
أقول لكم إننا وكل أحرار العالم معكم..والحق والإنسانية معكم..والله جلّ في علاه معكم .. فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون بإذن الله.
نحن معكم… فلكم العتبى حتى ترضوا، ولكم العتبى إذا رضيتم، ولكم العتبى بعد الرضى
لولوة الخاطر
وأيم الله يا أهل غزة لقد أحييتم الموات، وأيقظتم إنسانية العالم بعد سبات. قبلكم كانت كل الكلمات جوفاء، وكل الحكايا مكررة، وكل معاركنا اليومية تافهة، وكل الخطابات والبيانات لا معنى لها.. كانت الأيام كلها تتشابه طواحين من الماديات والاستهلاكية والتجارة بكرامة الإنسان وشرفه بل وحياته، طواحين ظلت تطحن ضمائرنا وتسحق أرواحنا.. ثم جاءت غزة لتعيد ترتيب أولويات هذا العالم، ولا أبالغ إذا قلت أنكم اليوم تعيدون لنا جميعا إنسانيتنا التي سلبت منا أو ربما نسيناها، فطوبى لكم.
وإننا لنعلم حق اليقين أنكم اليوم وحدكم من تدفعون ثمن ذلك كله. ثمن فضح ازدواجية المعايير، ثمن كسر آلة الاحتلال المتغطرسة، ثمن المنافحة عن مقدسات مليارات من المسلمين والمسيحيين حول العالم.
لذا يا أهلنا في غزة لست هنا في مقام التنظير واستخلاص الدروس فأنتم وحدكم اليوم من تعلموننا بدمائكم ودماء أطفالكم الزكية كيف تكون الكرامة، وكيف تكون الحرية، وكيف يكون الصمود، وكيف يعود الإنسان أولا. لكنني هنا فقط لأقول: نحن معكم… فلكم العتبى حتى ترضوا، ولكم العتبى إذا رضيتم، ولكم العتبى بعد الرضى، فاعذروا تقصيرنا … حفظ الله غزة وحفظ الله فلسطين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.