السنوار ..ونتنياهو؟

السنوار ونتنياهو …كلا هذين الرجلين اختار طريقه في الحياة، وقرر أن يسلكه بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وإصرار، أما أحدهما فقد قرر أن يكون مفسدا في الأرض،  يستحل الحرام ويهدم العمران ويقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ويمارس كل ما نهى الله عنه بفخر وزهو وعلو في الأرض.
السنوار

بقلم: أحمد منصور

السنوار ونتنياهو …كلا هذين الرجلين اختار طريقه في الحياة، وقرر أن يسلكه بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وإصرار، أما أحدهما فقد قرر أن يكون مفسدا في الأرض،  يستحل الحرام ويهدم العمران ويقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ويمارس كل ما نهى الله عنه بفخر وزهو وعلو في الأرض .

أما الآخر فقرر أن يكون من المصلحين، يدافع عن المستضعفين من أهله وبني وطنه وعموم المسلمين والناس أجمعين، ينشد العزة من ربه، ويواجه المفسدين مستندا بظهره إلى وعد الله للمصلحين إما نصر مبين، أو شهادة ترسم الدرب وتنير الطريق للسائرين.

بعد أربعمائة يوم من الحرب لا يجرؤ نتياهو أن يدّعي أنه انتصر ، وهذا معناه بالقواعد العسكرية والقوانين البشرية أنه مهزوم

 ورغم أن فوارق القوة بين ما يملكه كل منهما غير عقلانية وغير متوازنة بالمعايير الإنسانية، إلا أن الله قد ذكر لنا الكثير مما يشبهها في كتابه العزيز حتى لا يشعر أصحاب الدعوات و المصلحين باليأس حينما تكون عدتهم ضعيفة وفئتهم قليلة.

 فذكر الله لنا  قصة طالوت وجالوت لتكون عبرة لكل صاحب دعوة وفكرة، وهمة وغاية، وصبر وعزم وتوكل على الله بعد الأخذ بالأسباب،  وبعدما ذكر الله سبحانه وتعالى لنا القصة بتفاصيل كثيرة، ختمها بهذا الختام الجميل: “قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين” فالعدد ليس هو الأساس، فالأمر ليس بالعدد ولا بالعدة، ولكن بحسن الظن بالله والصبر بعد الأخذ بالأسباب .

 والمعارك من قبل كانت أحيانا تبدأ وتنتهي في يوم واحد، ولكننا الآن أمام معركة عمرها أربعمائة يوم بين فئتين غير متوازنتين ولا يوجد مجال للمقارنة بينهما علي الأطلاق، فبعد أربعمائة يوم من الحرب لا يجرؤ نتياهو أن يدّعي أنه انتصر ، وهذا معناه بالقواعد العسكرية والقوانين البشرية أنه مهزوم .

لقد  جسدّ كل منهما السنوار..ونتياهو باختياره وأدائه، سنّة الله في الكون بالتدافع بين الناس حتى لا تفسد الأرض، وسنة التدافع لا تعتمد علي القوى المتكافئة أو الموازين البشرية وإنما علي مبدأ: ” وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة “. إنهما يجسدان صورة الصراع البشريّ الأزلي بين الخير والشر، بين الحق والباطل ،والقوة الغاشمة المفرطة من مبدأ: ” من أشد منا قوة “، و بين المقاوم الصابر المصابر المرابط القوي، بين الأخذ بأسباب القوة المستطاعة من مبدأ ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله  “

إن صورة يحيى السنوار القائد المقاوم لآخر رمق في حياته، حتى بعصاه بعدما نفذت ذخيرته و أثخنته الجراح، ستبقى حقيقة أبديّة لن يستطيع أحد أن يمحوها من التاريخ

إن  صورة ومكانة هذين الرجلين ستبقى من الصور الفريدة والمميزة في التاريخ، وسيظل كل منهما يرتبط بالآخر مثل صور كثير من الطغاة والمصلحين الذين تمتليء بها القصص القرآنية وصفحات التاريخ،  لكن هذين  الرجلين  سيبقى أحدهم  ذكرى للإلهام والعزيمة والشجاعة والمقاومة وتحرير الأرض والعرض من المحتلين الغاصبين والأخذ بأسباب القوة والاستطاعة ، أما الآخر فسيبقى يمثل صورة الإجرام والفساد في الأرض، والقوة الغاشمة المطلقة العاجزة التي لم تتمكن طيلة أربعمائة يوم عن تحقيق النصر في معركة يعجز البشر عن فهم موازينها ومجرياتها .

إن صورة يحيى السنوار القائد المقاوم لآخر رمق في حياته حتى بعصاه بعدما نفذت ذخيرته و أثخنته الجراح ستبقى حقيقة أبديّة لن يستطيع أحد أن يمحوها من التاريخ لاسيّما وأن أعداءه هم الذين نشروها.

 كما أن صورة نتنياهو المجرم المفسد في الأرض بشهادة المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة وكل من لديه ذرة من الإنسانية ستبقي حقيقة أبدية لن يستطيع أحد أن يمحوها من التاريخ .

 ستبقى صورة الرجلين ما بقيت مسيرة الحياة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهما تأكيد علي أن كل  إنسان يختار طريقه ويقرر مصيره “

وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ “

Total
0
Shares
السابق
ترامب

وعود ترامب لإسرائيل؟

التالي
أمريكا

هزائم أمريكا الكبرى: هل تكررها إسرائيل؟

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share