يواصل أحمد منصور، استكمال شهادة القياديين في حركة المقاومة الإسلامية حماس، محمود مرداوي وجاسر البرغوثي، وذلك على عصر وأدوار وشخصية يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي حماس، في الحلقة الثالثة من حوارهما في برنامج شاهد على العصر، والتي تتناول جمع السنوار بين القيادة السياسية والعسكرية في غزة…
يتناول الضيفان، أحد أعظم الأيام في التاريخ الفلسطيني، وهي صفقة وفاء الأحرار، وتحررهما ضمن أكثر من 1170 أسيراً، بينهم 600 مؤبد، في 18 نوفمبر 2011، وأشار محمود المرداوي، إلى أن تلك الصفقة، بعثت الروح من جديد في نفوس الأسرى، وأن تحرير فلسطيني واحد مقابل شاليط، كان سيعتبر نجاحاً، وكسراً للفيتو الإسرائيلي.
ولفت جاسر البرغوثي إلى أن أهل غزة أكثر أهل الأرض تقديراً للإسرى، وقال المرداوي، إن أحد أعضاء كتائب القسام أنزله من سيارته، حينما عرف أنه أسير محرر، وقبل رأسه، وأضاف أنه توسط للإفراج عن أحد المعتقلين، الذي أساء في عمل فني، لدولة تقدم الدعم لغزة، وأن رئيس الجهاز الأمني اتصل بعناصره، وقال أسير محرر اتصل بي للتوسط!!، أطلقوا سراح المعتقل على الفور، وأعطوه له.
وتحدث الضيفان عن تجربة الانتخابات الرائدة لدى حماس، وأنها تُجرى في موعدها، مهما كانت الظروف استثنائية، وأن القيادة في حماس مغرماً وليست مغنماً، وأن قادتها مشاريع شهادة، وأوضحا كيف تم اختيار السنوار عضواً في المكتب السياسي للحركة في إبريل 2012، ووجهة النظر بالوفاء للأسرى المحررين، ورفعهم إلى سدة القيادة.
كما تطرقا إلى كيفية استثمار حماس فترات السجن المطولّة في بناء وتعليم وتأهيل الأسرى والكوادر، وأن أحد المحاضرين، كان الأسير أكرم الخروبي، مسؤول مركز الأبحاث، وأستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة كولومبيا، بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتحدث البرغوثي و المرداوي، عن شخصية أحمد الجعبري، نائب القائد العام للكتائب، وأنه أول من جمع بين عضوية المكتب السياسي، والجهاز العسكري، وأن أفقه كان يتجاوز فلسطين، ولأهمية دوره ردت حماس على اغتياله بقصف تل أبيب للمرة الأولى.
وشرح الضيفان دور السنوار في حرب 2014، والتي استمرت 51 يوماً، وتطور جهاز الاستخبارات والرصد لدى حماس، وأشارا إلى أن برودة أعصابه وقدرته على اتخاذ القرار والصبر في مواجهة المعتدين، رغم كثرة التضحيات، وهدم الأبراج، أدت إلى زيادة الثقة في قدرات الكتائب، وسحب إسرائيل قطاعات كبيرة من جنودها إلى خلف خطوط التماس.
ولفتا إلى جمع السنوار بين قيادة حماس والقسام في 2017، وردة فعله على اغتيال القيادي القسامي مازن فقها، ووصوله إلى القتلة والعملاء خلال يوم واحد، ومحاكمتهم أمام الناس وتعليقهم على أعواد المشانق في وسط غزة.
كانت يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قد توقعت أن يعطي انتخاب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية، أولوية لاختطاف الجنود لتحرير رفاقه الموجودين في سجون إسرائيل.
كما توسعت المراكز الإسرائيلية في الدراسة المتعمقة لشخصية السنوار، مدفوعة بالخوف منه، وعدم توقع ردات فعله.
نص حوار محمود مردواي وجاسر البرغوثي عن:
جمع السنوار بين القيادة السياسية والعسكرية في غزة
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج “شاهد على العصر”.
في هذه الشهادة الخاصة التي يغيب فيها الشاهد عنا، ولكننا نجري حوارنا مع الشهود عليه.
الشاهد الغائب هو يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ورئيس حركة حماس في غزة، وقائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، وأحد القيادات التاريخية البارزة الذي استشهد على أيدي الإسرائيليين، حيث نشروا صورة استشهاده وأبقوه خالداً في التاريخ.
أما الشهود عليه، فهم اثنان من مرافقيه، رافقوه في السجن لسنوات طويلة، وخارج السجن أيضاً في غزة لسنوات طويلة.
أما الشاهد الأول، فهو محمود مرداوي، القيادي في حركة حماس.
أما الشاهد الثاني، فهو جاسر البرغوثي، القيادي أيضاً في حركة المقاومة الإسلامية حماس.
مرحباً بكما..
حياكم الله.
إطلاق سراح الأسرى في صفقة وفاء الأحرار
في 18 نوفمبر عام 2011، كان يوماً مشهوداً في تاريخ النضال الفلسطيني، وتاريخ المقاومة ضد الإسرائيليين، وتاريخ الأسرى، وتاريخ الشعب الفلسطيني، بل وتاريخ الأمة كلها، حيث أجبر الإسرائيليون على الإفراج عن أكثر من 1100 أسير فلسطيني مقابل الأسير جلعاد شاليط. كان كلاكما، وكذلك يحيى السنوار، وكثير من قيادات حماس وفتح وغيرها من الفصائل الأخرى، من بين هؤلاء.
أنتما من الضفة الغربية، ولكن إسرائيل اشترطت للإفراج عنكما أن يتم نقلكما إلى غزة، حيث مقر السنوار الذي رافقتموه طوال هذه السنوات.
أحمد منصور:
أنت كان محكوماً عليك، جاسر، بأكثر من ألف عام من السجن، وأنت بأكثر من ثلاثمائة عام.
ما هي تفاصيل هذا اليوم في ذاكرتك، يا محمود؟
محمود مرداوي:
لربما، يعني باتصال وجداني ومعلوماتي، يضيف ويضيء على هذا اليوم أن أسر شاليط جاء في 2005 ليبعث الروح في نفوس الأسرى بعد فشل تبادل الأسرى مع حزب الله الأخير.
وكان الأسرى يقدرون أن أي عملية أسر داخل الأرض المحتلة من الصعوبة بمكان أن يرضخ لها الاحتلال.
وكنا في غرفة مجتمعين مع قيادة فتح يوم الأسر، وقلنا: إذا أُطلق سراح أسير مقابل شاليط، نكسر هذا الفيتو والرفض، ويكون فرصة للأجيال حتى تنطلق في عمليات أسر وتحقق الإفراج عن الأسرى.
وإذا بالمفاجأة، أن براعة الوفد المفاوض الحمساوي رفعت السقف ليصل إلى 1170 أسيراً، منهم حوالي 600 مؤبد، ممن قتلوا إسرائيليين، كانوا قد قتلوا من الإسرائيليين، جنوداً ومستوطنيين، حوالي 1200 أسير خرجوا في صفقة مقابل شاليط..
فكان انتصار مدوٍ. هذا الجندي أصبح وضعه يثقل على الكيان من حيث الإدارة. وتجند الإعلام الإسرائيلي لرفع مكانته، وأدى إلى ما أدى إليه ذلك اليوم المشهود. كلنا رأينا كيف أن العدو…
أحمد منصور:
طبعاً سنتناول هذا الأمر من جانب أن يحيى السنوار كان هو رئيس جهاز حماس الذي كان يتفاوض في هذا الموضوع.
محمود مرداوي:
نعم، رئيس الهيئة.
أحمد منصور:
رئيس هيئة الأسرى.
محمود مرداوي:
هو كان يتواصل مع الخارج، فتلقائيًا هو كان يعني…
أحمد منصور:
يعني لا يمكن الحديث عن صفقة شاليط بأي حال من الأحوال دون الحديث عن الدور الرئيسي الذي لعبه يحيى السنوار فيها.
جاسر البرغوثي:
يحيى السنوار في كل تفاصيل الصفقة، هذا هو يعني الحاضر والأساسي، والعمود الفقري الذي هو جزء من المخ المدبر والدماغ المدبر لهذه الصفقة مع إخوانه الموجودين، حتى لا ننتقص من الدور الذي قام به إخوانه في الخارج.
أحمد منصور:
لكن في النهاية هناك قائد.
جاسر البرغوثي:
حتى أعطى هذا القائد هذه الإمكانيات. القائد من غير قيادات تعمل على الأرض وجنود يعملون على الأرض، لا قيمة لقراراته وقوته. لكن الجهاز الذي كان يعمل هو الذي أعطى أيضًا أبو إبراهيم هذه القوة.
ولكن أنا أريد أن أقول لك إنك سألتني عن هذا اليوم، لا أستطيع أن أمر عليه مرور الكرام. نحن في داخل السجن، يخرج الخطيب ويخطب. عنوان الخطبة: “أيها المفرج عنهم، أيها المتحررون”، ويبدأ بهذه المشاعر، وكلنا نبكي في هذا السجن. إخواننا الموجودون في السجن، تطلع الحافلات.
أحمد منصور:
أنتم كنتم في سجن واحد وقتها؟
محمود مرداوي:
نعم.
جاسر البرغوثي:
لأنهم جمعونا.
أحمد منصور:
كنت مع بعض… لأنهم جمعوكم كلكم؟
محمود مرداوي:
لأنه تم تجميعنا في نفس السجن، نفس السجن في النقب.
الآن هذه المشاعر، أن إخوانك ما زالوا في الأسر، ركوبنا في الباصات، وكل لفة عجل وكل مشي، أنت شايفها هذه عن السنين، ووصلت حدود غزة. هنا اختلطت المشاعر، أنك رايح على بلد ما بتعرفها، ما بتعرفش حد.
أحمد منصور:
عمرك ما رحت غزة؟؟
جاسر البرغوثي:
ما عمري دخلت غزة.
أحمد منصور:
وأنت يا محمود؟
محمود مرداوي:
دخلتها أنا.
جاسر البرغوثي:
فأنا يوم وصلت، طب مين اللي بدك يستقبلك؟ مين بدو يستقبلك؟ مين بدك تحكي معاه؟
أحمد منصور:
أنت مالكش أهل.
تبجيل أهل غزة للأسرى المحررين
جاسر البرغوثي:
مفيش أهل، وفجأة بتدخل غزة، ولكل الأهل الموجودين في غزة بهذا المشهد الرائع لدرجة أنه من حد ما وصلنا -وهذه رسالة يعني لازم تصل لكل العالم- طبيعة أهل غزة، وشو قيمة الأسير المحرر عندهم. أنا ما مر علي في كل اللي حكيت معهم في حياتي ناس بتقدر الأسير المحرر مثلك يا غزة وأهل غزة.
يعني نحن غير معروفين لدرجة أن الطفل مش قادر يصل للباص اللي هو بده يسلم على الأسرى، لأن الناس مجتمعين من على الجنبين، والناس بس بدها تصل. أي أسير، مجرد أنه لمس إيده في إيدي، هو سحبها وصار يبوس يده. يعني شعر وكأنه في شيء مقدس قدامه، وأمامه كان يتصرف بهذا التصرف.
فتأتي غزة، يعني ما في العيشة اللي عشناها في غزة والحياة قيمة الأسير المحرر تشعر أن الأثمان اللي بيقدموها يعني مقدم 1500 شهيد، كأنك شفت النور، وبكل عطاء، ويوم وصلنا الكتيبة، وكل غزة موجودة، مش بس حماس، يعني كل الفصائل والناس العاديين، كلهم على نفس العبارة. هذا أعظم مشهد شفناه في حياتنا، الشيخ بيبكي، والطفل بيبكي، وكلهم مبسوطين على هالمشهد اللي موجود. فحتى في داخل، إحنا قعدنا عشر سنوات موجودين في غزة، أنا أتخيل أنه في شعب بيحط الأسير المحرر على رأسه كما فعلت أهل غزة، يعني في…
أحمد منصور:
يعني في كل لحظة كانوا يشعروك أنك أسير محرر طوال العشر سنوات.
جاسر البرغوثي:
يتعاملون معك كأنك أفضل من كل قطاع غزة، لدرجة أن القسام، كنا نمشي، وكانوا يعرفون أن هذه السيارة هي سيارة أسير محرر، فيشيرون لنا. يعني أنا كنت مع أسرتي في السيارة، فطلب مني أن أنزل.
أحمد منصور:
أنت تزوجت في غزة؟
جاسر البرغوثي:
لا، أنا متزوج.
أحمد منصور:
من قبل ما تدخل السجن؟
جاسر البرغوثي:
صحيح. فأنا أول ما شاف السيارة وعرف أنها سيارة أسير محرر، طلب مني أن أنزل من السيارة وقال لي: “أريد أن أتحدث معك في موضوع”، فابتعدنا قليلاً. وإذا كان في مجال، “أبوس رأسك”.
يعني شوف شعور من ضحى وقاتل وجاع وفقر ولاقى كل الصعاب، وهو يشعر أنه يريد فقط أن يقدم لك احترامًا، هذا الشخص يشعر أن الشرف في أن يقدم لك هذا الاحترام. هذا اختلاط المشاعر. أنت ترى هذا المنظر في غزة اليوم، الشعب الذي يقدم هذا التقديم للأسير المحرر. يعني عارفين تمامًا أن هذا الإنسان ضحى، وهذا الشعب بأكمله قدم هذا الوفاء، وتُقدّر قيمة الأسير المحرر لديهم.
هذا الإنسان الذي ضحى من أجل هذا الشعب بأكمله، وهذا الوفاء الذي يحمله اليوم، يمكن ملاحظته في كل العالم الذي يُقصر في الوفاء الذي قدمته غزة. هذا اليوم هو يومٌ خاص، وكلما تذكرناه، تتساقط دموعنا. خصوصًا حين نرى الأيام التي تمر بها غزة. هذا الشعب ليس فقط يضحي من أجل الأسير المحرر الذي يضحي من أجل أمته، بل من أجل ملياري مسلم، لدرجة أنه يحرق نفسه من أجل قضية تهمنا جميعًا، قضية مسرى سيدنا محمد، هذا الشعب وفي جدًا.
لذلك، من الطبيعي أن يجد شخص مثل أبو إبراهيم هذا الترحيب، وأن يكون قائدًا داخل السجون وبعد السجون. لأن هذا الشعب وفي، ودائمًا تحيتنا لشعبنا هي أن الأسير المحرر يظل محافظًا على قيمته، كما هو الحال مع أبو إبراهيم الذي أثبت قيادته داخل السجون، وخارجها.
في هذه اللحظات، نغتنم الفرصة لنشكر شعبنا، ونؤكد أن وفاءنا له مستمر دائمًا.
أحمد منصور:
لهذا السبب هم يحترمون الأسير المحرر بهذا الشكل.
أحمد منصور:
وأنت يا محمود؟؟
محمود مرداوي:
نعم، بلا شك، كان هذا يومًا حافلًا جدًا. خرجت غزة، ولم يبقَ من يستطيع أن يخرج منها ولم يخرج. من رفح حتى بيت حانون، اجتمع الجميع. حتى وصلنا إلى الكتيبة، وخطب أبو إبراهيم خطابه الشهير، ووعد الأسرى بأنهم…
أحمد منصور:
سنعمل كل ما بوسعنا لإطلاق سراح جميع الأسرى في سجون الاحتلال.
محمود مرداوي:
نعم، لكن هذا المشهد جاء بعد غياب أبو إبراهيم لمدة 23 عامًا. وهذا يدل على أن مشروع حركة حماس، الذي قاده العديد من القادة مثل الشهيد أبو العبد والشهداء الذين سبقوه، وأبو إبراهيم، كانت منظومة كاملة تعمل بوعي، تعي ما تريد وتخطط وتبني وتؤسس، والشعب الفلسطيني في غزة احتضن هذا النموذج الذي يعكس المقاومة ويعبّر عنها. هذا الارتباط العميق بالمقاومة هو ما يميز شعب غزة.
كل شيء له علاقة بالمقاومة يتم احتضانه تلقائيًا، غزة تحتضن ثقافة المقاومة التي تعيش في قلوب الناس ووعيهم، وهي تتجاوز الفصائل. لا نقول إن من ينتمي لحركة حماس فقط هو من يقاوم في غزة. من يعارضنا ويخاصمنا، أو يقف نداً لنا في البعد السياسي أيضًا هو مقاوم ولا يحتاج إلى اختبار. الناس في غزة جميعهم يؤمنون بالمقاومة ويجلّونها.
عندي شواهد كثيرة على ذلك، على مدار السنوات..
على سبيل المثال، يعني أحد الإخوة أساء إلى دولة من الدول التي تقدم كثيرًا من الدعم لقطاع غزة، لا أريد أن أذكرها، وذلك من خلال عمل فني. فتم اعتقاله بتهمة الإساءة بناءً على دعوى من جهة مؤسساتية في غزة. على الرغم من أنني أعرف أن الشخص لم يقصد الإساءة، إلا أن المبالغة في معاملة هذه الدولة كانت واضحة. حاولت الاتصال بكل القيادات، وكل قيادي قال: “القانون لا يسمح لنا، لا نستطيع التدخل”. فقلت لهم: “عجزت.”
أحمد منصور:
هل يعني ذلك أنه بعد اعتقاله، اتصل ليطلب وساطة من أجل الإفراج عنه، أم ماذا؟
محمود مرداوي:
نعم، تم اعتقاله وأنا كنت أعرفه جيدًا وكنت أرغب في إخراجه من الأسر.
أحمد منصور:
من الاعتقال؟
محمود مرداوي:
نعم، من لحظة الاعتقال. حاولت التوسط مع جميع القيادات، لكنهم قالوا إن الأمر يتعلق بالجهات التنفيذية ولا يستطيعون التدخل. فقلت لهم: “سأحاول الاتصال مباشرة مع الجهاز الذي اعتقله.” فتواصلت مع مسؤول الجهاز، وقال لي: “من أنت؟” فأجبته: “أنا محمود مرداوي، وأشهد أن الأخ لم يقصد الإساءة.” فقال لي: “يا محمود، تفضل إلى الجهاز، عندما تصل هناك، أبلغني وسأتواصل مع المسؤولين ليفتحوا لك.
وعندما قلت للأصدقاء، قالوا لي إنت رايح عنده..
أحمد منصور:
عند مين؟؟
محمود مرداوي:
عند المعتقل نفسه؟
أحمد منصور:
يعني هيحطوك معه؟؟
محمود مرداوي:
نعم، ذهبت إلى المعتقل. فتحت الباب الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، وفي النهاية استقبلني مدير المركز. قال لي: “أهلاً وسهلاً، كيف حالك؟” وأحضر المعتقل وقال لي “اتفضل خذه ..أنت اتصلت برئيس الجهاز.” و”رئيس الجهاز قلب الدنيا وجابنا من كل مكان” بنقول له ماذا حدث ؟؟ رئيس الوزراء اتصل ؟؟ قال أسير محرر اتصل وقال بدي المعتقل وهيكفله !!
ماذا تريديون ؟؟ روحوه ..أطلقوا سراحه.. وروحته بيدي.. كل الناس استغربت..
أحمد منصور:
إكرامًا لمكانتك كأسير محرر؟
محمود مرداوي:
إكرامًا للمقاومة، إكرامًا للمقاومة فقط. هذا هو السبب. هذه الحادثة تشهد عليها غزة بأكملها، لأن هذا الشخص عمل مقطعًا فنيًا في دولة تقدم دعمًا كبيرًا لقطاع غزة، وهو قدم اعتذارًا لتلك الدولة وقال إنه بالغ في فهم مقاصدها. غزة تبجل المقاومة وتحترمها.
سر كراهية الصهاينة لأهل غزة
أحمد منصور:
ولهذا السبب، أخي، أنت الآن تفهمني سر الكراهية الشديدة لدى الصهاينة والإسرائيليين تجاه غزة ورغبتهم في إبادتها وإبادة شعبها كله.
محمود مرداوي:
نعم، نعم. هذا العداء هو الذي ينعكس في المجازر التي تحدث الآن، في التهجير والتجويع. هم يسعون للتخلص من غزة لأنها تمثل عائقًا لهم. لا يفرقون بين أي مكون في غزة أو أي توجه سياسي، لأن الثقافة الراسخة في غزة ثابتة، وكل المحطات أثبتت أن غزة تتحمل عبء الوطن على كتفها وظهرها. لهذا السبب هذا العداء عميق.
نعم، كان ذلك يومًا تاريخيًا بكل ما تعنيه الكلمة. لا يمكنك أن تجد فرحة في أي مكان في العالم مثل الفرحة التي كانت في غزة في ذلك اليوم. هذا لا ينسيْنا أن قبل إطلاق سراح الأسرى، كانت هناك عملية “أمطار الصيف”، التي استشهد فيها أكثر من 1000 شاب من غزة، وكانوا يستهدفون الشباب. كانوا ينتقون أكثر من ألف شاب، وهو عدد أكبر من عدد الذين تم إطلاق سراحهم. ومع ذلك، لم تكل غزة ولم تلن. ورفضت أن تسلم، رغم أن كل الدول اتصلت بقيادة الحركة وقالوا لهم: “رجعوا الولد ولي الجندي”” حتى أحد مسؤولي المخابرات في إحدى الدول العربية اتصل وقال: “رجعوا الولد، دعونا نوقف هذه الهجمة.” لكن غزة رفضت إلا أن تكون وفية للمقاومة ..
أحمد منصور
الي هو الذي هو شاليط يعني؟؟
محمود مرداوي
نعم
انتخابات حماس
أحمد منصور
يحيى السنوار بعد ٢٣ عاما متصلة في السجن يوم خروجه من السجن خرج قائدا وألقى الخطاب خطاب الأسرى حينما وصل إلى غزة وتعهد للأسرى الأخرين بأن يسعى للإفراج عنهم حتى عن ذوي الأحكام العالية بشكل أساسي.
في إبريل 2012 أختير السنوار في الانتخابات الداخلية للحركة عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس.
أنتم حضرتم الانتخابات.
أنا أتعجب في حاجة هنا، وأنا درست هذه المرحلة، ورغم أني عملت حلقات كثيرة عن حماس وعن الحركة، لكن الحقيقة هذه المرة دراستي كانت مختلفة للغاية وهي يعني موضوع الانتخابات، وصفت الحركات الإسلامية معظمها أنه فيها تربيطات وفيها تخبيص وكذا وانتخاباتها لا تقل عن انتخابات الأنظمة سوءا، لكن انتخابات حماس عجيبة، ناس تطلع وناس تنزل وناس تروح وناس بتحاسب. أولا كيف عايشت الانتخابات كأول عملية انتخابات تجري خارج السجن وأنتم كنتم في السجن تصوتوا تنتخبوا؟؟؟
محمود مرداوي
ما في إمكانية لو مهما شهدت السجون من ظروف استثنائية في اليوم التالي، يعني بعد انتهاء الستة أشهر تجديد دورة مباشرة وتجري الانتخابات ويتم اختيار قيادة للسجن وقيادة على مستوى السجون للحركة بانتخابات شفافة، وفيها تنافس وفيها برامج، وفيها يعني اختلاف ما بين القائد وتوجهاته، وقائد آخر يريد أن يذعن خلينا نقول أو يسلم بكل ما يأتي من الخارج، وقائد يريد ان يتدخل ويشكل وعي الخارج باتجاه ملف الأسرى لا نقول الملف السياسي ماذا نبذل من أجل اطلاق سراح الأسرى؟
يوجد قيادات تقول اتركوا إخواننا الهم الفلسطيني يثقل عليهم تحديات كبيرة. لا تزيدوا من هذا الهم وهذه الأعباء أرجوكم. وقائد يأتي ويقول لك على رأس. الاهتمامات يجب أن يكون الأسير، وكيف لأهل هذا الأسير عندما يزوروا السجن عشرات السنين؟ هذا نموذج منفر وليس جاذب للمقاومة في الحاره في القرية في المخيم، فيجب أن يكون على رأس الأولويات.
الكانتين كان يصرف 17 شيكل يعني ما بعرف بالدولار ماذا يساوي اليوم 17. ويأتي واحد يقول لك أنا لا بجيب 19. كيف بده يضغط على الحركه اللي تحصل على أموال بطرق مختلفة لرفع يعني الكانتين فكان في خلاف.
وانت لما تختار شخص بعيدا عن الأساسيات.
أحمد منصور
أريد أن أفهم المشاهد أن الكانتين اللي داخل السجن هو محدد لكل شخص يصرف يجيب أكل أو أشياء أساسية بالنسبة له ..
أنت أنت بالنسبة لك أنت: ما الذي شكله حضورك أول انتخابات لحركة حركة حماس في أبريل 2012 في غزة، وصعود اثنين من الأسرى أعضاء في المكتب السياسي لحماس هما يحيى السنوار وروحي مشتهى.
قادة حماس مشاريع شهادة
جاسر البرغوثي:
أولاً، أريد أن أقول إن شعبنا وفيّ ويقدر من يقدم له، بمجرد أن يخرج الأسير من السجن، يتم تكريمه، ويتم وضع إسمه في الصندوق، ولكن الأسير المحرر ليس مجرد شخص ضحى، هو شخص مرّ بتجارب قيادية سواء داخل السجن أو خارج السجن، كان أمير في مسجده، و مسؤول العمل الطلابي في مدرسته وجامعته، ومارس الدور الطلابين والعمل القيادي، وكان له دور قيادي في المقاومة. وقد وصل إلى القيادة من خلال كفاءته، وليس عبر تربيطات أو محسوبيات. هذا هو الفرق بين حماس والفصائل الأخرى.
وكذلك مارس الدور القيادي في داخل السجن، هو عمليا يعتبر أغنى من أغنى القيادات في التجربة، يعني من بداية حياته هو تشكل في قيادته ووصل الذروة على مستوى الهرم السياسي.
يوجد عندك قيادة مش حريصة على مواقعها التنظيمية، هي مشاريع شهادة إنه أي إنسان يتقدم وهو حريص على الدنيا، كان ما بيسمح إنه حدا يتقدم عليه، بس يوم إحنا نأتي في معركة ونقدم ثلاثة شهداء هم مسؤولين الإقليم ورئاسة الحركة..
أحمد منصور:
الشيخ أحمد ياسين كان دائمًا يتحدث عن هذه الروح، وبعده الرنتيسي.
جاسر البرغوثي
لا أنا بس بدي أحكي بس في الأيام اللي إحنا عايشين فيها إحنا رئيس الحركة والشيخ صالح مسؤول الإقليم رحمة الله عليهم.
أحمد منصور
يعني خلال طوفان الأقصى. استشهد ثلاثة من كبار قيادات القيادات الرئيسية في.
جاسر البرغوثي
القيادات الرئيسية في هذا الأمر يعني أن الناس مش حريصة.
أحمد منصور
صالح العاروري رئيس حماس في الضفة الغربية. إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي. يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي وقائد الحركة.
جاسر البرغوثي
فنحن يعني قيادات واعية عارفة شو هذا الموضوع، هذا الموقع الذي يتولاه هذا الموقع هو مغرم.
احمد منصور
يعني المسؤولية في حماس مغرما وليست مغنماً..
جاسر البرغوثي
أكيد والصورة شاهدة.
استثمار حماس فترات السجن لبناء وتأهيل الكوادر
أحمد منصور:
لكن هناك نقطة مهمة لفتت نظري أيضًا وأنا أدرس هذه المرحلة، وهي اهتمام حماس وأنتم في السجون. فترة السجن بالنسبة لمعظم الأسرى كانت فترة بناء سواء علميًا أو نفسيًا أو من جميع النواحي. هناك من أخذ دكتوراه في السجن، وآخرون أخذوا الماجستير، وآخرون درسوا الكثير من الأمور. فتم تأسيس تربية الناس على استثمار كل لحظة في الحياة، فاللحظة في السجن ليست فترة انقطاع، بل هي فترة بناء.
محمود مرداوي:
نعم، هي جزء من المواجهة. العدو يريد أن يفرغ طليعة الشعب الفلسطيني. من الذي يقاتل ويضحي ويتقدم الصفوف هو الطليعة. حتى لو كان هناك من هو أكفأ منه، لكنه متأخر في الصف أو متردد أو غير مؤثر، فإن المؤثر هو الذي يدخل السجن عادة. لذلك، الاحتلال يريد أن يحول هذا الكم الهائل من الشباب إلى أشخاص محبطين، لا يمتلكون وعيًا ولا ثقافة، مهتمين بأمور لا علاقة لها بالنضال الوطني الفلسطيني. لكن الحركة الأسيرة تتصدى لهذا التوجه وتبني الأسير في أسس لا تهادن فيها، مثل القراءة، والكتابة، وتلاوة القرآن.
أحمد منصور:
أنتما تحدثتما عن حالات غريبة جدًا، هل يمكنكما مشاركة بعض القصص التي روريتموها أثناء التحضير؟
جاسر البرغوثي:
فيما يخص التعليم داخل السجن، كانت هناك فترات في المعتقلات كانت تتراوح بين ستة أشهر وسنة. كان هناك الكثير من الأحكام البسيطة، والناس دائمًا يذهبون ويعودون، فكانت فرصة لحركة حماس لتربية الجيل كما تشاء. تخيل، في كل قسم كان يتم جمع حوالي 120 أخًا من حماس، ويعطونهم دروسًا. كنا نحصل على ثلاث جلسات في اليوم. الجلسة الأولى كانت بعد صلاة الفجر، ثم ندخل في جلسة قرآن، وبعد ذلك فطور ثم جلسة عقيدة، ومن ثم جلسة فكرية. وكان هناك أساتذة داخل السجون.
أحمد منصور:
وعندكم أساطين في العلم داخل السجن؟
جاسر البرغوثي:
نعم، وكان هناك أشخاص، مثل طلاب جامعات ودكاترة.
أحمد منصور:
وأنت، محمود، كنت تدرس ماذا في السجن؟
محمود مرداوي:
كنت أدرس العلوم الإنسانية، مثل دراسة كل تشكيلات العدو، النظام السياسي، الجيش، والمؤسسات الأمنية. وأحيانًا، عندما لم يكن هناك مدرسون في مجالات معينة، كنت أدرس بعض علوم الاجتماع وما شابه ذلك.
أحمد منصور:
وما هي قصتك أنت يا جاسر؟
جاسر البرغوثي:
كانت هناك قصة لشخص أمي دخل السجن، لم يكن يقرأ أو يكتب، وكان لديه حماس قوي. فكان من الطبيعي أن نساعده، بدأنا نعلمه القراءة والكتابة، ثم بدأ في حفظ القرآن. وبعد فترة، قال لي: “من قال إن حفظ القرآن سهل؟ لقد حفظت سورة النساء في ساعتين.” !!
أحمد منصور:
سورة النساء في ساعتين؟
جاسر البرغوثي:
نعم، حفظها في ساعتين. هذا الشخص كان جاهلًا في البداية، ولكن عندما تم تعليمه، أصبح إمامًا وواعظًا، وأصبح حافظًا للقرآن. هذه النقلة النوعية تساهم في تغيير الشخص إلى إنسان آخر. وهذا هو المعنى الحقيقي للحركة.
أحمد منصور:
يتهيأ لي لو كانت إسرائيل تعرف هذا لما اعتقلت هؤلاء الأشخاص أصلاً.
جاسر البرغوثي:
أنت تستثمر في الإنسان، إحنا شو اللي خلى غزة تصبر هذا الصبر؟ هي عمليا شو في موجود في غزة غير الإنسان ؟؟ ما في اشي غير الإنسان. حماس هي عمليا استثمرت في الإنسان، وجدناه يتحدى هذه الابادة التي لم تمر في التاريخ..
أحمد منصور
2006 يا محمود ؟؟
محمود مرداوي
نعم 2006. العدو بدأ يعتقل في الاستخبارات الهجومية. يعني الرصد.
أحمد منصور
اللي في حماس؟؟
محمود مرداوي
في حماس الذين يتقدمون الصفوف ويرصدون القوات قبل ما تتطور.
أحمد منصور
طبعا حماس كان عندها جهاز أمني، جهاز الرصد.
محمود مرداوي
في الاستخبارات العسكرية عندنا قبل ما تتطور الاستخبارات العسكرية أصبح عندها قدرة على كشف يعني واسع جدا في كل الخبرات.
أحمد منصور
الاستخبارات العسكرية في حماس تطورت لدرجة أنها أصبحت تتفوق حتى على الشباك الإسرائيلي.
محمود مرداوي
في جوانب معينة
أحمد منصور
في جوانب معينة
محمود مرداوي
الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية هي توازي الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية
أحمد منصور
أنتم عملتم أجهزة في حماس توازي الأجهزة الإسرائيلية بالضبط.
محمود مرداوي
بالضبط.
أحمد منصور
يعني بنته حماس مثلما الدولة الإسرائيلية مبنية.
جاسر البرغوثي
مش بالضبط.
أحمد منصور
بنسبة عالية على قدراتكم يعني.
محمود مرداوي
ما هي نفس اللي موجود في الدول
جاسر البرغوثي
بحسب حاجة غزة يعني.
أحمد منصور
على حسب حاجتكم
محمود مرداوي
الدول هيك كل الدول يعني هو الإسرائيلي، هذا نموذج دولي أنه في أمن داخلي وفي أمن خارجي موساد عندهم استخبارات عسكرية
محمود مرداوي
كل هذا في شيء يتحكي وشيء ما يتحكي. المحصلة أن هذه.
أحمد منصور
اديني السقف بتاع الحكاية.
محمود مرداوي
يعني اتمم فصارت اعتقالات واسعة، كل من يقترب من المزارع يتم اعتقاله الآن جاؤوا يعني هؤلاء من البدو الذين يسكنون على حافة البوابات الشرقية لغزة، فأنت مضطر للمعلومات، فأنت تجندهم، الأخوة يعني البدو الذين يعيشون في أماكن نائية، يخرجون الناس من الإبتدائي في التعليم فلا يجدون، لكن أنت بحاجة إليه، وقادر على الرصد، وأعطاك المعلومة..
أحمد منصور
ويعمل مع المقاومة
محمود مرداوي
ويعمل مع المقاومة فاتونا فأصبح هناك نسبة لأول مرة تمر علي في السجن أن يأتي عند حماس نسبة عالية، مستواهم التعليمي متدني..
محمود مرداوي:
العدو بدأ حملة اعتقالات واسعة، وكل من يقترب من الأراضي الزراعية يتم اعتقاله، وقد جندوا أشخاصًا من البدو الذين يعيشون في المناطق النائية، وأصبحوا مصادر معلومات مهمة للمقاومة.
أحمد منصور:
2006؟؟
محمود مرداوي:
نعم، عام 2006 وكان لدينا مشروع في سجن عسقلان. كان هناك حوالي 130-140 أسيرًا في السجن، وكانت مستويات التعليم لديهم متفاوتة.
أحمد منصور:
أي كانوا شبه أميين؟
محمود مرداوي:
نعم، حوالي 70، فكان منحل، لكننا قدمنا لهم دروسًا مكثفة في القراءة والكتابة، وبالتأكيد في القرآن، وبدأوا يتطلعون لتعلم لغات أخرى، مثل اللغة العبرية، . بدأوا بدهم يتعلموا اللغة العبرية. لا أنا طفرت حالي، كنت أربع خمس حلقات تعليم لأنهم مستويات مختلفة.
أحمد منصور:
هل كنت تدرس العبرية؟
محمود مرداوي:
نعم، وأنا لست الوحيد الذي كان يدرسها.
أحمد منصور:
هل تعني أن السجون كانت محطة ورافعة للعمل في الخارج؟
محمود مرداوي:
طبعا اللغة العبرية ويوجد غيري. لكن انا يعني انا اتحدث عن نفسي فهذا لا. انا اؤيد ما تقوله إن كانت السجون محطة ورافعة يعني العمل في الخارج والاستعداد.
أحمد منصور:
مثلاً، كان يمكن لشاب بدوي أو شبه أمي معتقل أن يأتي إلى السجن، وبعد فترة يصبح خطيبًا في الجمعة؟
جاسر البرغوثي:
بالضبط، هؤلاء الأشخاص كانوا يتم اكتشاف قدراتهم، وقد تم فرزهم وفقًا لذلك، وكانوا يتم تدريبهم على الخطابة وتجويد القرآن.
في ناس عندهم هواية الخطابة لكن لا يستطيع. كانت توجد دورات للخطابة في دورات تجويد. في عندك يعني أخونا أكرم الخروبي رحمة الله عليه هو كان دكتور يعطينا أربع جلسات في اليوم، وهناك جلسات يدرس في أكثر من تخصص كان موجود لأنه ما شاء الله عنده، يعني من خيرة الناس.
أحمد منصور
عرفنا شوية، لكن مش عارفين تخصصه، ولا بيعلمكم إيه؟
محمود مرداوي
كيمياء حيوية. مسؤول مركز أبحاث جامعة كولومبيا.
أحمد منصور
في جامعة كولومبيا؟
محمود مرداوي
نعم، كولومبيا.
أحمد منصور
وكان أسير معكم؟
محمود مرداوي
نعم، معتقل على قيادة الضفة الغربية، وكان مسؤولاً عن اللجنة الإدارية في الضفة الغربية.
أحمد منصور
وهو أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة كولومبيا؟
محمود مرداوي
نعم، كولومبيا.
أحمد منصور
كولومبيا في نيويورك؟
محمود مرداوي
نعم.
جاسم البرغوثي
فكان يعطي الفصائل عبر الرسائل. الجلسات يعني يكتبها على ورق ويبعثها لأخ موجود في الفصائل، وحتى في الفسحة كان يجمع الفصائل ويعطيهم الجلسات. يعني في ناس في الأسر عطاء لا ينضب. هذا الدكتور كان يعطينا جلسات في حماس، ثلاث أو أربع جلسات، يعطي الفصائل عن طريق المراسلة، يعطيهم عن طريق الفورة، وأبعد من ذلك، هو لم يكن يترك أحدًا في الغرفة عنده، كان لا يترك أحدًا إلا ويشجعه على العمل. كان يُشجع على القيام بأي مهمة، سواء كانت طبيخًا أو غيره. هؤلاء الناس مميزون، وكانوا دائمًا يحدثون نقلة نوعية في السجن.
أحمد منصور
أرجع للشهيد يحيى السنوار، الذي أصبح عضوًا في المكتب السياسي لحركة حماس، وأصبح مسؤولًا عن الجناح العسكري لكتائب القسام، ولعب دورًا كبيرًا في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري خلال العدوان الإسرائيلي على غزة سنة 2014. كيف عايشتم دور السنوار في 2014 خلال الاعتداء الإسرائيلي على غزة؟
محمود مرداوي
نعم، عايشناه في الحربين. في 2012 بعد اغتيال الشهيد الكبير أبو محمد الجعبري.
أحمد منصور
أحمد الجعبري؟
محمود مرداوي
نعم، وكذلك في 2014.
أحمد منصور
الجعبري استشهد، هل قابلته وعرفته؟
محمود مرداوي
نعم، كثيرًا.
أحمد الجعبري
أحمد منصور
طيب، إحكي لنا قليلاً عن شخصيته.
محمود مرداوي
أبو محمد الجعبري كان شخصية فولاذية، قوية، عندما تجلس معه، تشعر أنك أمام رئيس إمبراطورية، كان لديه في جسده نفسٌ متوقدة لتحقيق كل شيء، لا يحد من قدراته وطموحاته شيء.
بالمناسبة، قبل أسبوع، تعرض ابنه مؤمن لعملية اغتيال ونجا منها، بينما استشهد أبناء أحد الناطقين باسم حركة حماس.
أحمد منصور
من إسرائيل أو من عملاء؟
محمود مرداوي
من إسرائيل طبعًا. أبو محمد كان شخصية عملياتية ميدانية.
أحمد منصور
يجيد التخطيط والتطبيق.
محمود مرداوي
نعم، والتنفيذ، وكان لديه وعي سياسي. هو الذي جمع بين المكتب السياسي لأول مرة. كانت تجربة الجمع بين المكتب السياسي والجهاز العسكري، وكان ذلك بمثابة قاعدة أساسية لهذا التنسيق. وجاء تباعا المجاهد مروان عيسى في نفس الدور، لكن من وضع الأسس لهذه السياسة كان أبو محمد الجعبري. كان يتدخل في رسم السياسات الكبرى، وكان لديه آفاق تتجاوز فلسطين. لو أُتيح له المجال، كان يسعى لبناء تحالفات واسعة في المنطقة.
أحمد منصور
يعني كان رجل دولة لا يفكر فقط في حدود غزة أو حدود القسام.
محمود مرداوي
نعم، وكان لا يترك فرصة دون أن يستثمرها. لا يترك فرصة تمر دون أن يستفيد منها. مثلاً، عندما نتذكر موضوع جلعاد شاليط…
أحمد منصور
هو كان يقود من الجانب…
محمود مرداوي:
اتصل فيه. اتصل فيه مسؤول، عضو في المكتب السياسي الآن موجود في غزة وربنا يحفظه، يعني أبو أحمد علي العامودي، وقال له: “أنا قاتلت في حماس وأنا اغتلت، قادة الشاباك في الضفة الغربية، في رام الله كانوا في عملية عندما أرادوا أن يجندوا أبو حميد، فقمنا بعملية وقتلنا الشاباك، وأنا كنت مشاركًا في قتل مستوطنين.”
أحمد منصور:
اثنان من الشاباك قتلا، ضباطًا.
محمود مرداوي:
نعم، هو من قاد العملية. وأنا اليوم أسمع بأن حركة حماس تريد أن تطلق سراح شاليط وأنا أبقى في السجن، وهذا مخيب للآمال، ولا ظني في حماس أن تفعل ذلك، قال له أبو أحمد، اسمعني يا أبو أحمد، أنت سامعني؟ ومسؤول الشاباك سامعني؟ ومراقب الخط…
أحمد منصور:
كان على الهاتف؟؟
محمود مرداوي:
نعم، على الهاتف. اسمع، أقول لك.
أحمد منصور:
كان أبو أحمد أسيرًا.
محمود مرداوي:
أبو أحمد، اسمع، أقول لك: “ما يروح شاليط وأنت مش مروح، وتوكل على الله.” كلمة وابني عليها. قد ما حاولوا، يمين شمال، شمال يمين. المصريون قالوا لهم: “أنتم لا تعلمون من هو الجعبري، إن لم يطلق سراح أبو أحمد العامودي، لن تتم الصفقة.” فأطلقوه، رغم أنه…
أحمد منصور:
رفضوا إطلاق سراح الآخرين لأن هناك ضابطًا آخر من الشاباك قتل.
محمود مرداوي:
نعم، لكن هنا القصة. يورام كوهين، رئيس الشاباك في ذلك الوقت، كان صديقًا لمن قتل في رام الله، وكان هو المسؤول وهو الذي أرسله. فمن قتل أبو أحمد؟ كان يورام كوهين قد أخذ عهدًا على نفسه ألا يطلق سراح أبو أحمد العمودي. لكن الأقدار ثم إرادة هذا العظيم… أنا أقول لك قصة من السجن عن أبو أحمد الجعبري. حدثني فيها أحد ضباط السجن الذين عايشوه.
أحمد منصور:
ضباط إسرائيليون؟
محمود مرداوي:
نعم، ضباط إسرائيليون حدثني.
أحمد منصور:
لو تذكر اسم الضابط للتوثيق.
محمود مرداوي:
هو عراقي من أصل عراقي.
أحمد منصور:
ومن أصل عربي؟
محمود مرداوي:
نعم، من أصل عراقي.
أحمد منصور:
يهودي عراقي.
محمود مرداوي:
نعم، يهودي عراقي. الآن كل من كان في عسقلان يعرف من هو “أسمر هيك”. فقال لي: “أنت عشت مع أبو محمد الجعبري؟” قلت له: ” نعم” يعني نزلت عسقلان وكان منقولًا إلى النقب. قال لي: “أريد أن آخذ فكرة، عنه قديش عقله يعني صلب ما يعني مستعد يتنازل بقوله كان لي يوم من الايام قرروا أن لا يقفوا على العدد، اه حركة حماس في السجون.
أحمد منصور:
العدد ده أسوأ شيء.
محمود مرداوي:
نعم، أنت قف على العدد.
أحمد منصور:
كل شويه يطلعك خمس مرات في اليوم.
جاسر البرغوثي:
أربع مرات.
أحمد منصور:
أربع مرات.
محمود مرداوي:
فقال: “جينا، قفوا على العدد.” أعطيناهم غازًا، فاغشي عليهم. ثاني يوم، غاز كان لي ستة أشهر كل يوم، المغرب كان في الصباح وفي الظهيرة نضرب غاز. نغلق الأبواب ونعاقبهم بعدم خروجهم إلى المتنزه، لكن في الليل نعطيهم غاز في الغرفة. قال: “ستة أشهر.”فجاء المدير وقال لهم…
أحمد منصور:
ستة أشهر؟
محمود مرداوي:
ستة أشهر، وهم يضغطون عليهم.
أحمد منصور:
180 يوم.
محمود مرداوي:
وأبو محمد الجعبري يصر على عدم الوقوف على العدد. فجاء المدير وقال لهم: “يا عمي، حل بيننا وبينكم، ارفعوا شكوى للمحكمة. وأكيد المحكمة ستراعي بعدكم الديني، وتجد حلاً يخلصنا من الضغط الذي أنتم فيه والذي نحن فيه.” فاكتبوا. فكان الخبر هذا المدير فكتبوا ورقة وراحت للمحكمة. نزل أبو محمد إلى المحكمة فقال له القاضي: “وقف أمام القاضي.” قال له: “أنا ستة أشهر بأترش غاز في السجن، بدك أوقف لك مش موقف؟” قال له: “روح، رشوهم غاز.”
وبقي الأمر يتأجل حتى حل من الناحية السياسية في تبادل 2005.
أحمد منصور:
كل قائد من حماس يريد دراسة خاصة عنه وعن شخصيته وعن عناده مع الإسرائيليين.
محمود مرداوي:
من عالج المشكلة هو تبادل 85 الذي خرج فيه القائد الكبير زياد النخالة وبقيت…
أحمد منصور:
حركة الجهاد.
محمود مرداوي:
حركة الجهاد، ويعني حوالي 1500 تقريبًا. لكن كان عدد محدود من المؤبدات أو من الذين قتلوا إسرائيليين، لكن عدد كبير لنورس، وهي تأتي في الدرجة الثانية بعد… يعني عملية تبادل شيء.
أحمد منصور:
تتذكر شيء عن أحمد الجعبري قبل أن أعود إلى يحيى السنوار؟
جاسر البرغوثي:
حتى نعرف قيمة أبو محمد الجعبري. نعرف ما حدث بعد استشهاد أبو محمد الجعبري هو أن حماس، ببضع صواريخ فقط، تمتلك حتى…
أحمد منصور:
2012.
جاسر البرغوثي:
في 2012، قرروا ضرب تل أبيب، الذي كان يعني ما في إنسان في مخيلته يستطيع أن يضرب هذه الدولة في تل أبيب بالذات.
حماس تمتلك عددًا محدودًا من الصواريخ التي تصل إلى تل أبيب، وتكرر ضربها حتى تعرف قيمة أبو محمد في غزة وعند القسام.
هذا القائد، وأنت تقول إنه يبدو أن غزة طبيعتها هكذا. غزة زاخرة بالشباب، ما يصل الإنسان لموقع مسؤولية ويثبت فيه. بتدافع الشباب الموجود هذا إلا أن يكون كامل المواصفات ومؤهلًا لهذه القيادة.
وأبو محمد، يعني أنا سامع من… عندما استشهد كثير من الناس شعروا باليتم، يعني من القسام يقول لك: “معقول؟” هم كانوا يعتبرونه كأب لهم في هذا الجانب، جانب الاحتلال.
أحمد منصور:
معنى كده أنه شخصية ذات قدرة عالية على استيعاب.
جاسر البرغوثي:
أبويه، وقادر على استيعاب الناس. يعني إحنا كأسرى محررين، نحن لمسنا من أول ما خرجنا جمع الأسرى المحررين، هؤلاء ولادي، هؤلاء بدهم يتعاملوا معاملة خاصة، كيف كل شهر، العطاء، الذي كان واقفًا معنا فيه. ما حد يقدر… يعني مجرد أي ملاحظة على الأسرى المحررين كان يعتبرهم هؤلاء غرباء، هؤلاء عندي كأب، وموجود هذا الأمر، شهادة الاحتلال أنه رغم أنهم اغتالوه، هم قالوا…
أحمد منصور:
في أشياء كثيرة، الحقيقة الإسرائيليون قالوها، رغم كل ما لديهم من كراهية للفلسطينيين، لكن كنت أجد.
جاسر البرغوثي:
هم حكوا عن أبو محمد الجعبري.
أحمد منصور:
يتحدثون فيها بشيء من الإعجاب والإبهار عن قيادات حماس.
جاسر البرغوثي:
هم يحكوا عن محمد الجعبري، رغم أنهم اغتالوه. قالوا: “نحن قتلنا اللي نقدر نتفق معه، يعني بيقدر يعطينا عهد فيه.” مثلًا، يعتبرونه في قمة الرجولة.
جمع السنوار بين القيادة السياسية والعسكرية
أحمد منصور:
دعني أرجع الآن إلى 2014. أصبح يحيى السنوار هو من ينسق بين الاثنين وعملية الاعتداءات الإسرائيلية. أنتم كيف عايشتم هذه الفترة في 2014 تحديدًا؟
جاسر البرغوثي:
أبو إبراهيم يوم الجمع بين الأمرين، يعني حتى لو ما كان في هذا المكان، هو عمليًا يجمع بين الأمرين. لأن الاحترام للقسام وقيادة القسام التي كنا نشاهدها من رأس الهرم، يعني وكل المجلس العسكري لأبو إبراهيم والجانب السياسي. فكان هو من الناس الذين، عمليًا وكأنه دمج الأمرين، يعني أصبح المجلس العسكري وفي فترته يعني حتى أعضاء المجلس السياسي ذهبوا وأخذوا دورة عسكرية في غزة، لدرجة أنه خلاص الناس يعني اندمجت وكأنها أصبحت جسمًا واحدًا موجودًا عندنا في غزة.
أحمد منصور:
لأنه في النهاية يعتبر هذه حركة مقاومة.
جاسر البرغوثي:
هذه حركة مقاومة في غزة، فعلاً. يعني هذا المنظور في غزة بشكل عام. بس هو إنسان قدر أنه يوصل ويذيب الحواجز بين المكتب السياسي والجهاز العسكري.
أحمد منصور:
بعد 2014، يحيى السنوار أجرى تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية وأقال قيادات بارزة، هل عندكم فكرة عن هذا الموضوع؟
دور السنوار في حرب 2014
محمود مرداوي:
أبو إبراهيم، أول شيء، نعطي 2014 حقها. 2014 أول حرب، يعني من حيث الزمن تفوق كل الحروب التي خاضتها الجيوش العربية. 51 يومًا حربًا مع العدو الصهيوني، جيش والألوان تكن القسام بعد… يعني متبنية استراتيجيات محددة لها علاقة مثلًا في البناء الذاتي، التصنيع لم تتجاوز بعد الخطة الدفاعية. كانت منهمكة بالخطة الدفاعية التي عملها قبل الأنفاق ولها علاقة بالتصدي للعدو. ثم، يعني، لاحقًا حدثت تطورات أعادت النظر في أمور كثيرة. في رؤية القسام وحركة حماس.
هذه الحرب لأول مرة، تدار بدأت بمستوى وانتهت بنفس المستوى، ولكن في العشرة أيام الأخيرة كان قد تغيرت الحرب من استخدام الصواريخ إلى المدفعية. ثم بعد أن حشد العدو 104000 جندي حول غزة، بقيت المدفعية صامتة بعد اليوم الأربعين تقريبًا. يعني إلا في مجالات محددة تم تبني استراتيجية إمطار القوات بقذائف الهاون وبدأت تتعالى أعداد القتلى. لإنه في البداية كانت عمليات الإنزال، الإنزال خلف الخطوط من الأنفاق.
أحمد منصور:
هذه هزّت الإسرائيليين.
محمود مرداوي:
هزّت الإسرائيليين.
أحمد منصور:
أعتقد كان فيها أيضًا عملية من البحر في نفس الدقيقة.
محمود مرداوي:
نعم. يعني سحبت قطاعات كبيرة من القوات الإسرائيلية إلى مناطق أبعد. وكان قد تطور جهاز الاستخبارات والرصد لدى الحركة. وكان يرصد القوات أين تتموضع، فكانت في مدى المدفعية. فتم استخدام المدفعية.
ما أريد أن أقوله هو أن هذا كان تحت قيادة أبو إبراهيم، كان يتولى هذا المنصب، وأبو خالد الضيف، نعم في هذا الموضوع.
إدارة الحرب في 2014 أعطت ثقة كبيرة داخل القسام لأداء أبو إبراهيم جلده، يعني برودة أعصابه، وقدرته على اتخاذ القرار والصبر في مواجهة الأعداء، يعني كانت…
أحمد منصور:
أول مرة حرب تستمر 51 يومًا.
محمود مرداوي:
51 يومًا وكانت فيها تضحيات كبيرة، حتى اللحظة، لم يتعود عليها الفلسطينيون. كانت مسافة طويلة، وهدم الأبراج بشكل كبير، بعد اليوم الأربعين، بدأت الأبراج تستهدف.
جاسر البرغوثي:
نحن حتى ننصف مؤسسة القسام وجهاز القسام، يعني هناك ركن الرقابة في القسام، في أي عملية، حتى على مستوى غير الحروب، إذا حدث انفجار مثلًا، حتى في التدريب، حتى لو صار خطأ في التدريب مثلًا كان مدربًا وتم إطلاق نار على أحد المقاتلين، على طول تتشكل لجان واللجان هذه بتتبع الأمور.
و في حرب 2014، يوم تشكلت اللجان كما في أي حرب، في أي تصعيد، في أي… على طول بعد انتهاء المعركة يتم تشكيل اللجان. هذه اللجان يتم أخذ قرارات فيها، ولكن بوجود شخصية مثل أبو إبراهيم، بيكون الإنجاز سريع والقرارات حاسمة، وين الخطأ يعالج.
أحمد منصور:
في بداية 2017، أجريت انتخابات جديدة في حماس. نُشرت تقارير كثيرة أن كتائب القسام سجلت تفوقًا في الانتخابات على المكتب السياسي وأخذت تغييرات جوهرية.
إسماعيل هنية أصبح رئيسًا للمكتب السياسي خلفًا لخالد مشعل الذي بقي في منصبه عشرين عامًا، بينما اختير يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي في غزة ورئيسًا لكتائب القسام في نفس الوقت.
ماذا كان يعني الجمع بين الاثنين؟
محمود مرداوي:
نعم، هذا هو الجمع هنا. يعني وقع؟
أحمد منصور:
نعم، ليس في 2014، للتصحيح.
محمود مرداوي:
جيد، هذا يعني أننا لم نعطِ 2014 التتويج المناسب للتغيير.
نعم، مؤسسة القسام، أبو إبراهيم كان في المعتقلات لمدة 23 عامًا، وبنيت القسام وأُسست ونشأت وتصدت لعدوان غاشم في 2008 و2009 بلا شك، وصمدت في 2009 و2012. يعني اندلعت الحرب ولم يكن لأبي إبراهيم دور كبير، كان يتولى الأمن، كان يتولى الأمن. أبو إبراهيم وليس القسام في حينه، ولكن القسام قام بأداء عسكري موفق.
كانت الظروف البيئية والإقليمية أفضل بكثير من أي حرب أخرى.
لا نريد أن نستغرق في هذا المجال، لكن حدثت أمور في زمن إبراهيم وبحضور… يعني أهمها رفع مستوى الثقافة العسكرية والتعليم داخل القسام الكلية. ويعني، بدأ الخريجون في القسام. لا يُسمح لضابط في القسام يقود فصيلًا أو سرية من دون أن يكون قد تخرج من هذه الكلية العسكرية، وهي كلية لا يخجل القسام بأن يقول إنها توازي الكليات العسكرية في الشرق الأوسط. ثم افتُتِحت كلية الاستخبارات، وهي كلية موازية.
أحمد منصور:
أسَّست النظام العسكري كما لو أنه دولة.
الانتقال من من من حركة مقاومة إلى دولة لها إمكانات.
جاسر البرغوثي:
الذي يطلع على وضع غزة يراها دولة، وهي نواة الدولة، ومن أفضل ما يكون. ولهذا قرر العالم أن ينهي هذا النموذج، لأنه لأول مرة نكون نحن لدينا هذا النموذج.
أحمد منصور:
نموذج الحركة، الدولة، حركة المقاومة، الدولة.
جاسر البرغوثي:
أنت تُمارَس حركة كدولة تحت الضغط، مش في أريحية. في حصار، تحت الاحتلال، ووضع إقليمي غير مساعد. تجد أولاً لدينا الأمن العام المختص بالأمن الداخلي، الذي يتبع أفراد حماس. لدينا الأمن الداخلي والمخابرات، وكان لدينا الاستخبارات، فكل هذه الأجهزة الأمنية لحماية الصف الداخلي لحماس.
إلى درجة أنه في يوم اغتيال الشهيد مازن فقها، كان لدينا إشارتان في اغتياله سنة 2017.
أحمد منصور:
ما كان منصب مازن فقهاء؟
مازن فقها
جاسر البرغوثي:
كان قياديًا في القسام في الضفة الغربية من الأسرى المحررين الذين ذهبوا إلى غزة. وكان يقود العمل العسكري في الضفة الغربية. هناك إشارتان تتعلق بغزة وتعاملها مع الأسير المحرر، من رأس الهرم إلى أصغر مواطن في غزة. كانت ضجة داخل مكونات غزة… كيف غريب أن يُقتل عندنا. يعني، لم أرَ مشهدًا مثل هذا، كيف كان تأثيره على الناس. وأبو إبراهيم قام بحملة أمنية في جميع أنحاء قطاع غزة. كما جاء في التقرير العبري اليوم، بعد الطوفان، حيث تحدثوا عن نجاح الطوفان بسبب الحملة الأمنية التي قام بها أبو إبراهيم، وتلك المعلومات التي جمعها وقتها كانت هي التي مكنته من خداع الاحتلال والعملاء المزدوجين، وطبيعة الاحتلال.
وبناءً على ذلك، اتخذ القسام قرارًا بعدم الاجتماع كمجلس عسكري أو مكونات بناء، لأنهم كانوا يعرفون كيف يعمل الاحتلال. واتخذوا قرارًا أن لا يجتمعوا بشكل كامل، وأن لا يعطي الاحتلال فرصة لضرب قيادة غزة. كانت هذه المنظومة تحت الضغط، وفي شخص واحد تحقق كل الأهداف، بسرعة عجيبة، تصل إلى القتلة وتحاكمهم أمام الناس، بل وعلقت لهم المشانق في وسط غزة حتى يكون ذلك درسًا للعملاء.
أحمد منصور:
وكانوا عملاء.
جاسر البرغوثي:
وهذا كان سبب نجاح الطوفان، نقاء هذا الصف.
تتخيل أنه حتى في حالة أن الاحتلال من السماء والأرض، مع العملاء الموجودين… الانقسام ذهب إلى خطوة كهذه، حيث نفذ في ساعتين، وحتى الفصائل كانت لا تعرف ما الذي يحدث، وهذا هو النجاح.
أحمد منصور:
ما زالت الأكاديميات في العالم تدرس 7 أكتوبر. ربما يستمرون في دراسته لعقود.
جاسر البرغوثي:
أقول لك حتى الآن… أصحاب الطوفان، يجب أن يتم الإفراج عن جميع الأسرى حتى يعرف الناس قيمتهم.
أحمد منصور:
لكن الآن، أعدتني إلى نقطة مهمة جدًا، وهي ما حدث في 2017، حيث تمكن يحيى السنوار من خلال رئاسته لحركة حماس والمكتب السياسي لكتائب القسام، من إدارة المنظومة الأمنية.
جاسر البرغوثي:
ما حكم القسام؟
أحمد منصور:
عفوا، المكتب السياسي و غزة .. و من خلال الأجهزة الأمنية، جمع معلومات من 2017 كانت كافية لتعطيل وشل إسرائيل بشكل كبير.
محمود مرداوي:
هذه مرحلة دقيقة، ولا ينبغي أن نمر عليها بسرعة. ليس فقط الأكاديميات، بل التطور الوطني في المشهد الغزاوي.
أحمد منصور:
كيف؟
محمود مرداوي:
فُتح المجال لجميع الفصائل للتحرك، ليس فقط سياسيًا، ولكن أيضًا في بناء التطور السياسي والعلاقات. وأن تتصل بكل المكونات وتعبّر عن نفسها في مؤتمرات، وتعقد اجتماعات، وتقوم بمناورات عسكرية. كل هذا جاء في زمن أبو إبراهيم. هذا مجهود جمعي، نحن نعلم أن هذا كان في زمن أبو إبراهيم، ولكن هذا مجهود جمعي لا يمكن أن…
السنوار كنموذج للقيادة المبدعة
أحمد منصور:
أنا أتفق معكما، لكنني دخلت في نقاشات طويلة مع كثير من القيادات في التحضير. بعض الناس يقولون أن القيادة الفردية الآن أو دور القائد الفردي لم يعد له وجود، وأن القيادات أصبحت جمعيات. لكنني كنت مصرًا على أن كل التغييرات الهائلة عبر التاريخ تحتاج إلى قيادة فردية حتى تقود هذه القيادة الجماعية. وبالتالي النهضة التي حدثت في عهد السنوار في غزة تختلف عما قبله، والله أعلم كيف سيكون شكلها بعده، ولكنه أحدث نقلة نوعية كقائد فرد ضمن المجموع الموجود، وقدرة على توظيف القيادات والكفاءات.
جاسر البرغوثي:
أخي أحمد، تفضل.
محمود مرداوي:
من باب وضع الأمور في نصابها وإعطاء الناس حقها، هناك قيادات.
أحمد منصور:
بلا شك، من دون هؤلاء، لن يستطيع أحد أن يفعل شيئًا.
محمود مرداوي:
نعم، بلا شك. في ظل وجوده، أخذت الأمور مدى ومساحات أوسع وأبعد، لكنه هو من طورها ودفع باتجاه ..
أحمد منصور:
إذن نعود إلى القدرات الفردية للزعيم والقائد في تحريك الأمور، والقدرة على توظيف من حوله. كل شخص يقوم بدور وأن يحدث نهضة. كل النهضات التي حدثت في تاريخ الأمم لم تحدث بفريق فقط، دائمًا كان هناك زعيم ومعه فريق.
محمود مرداوي:
نعم، بلا شك.
محمود مرداوي:
أكمل، يا جاسر.
جاسر البرغوثي:
أتفق معك في هذه النقطة. يعني، عبر التاريخ، لابد أن يكون هناك قائد مميز. ولكن القائد المميز يحتاج إلى نقاط قوة موجودة في الشعب، وهو يستطيع أن يجمعها نحو الهدف.
حتى لا نظلم الأخوة الذين كانوا في غزة، فهم كانوا أجسامًا قوية جدًا. كلهم لعبوا دورهم كأقسام وأجهزة أمن، وحاضنة شعبية حتى لأصغر طفل. كل شيء كان مهيأ للقرار الذي أخذه أبو إبراهيم.
ما يميز أبو إبراهيم عن أي قائد سياسي آخر أنه يستطيع اتخاذ قرارات خطيرة قد يتردد فيها أي قائد آخر، لأنه دائمًا يحسب المخاطر. عبر التاريخ، من يمتلك نسبة مغامرة عالية هو من يغير في التاريخ.
أما الذي يتردد، فقد تضيع الفرصة، حتى لو امتلك كل القوة.
أحمد منصور:
قد يقود دولته إلى الانهيار بسبب التردد.
جاسر البرغوثي:
نحن رأينا في تاريخنا كيف وُئِدت ثورات بسبب التأخر والتردد.
تخوف إسرائيل من شخصية السنوار
أحمد منصور:
صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية نشرت مقالًا في 13 فبراير، وهو نفس اليوم الذي انتُخب فيه يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، خلفًا لإسماعيل هنية. قالت فيه: “عين أمس زعيم جديد لحركة حماس. الرجل الذي يتباهى بقتل 12 عميلًا إسرائيليًا سيتخذ خطًا متصلبًا، وسيعطي أولوية لاختطاف الجنود لتحرير رفاقه في سجون إسرائيل.
” وفي صحيفة “معاريف” في 14 فبراير 2017، بعد انتخابه بيوم قالت: “يتخذ السنوار موقفًا لا هوادة فيه حيال السلطة الفلسطينية، ويُعتبر أحد الزعماء البارزين في تعميق أيديولوجيا المقاومة لإسرائيل. فهو يؤمن بالحرب ضد الصهاينة وليس بالتهدئة. وكل زمن هو وقت مناسب للمواجهة العسكرية.”
كما قالت معاريف: “المنظمة العليا لحماس تكن له احترامًا كبيرًا،وفي الميدان، وقد درس الإسرائيليون شخصيته دراسة عميقة.” وأضافت الصحيفة: “أنصتوا، أنصتوا ليحيى السنوار.”
وقد حقق السنوار إنجازًا كبيرًا حيث أصبح يتعامل بعد أن أصبح رئيسًا للحركة كرجل دولة، جمع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركة فتح، وأقام حوارًا معها، وزار مصر حيث التقى بقيادات المخابرات المصرية، وبدأ يتعامل مع المحيط الخارجي لتنظيم الأمور المتعلقة باحتياجات غزة.
سأبدأ معكم في الحلقة القادمة في الحديث عن هذه النقطة.
أشكركما على شهادتكما على عصر يحيى السنوار.
وأشكر مشاهدينا على حسن متابعتهم.
في الحلقة القادمة، إن شاء الله، نواصل الاستماع إلى شهادة كل من محمود مرداوي وجاسر البرغوثي، القياديين في حركة حماس، على علاقتهما الوثيقة بيحيى السنوار، سواء داخل السجون أو في قطاع غزة.
في الختام، أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محاور الحلقة
00:00 المقدمة.
01:27 يوم إطلاق سراح الأسرى في صفقة وفاء الأحرار.
9:11 وفاء أهل غزة للمسلمين حول العالم.
11:39 تبجيل أهل غزة للمقاومة.
14:05 سر كراهية الصهاينة لأهل غزة.
15:39 تعهد السنوار بالإفراج عن الأسرى!.
16:30 انتخابات حماس تجربة رائدة!.
20:30 قادة حماس مشاريع شهادة.
21:36 استثمار حماس فترات السجن لبناء وتأهيل الكوادر.
30:57 شخصية أحمد الجعبري.
40:04 دور السنوار في حرب 2014.
45:11 جمع السنوار بين قيادة القسام و حماس في غزة.
51:49 السنوار كنموذج للقيادة المبدعة.
54:30 تخوف إسرائيل من شخصية السنوار!