يستكمل أحمد منصور شهادة كلاً من محمود مرداوي وجاسر البرغوثي، القياديين في حركة المقاومة الإسلامية حماس، حول يحيى السنوار رجل الدولة..ولقاء مع محمد دحلان، في سياق كشفهما أسرار عصر وأدوار وشخصية يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس، في الحلقة الرابعة من حوارهما في برنامج شاهد على العصر.
يتناول الضيفان الظهور الإعلامي الأول ليحيى السنوار بعد انتخابه رئيساً لحركة حماس في غزة، في 22 مارس 2017، في بيت مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، في ذكرى استشهاده، والتصريحات التي ألقاها، والرسائل التي وجهها لإسرائيل.
وقال محمود مرداوي، إن رسالته الأولى أوضحت رؤيته للعمل المقاوم، وأنه يقوم على تحقيق معادلة الردع مع العدو، وأضاف أن يحيى السنوار نفسه كان جزءاً من الردع، وأنه وضع نظرية حافة الهاوية، وفقاً لتصريحات العدو، وأنه كان يتمتع بقدرة عالية من المخاطرة المحسوبة، وكان زعيماً بحق للشعب الفلسطيني كله، وليس لحماس أو أهل غزة فقط.
وأشار الضيفان إلى بعض صفات السنوار ومنها: صعوبة استفزازه أو استنطاقه بما لا يريد قوله، وحسمه في قضية نقاء الصف بشكل لايقبل التهاون، وأنه كان يُحاسب المسؤولين، ويعزلهم بقسوة، دون رحمة أو شفقة.
وقال جاسم البرغوثي إنه كان لا ينسى ثأر شعبه، وكان يؤثر في جميع المواقف بكل الأحوال ولو بالصمت.
وعن موقفه من السلطة الفلسطينية، قال محمود مرداوي، إنه كان لا يتهم فلسطيني بأي حال، ويؤكد ثقته في أن كل فلسطيني قد يصبح مقاوماً حتى ولو كان من أتباع السلطة.
كما تطرق الضيفان إلى اللقاءات السرية التي جمعَت السنوار بمحمد دحلان، وأسبابها وخلفياتها وما الذي تحقق للفلسطينيين من ورائها.
فيما أشار المحاور إلى تصريحات السنوار المفاجئة، بأن المقاومة قادرة على قتال الإسرائيليين طوال 6 أشهر، وتعليق صحيفة هآرتس بأنه يجب الإصغاء لما يقوله السنوار، وإلى قول يديعوت أحرونوت: إنه في كل معاركهما يفوز السنوار على نتنياهو بالضربة القاضية، ويكشف عورته الأمنية.
وأكد الضيفان أن السنوار كان يضلل العدو ويعمي عليه، حتى تفاجأ بالمفاجأة الكبرى، وأنه استغل مسيرات العودة في تدريب الشعب وتأهيله لطوفان الأقصى.
نص ج 4 من حوار محمود مرداوي وجاسر البرغوثي عن:
السنوار رجل الدولة..ولقاء مع محمد دحلان
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج “شاهد على العصر”.
في هذه الشهادة الخاصة التي يغيب عنا فيها الشاهد، ولكن الشهود عليها حاضرون، محمود مرداوي وجاسر البرغوثي، القياديان في حركة المقاومة الإسلامية حماس، يشهدان على عصر يحيى السنوار..
بعد اختياره رئيسًا للمكتب السياسي في حركة حماس، ظهر للمرة الأولى إعلاميًا في 22 مارس 2017 من بيت مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، في ذكرى استشهاده، وأعلن أن العمل المقاوم يقوم على تحقيق معادلة الردع مع العدو، كانت أول رسالة يرسلها كرئيس للمكتب السياسي لحماس في غزة إلى إسرائيل.
ما تأثير هذا؟
أنت حضرت الحفل؟؟ كلاكما كان حاضراً.
محمد مرداوي:
نعم.
أحمد منصور:
اوصفوا لي المشهد.
رسالة السنوار الأولى لإسرائيل
محمد مرداوي:
أول شيء، أبو إبراهيم السنوار، ربنا يتقبله شهيدًا. هو جزء من الردع. هو شخصه جزء من الردع. ليس قولي، بل قول العدو. قدرته على اتخاذ القرار ولعب نظرية حافة الهاوية، أن يبقى في عملية إزاحة مع العدو حتى الصفر، ويوصل للعدو أن الحرب على وشك الحدوث.
في أحد التصعيدات قالوا هذا في أحد التصعيدات.
أحمد منصور:
أوقات الحرب مفتوحة عنده في كل وقت.
محمد مرداوي:
الإسرائيليون وصفوه ..في أحد التصعيدات كانت الاتصالات مع المصريين مستمرة، وفي اليوم الثالث من التصعيد، في الفجر، كنا نريد أن نصيغ البيان، نحن في الإعلام السياسي ننتظر التوجيهات من الميدان ومن المستوى السياسي أن يعطينا الموقف حتى نصدر بيانًا في نهاية العملية العسكرية على الفجر. تم التوقيع وأصدرنا البيان.
وفي اليوم التالي صلينا الظهر أبو إبراهيم، قلت: “يا عمي والله هلكتونا، ننتظر منكم تعطونا قرارًا ونحن ننتظر وننتظر”. قلت له: “شو نايم؟”. قال: “والله نايم، أنا ما بدي أفكر، بدي أرتاح، خلاص نعست، نمت، الشباب بيقوموا بالواجب”. قلت له: “يا رجل بنحرق دمنا”. قال: “يا رجل، أنا عارف وانت كيف”. نمت، وقمت، واتخذت القرار، نائم، والتصعيد قائم، والشرق الأوسط ينتظر، وأين الأمور رايحة؟ وأبو إبراهيم نائم! هذا أبو إبراهيم. جزء من الردع، يلعب حافة الهاوية ولا يتردد ويحسب حسابه.
أحمد منصور:
هو نام، طبعًا، حتى يستمد القوة التي يستطيع أن يتخذ فيها القرار السليم، مش نايم يعني مهمل في الموضوع.
محمد مرداوي:
ثلاثة أيام وهو يتابع في المشهد.
أحمد منصور:
بلا نوم.
محمد مرداوي:
بلا نوم.
أحمد منصور:
أنت برضه ما كملت لي المشهد يا عم محمود. اللي يسمعك يقول الراجل رايح ينام، إنما تقول يعني ذهب إلى النوم أو غلبه النوم. وبعد ثلاثة أيام من عدم النوم…
محمد مرداوي:
نعم، غلبه النوم، وهو يعني لديه ثقة واطمئنان.
أحمد منصور:
واطمئنان.
محمد مرداوي:
واطمئنان.
أحمد منصور:
وسكينة.
محمد مرداوي:
وشجاعة، وعنده قدر عالي من المخاطرة المحسوبة، ..
أبو إبراهيم في كل ظهوره الإعلامي، أغلبه، وكنت أنا قريبًا منه، أغلبه أبو إبراهيم في حواراته ونقاشاته وإدارته للجلسات، لديه قدرة على الإقناع والسردية وتقديم الرواية والدفاع عن الموقف والمحاججة والصبر والسماع، ألف مرة أفضل من ظهوره في الإعلام، سبحان الله.
أحمد منصور:
في الجلسات.
محمود مرداوي
قدراته على الإقناع ليست مقتصرة على الصف والحركة الواحدة لحركة حماس، إنما مع الحركات الأخرى، كان يقول لإبراهيم: “طب، أنت في الظهور الإعلامي؟ طب ليش، كلهم ما يهمنيش”.
أحمد منصور:
حواراته محدودة جدًا مع الجزيرة، كان حوار واحد طوال الفترة وكان ستالايت كمان.
محمد مرداوي:
يعني صحيح. فلهذا، أبو إبراهيم في هذا الموطن من هذا المكان كان أبو إبراهيم، لا يتم أمر إلا وقد خطط له، أبدًا، أبدًا، أبدًا. يعني لو أبو إبراهيم قاعد في مجلسه، قام وألقى جملة واحدة، يكون قد قرر يقولها قبل يوم، قرر يقولها.
ما عمره صدر منه شيء أو راح إلى مكان.
نقاء الصف
أحمد منصور:
لم يكن لأحد القدرة على أن يستفزه في الكلام ويستخرج منه ما لا يريد أن يقوله. قائد، زعيم قوي، لا يمكن استفزازه وجعله يتحدث ما لا يريد.
محمد مرداوي:
لما يستفز، يهجم على الآخرين.
كنتُ مرة جاي له بأقول له: “يا أبو إبراهيم، يعني، إنت بدك صبر على الصف.” كان هناك شدة على الصف في مسألة المحاسبة، فتبنى يومًا من الأيام ومدح أحد التقارير الصحفية الاستقصائية لأحدى الصحفيات. فقلت له:
أحمد منصور:
صحفية في غزة.
محمد مرداوي:
في غزة.
أحمد منصور:
عملت استقصاء عليكم وطلعت العيوب.
محمد مرداوي:
نعم، طلعت العيوب في وزارة، فمدحها وأعطاها جائزة مكتب أبو إبراهيم. فقلت له: “طيب، الهوينا.” فقال لي: “إيش هذا الموضوع عمرك ما تطرح معي هذا الموضوع، عمرك ما تطرح معي موضوع الصف، موضوع الحسم في مسألة الصف نقاؤه، ما فيه تهاون فيه.”
أحمد منصور:
أنت حضرت أول خطاب إعلامي ألقاه بعدما أصبح رئيسًا لمكتب حماس في غزة في بيت الشهيد الشيخ أحمد ياسين في 22 مارس 2017.
جاسر البرغوثي:
يعني نحن شخصية أبو إبراهيم، كما نحن نكره شخصية الأعداء، يوم بيجوا كل تصريح، نحن نحلل ونشوف الاحتلال وين رايح، أبو إبراهيم لما بده يصرح تصريح، بده يصرح للاحتلال ولشعبه، لأنه كان موجودًا في الطوفان، و في مخيلة الناس، لازم الشارع يظل ناظم معه، ولازم الرسالة تظل موجهة للاحتلال.
فأبو إبراهيم كان بشخصيته، في الحلقة السابقة، ذكرنا أن أبو إبراهيم، يعني عن السلطة ودوره مع السلطة الفلسطينية، أو مثلاً قضية ما وصفته “يدعوت أحرونوت”، يعني وجود أبو إبراهيم هو بيختصر المسافات ويطوي الزمن. شخصية مثل أبو إبراهيم، لحد ما استلم، إذا رايحين لمعركة، لأنهم عارفين أنه واحد مثل أبو إبراهيم لا ينسى ثأره. أول شيء ثأر شعبه ما بينساه بعد 23 سنة. أبو إبراهيم من الرجال الذين..
أحمد منصور:
كتبوا في 2017 ما حدث في 2023، يعني هم كتبوا، وأنا تعجبت جدًا، الإسرائيليون كانوا فاهمين ماذا سيفعل فيهم السنوار. كتبوا ذلك بالنص.
جاسر البرغوثي:
يعني هو إنسان لا ينسى جراح شعبه، آلام شعبه. هو لا ينسى شعبه، لا ينسى ثأره بعد 23 سنة. الأمر الثاني، فقط المداخلة التي تحدثنا عنها بخصوص السلطة، أنه هو متشدد ضد السلطة. لكن في 2017…
أحمد منصور: لا، لا هو سعى لبناء علاقات مع السلطة.
جاسر البرغوثي:
أنا فهمت أنه أنت…
إنصاف السنوار لأهالي غزة
أحمد منصور:
لا، لا، أنا أقول العكس. أنا أقول إنه بنى علاقات مع مصر ومع السلطة. لكن هناك نقطة تحدث عنها محمود، وأنت في التحضير، قلت لي بعض القصص. أريدك فقط أن تحكي قصة منها حول أنكم ذهبتم في مرة من المرات للتوسط لأحد كوادر حماس لدى يحيى السنوار. ماذا فعلتم؟ وماذا كان رد فعله؟ لأن محمود هنا قال نقطة مهمة جدًا. كان يحيى السنوار حريصًا على نقاء الصف بشكل لا يقبل الشك، وكان يحاسب الناس بقسوة، لا سيما المسؤولين، وكان يعزلهم دون رحمة أو شفقة.
جاسر البرغوثي:
يعني شوف أخ أحمد، طبيعة الأجسام، حتى الشجر، حتى أي جسم بذور فنائه فيه، إذا ما كان فيه جسم مناعة، يعني يحاصر أي مرض أو أي ثقافة، هو عمليا يقتل الجسم من داخله.
أبو إبراهيم، بمجرد وصوله للسلطة، هو أول أكبر جسم مانع للأمراض، ووجود شخص حاسم وحازم مثل أبو إبراهيم يجعل أي شخص قبل أن يخطئ يتردد ألف مرة، فكان يعني، أي إنسان مهما كان منصبه إذا عمل خطأ، يحط المسؤولية ودوره على جهة، ويتعامل معه كمواطن عادي، شوف، إحنا حكينا عن قيمة الأسير المحرر في غزة، وخصوصًا عند أبو إبراهيم، زملائه في السجن، زملاؤه في العمل، وقديش بيعزنا أبو إبراهيم، إلا أنه صار… حدث في غزة صار مشكلة مع أسير محرر، الأسير المحرر كان مثل أبو إبراهيم، مثل أي مواطن، بدو يروح للسجن لأنه ظهر للعلن.
أحمد منصور:
خطأ معلن.
جاسر البرغوثي:
معلن، وإذا إحنا ما وقفنا عليه، رح يكون مفسدة، وكأنه أبو إبراهيم بده يغطي على الأسرى المحررين، فكان لابد معالجتها بشكل علني، فكان راح يتوجه للسجن، أنا بحكم قربي لأبو إبراهيم، اجتمعوا الإخوة وقالوا: “بدنا نروح نحن عند أبو إبراهيم.”
أحمد منصور:
روح اشفع أنت.
جاسر البرغوثي:
روحوا بشكل جماعي، أنا قلت لهم: “أنا بعرف شخصية إبراهيم وأنتم تعرفوه، إحنا مش لازم نصل.” أبو إبراهيم يعني ما راح ينحل معهم.
محمد مرداوي:
أنت كنت معهم يا محمود؟
محمد مرداوي:
لا.
جاسر البرغوثي:
فيوم ذهبنا…
أحمد منصور:
أنت الظاهر عارف السكة فقلت…
جاسر البرغوثي:
ما كان موجودًا، هو كان مسافر.
أحمد منصور:
ذهبتم للتوسط لدى أحد الأسرى الذي قام بخطأ وأودع السجن في غزة؟
جاسر البرغوثي:
يوم وصلنا عند المكتب، كان هناك شخص آخر مخطئ من شخص قيادي، وكان هناك أخ يتواصل مع أبو إبراهيم على الهاتف لكي يتشفع للقيادة، نحن موجودون على الطاولة مثل هذه، ننتظر، وهو كان موجودًا على مكتبه.
أحمد منصور:
وسمعت المكالمة؟
جاسر البرغوثي:
نعم، سمعت المكالمة، وهو كان يتحدث مع الشخص الذي يتحدث معه، وكان يقول له أنه هو الأفضل وله السبق، ويتحدث عن كل الصفات الحسنة في القيادة. وقال: “الزلمة غلط، الناس عرفت بغلطه. وإذا أنت بدك تسمع الكلام اللي مش لازم، عمرك ما سمعته في حياتك.” ثم أنهى المكالمة وأغلق الهاتف ولف الكرسي علينا. رحب فينا وقال: “أيوة تفضلوا يا شباب، شو اللي بدكم إياه؟”
أحمد منصور:
أنتم رايحين تتشفعوا. سمعت واحدًا آخر كان يشفع.
جاسر البرغوثي:
على طول بادرت في الحديث وقلت له: “والله اشتقنا، لنا فترة ما شفناك.”
جاسر البرغوثي:
يا حبيبي.
جاسر البرغوثي:
بس إحنا جايين فقط نشوف أخبارك. لا، أنا عارف الموضوع اللي أنتم جايين فيه منيح، اللي ما حكيتوا فيه. والله، كان العقاب شملكم أنتم أصلاً، ونحن نشوف قديش المعزه..
أحمد منصور: نفس ما فعله الجعبري مع المندوب الألماني؟
جاسر البرغوثي:
في المقابل، في كورونا، كنت على حاجز موجود وأخرني الحاجز نصف ساعة، يوم عرفت الحاجز إن معي الكرت وإنو أنا مش عارف لأنه كان ممنوع المرور بسبب الحجر، استدعى أبو إبراهيم مسؤول الاستخبارات ومسؤول الحكومة ومسؤول الجبهة الداخلية إلى البيت عندي يعتذروا لي، وكانوا موجودين في البيت يعتذرون لأنني تأخرت نصف ساعة فقط.
فالإنسان أبو إبراهيم هو يعني مثل على الصراط المستقيم، إذا كان هناك شيء يستحق العقاب، يكون على أكمل وجه، في ناس، نصفهم كثير في غزة، لدرجة أن الناس لم يتخيلوا أن أبو إبراهيم سينصفهم..
أحمد منصور:
احكي لي عن حالة إنصاف لأناس لم يتوقعوا الإنصاف، وإنصافهم. لأننا هنا أمام أبو إبراهيم، أو أمام يحيى السنوار، الذي سنسميه حاكمًا أو مسؤولًا عن القطاع. عن قطاع فيه اثنان ونصف مليون، يعني أكثر من دول كثيرة. كيف كان يدير هذا بشكل حازم وحاسم في حماس قبل غيرها؟ وكيف كان ينصف الناس؟
محمد مرداوي:
نعم، أبو إبراهيم لا يحتاج لشرح وكلام، بدك تكون…
أحمد منصور:
قصة، أديني قصة.
محمد مرداوي:
مباشر، نعم، تكون مباشر معاه. يوم الأمن عندنا رفضوا خروج أحد الأخوة من قطاع غزة.
أحمد منصور:
خروجه من القطاع؟
محمد مرداوي:
نعم، من القطاع. فاتصلت…
أحمد منصور:
رايح مصر مثلًا؟
محمد مرداوي:
رايح مصر، ورفضوا، حكيت معهم، رفضوا رفضوا، فاتصلت بمرافق أبو إبراهيم وقال لي: “هو في الشمال، كنت قريب من طريقه.” قال لي: “طريقه شارع صلاح الدين.” .. “عز الدين القسام، قرب مستشفى الشفاء.” قلت له: “أنا بدي أكون قريب من المستشفى بدي أشوفه، كنت أستنى في الدار هناك.”
أحمد منصور:
سنة كم كان هذا يا محمود؟
محمد مرداوي:
يعني تقريبًا ممكن في…
أحمد منصور:
2017، بقي رئيس حماس في غزة؟
محمد مرداوي:
قبل. قبل.
أحمد منصور:
قبل؟
محمد مرداوي:
نعم، يمكن في 2015.
أحمد منصور:
كان عضوًا في المكتب السياسي، نعم.
محمد مرداوي:
فلما وصل، نزل من السيارة، جاء مشيًا على الأقدام، جاي علي مشيًا على الأقدام. أنا التقيته بجانب الشفاء وسلمت عليه، قلت له: “كيف الحال أبو إبراهيم أهلاً وسهلاً.” قال لي: “خليك ماشي معي، لا تلتفت للوراء، خليني أبعد عنهم. ما حدا يلتفت من الناس.” فمضيت معه. قلت له قصة بسيطة في كلمتين. قلت له: “اسمه بده يطلع.” قال لي: “طب شو بدك أنت؟” قلت له: “أبو إبراهيم، طلعته لا تؤثر علينا فيما يتعلق بإسرائيل، بواحد في المائة.” قال لي: “خلاص.”
أحمد منصور:
كمعلومات يعني.
محمد مرداوي:
نعم، قلت له: “لا، ما يتعلق بالاحتلال صفر، ما في.”
أحمد منصور:
ما عنده معلومات.
محمد مرداوي:
قال لي: “ما في، ما في.” قال لي: “عندك؟” قلت له: “عندي.” قال لي: “خلص. كيف حالك؟” قلت له: “طيب.” قال لي: “خلص، انسى الموضوع.” قلت له: “قله يروحوا.” ثاني يوم، بعد ربع ساعة، اتصلت فيه، قلت له: “يعني، تتسهل.”
أحمد منصور:
الشخص الذي…
محمد مرداوي:
وتسهل. يعني لا يمكن أن يوعدك بشيء وينساه.
محمد مرداوي:
والمهم أنه يعالج.
أحمد منصور:
القرار.
محمد مرداوي:
ليش ينحرم يطلع؟
محمد مرداوي:
شكلك يا جاسر.
جاسر البرغوثي:
مشاكل غزة لا تنتهي، يعني إحنا شفنا يومًا يكونون على سدة الحكم، ويكون إنسان متنفذ، ويخطئ خطأ أو يتوقع أن المواطن، هذا الإنسان العادي، يعني أنا شفت حتى على مستوى القسام كان يأخذ مثلاً منطقة ويحط فيها الموقع، ويكون هذا الموقع على جزء من أرض إنسان، وما يتخيل أن القسام يروح يغير موقعه بناء على احتجاج مواطن، مجرد ما تصل أبو إبراهيم على طول يغيرون موقع القسام كله ويرجعون للمواطن حقه.
أوراد السنوار وتلاواته
أحمد منصور:
رغم أن الجانب الأمني مقدم والعسكري مقدم على غيره.
جاسر البرغوثي:
طبعًا، يعني في الجانب أبو إبراهيم، اللي بشوف قد إيش إحنا حكينا عن شدته، إحنا ما حكينا عن الجانب الإنساني كإنسان، إحنا الجانب الإنساني، إنه يوم بيجي، يعني على المستوى إحنا مدرسة لتأهيل المعاقين، مجرد إنهم يتصلوا، بس هدول إحنا ننصر من خلالهم، رغم الضيق المالي، يصرف لهم بشكل شهري ميزانية يصرف لهم أرض يبنوا عليها، لأنك بتلاقي الجانب الإنساني، جانب الرهبانية اللي في داخله، اللي بيكون يعني إنسانًا لأبعد ما يكون، مجرد ما بيختلي مع نفسه. أبو إبراهيم إنسان آخر، مجرد ما كان يطلع على مصر.
أحمد منصور:
أنتو كنتوا في السجن معاه، احكي لي كيف كانت أوراده وقراءاته.
جاسر البرغوثي:
بشكل عجيب، يعني أبو إبراهيم دائمًا كان معه مصحفه وأذكاره.
أحمد منصور:
الإسرائيليون لما مسكوه، لما طلعوا، جابوا في الصورة مسبحته.
جاسر البرغوثي:
هذه الصورة ليست لأنه في معركة، هو في الرخاء ورده موجود، إحنا يوم كانت تطلع الوفود على مصر، شوف المسافة الطويلة، هو طول الطريق تسبيح. ما يحكيش، على طول الطريق تسبيح.
جاسر البرغوثي:
مطلقًا. ما فيه كان.
أحمد منصور:
كان قليل الكلام؟
محمد مرداوي:
أبو إبراهيم لا، لا تستطيع أن تقول قليل الكلام ولا كثير الكلام، لكن في مسائل لما هو كان يروح إلى مصر، كان يروح على ملفات معقدة.
أحمد منصور:
ذهبت معه إلى مصر؟
محمد مرداوي:
نعم، نعم ولكن.
أحمد منصور:
سأسألك عنها بالتفصيل، ولكن قبل أن أجيء لزيارته لمصر، هناك ثلاث محاور مهمة في علاقات غزة: مصر، إيران، إسرائيل، في مارس 2017 صدرت وثيقة سياسية لحماس، أكيد أنت شاركت في صياغتها.
محمد مرداوي:
نعم.
أحمد منصور:
صحيح.
محمد مرداوي:
في النقاش.
أحمد منصور:
في النقاش وأنت.
جاسر البرغوثي:
لم أشارك.
أحمد منصور:
لم تشارك، هذه الوثيقة كانت شيئًا جديدًا لأن حماس اعترفت بحدود 67. نعم، صحيح.
محمد مرداوي:
هي لم تعترف بحدود 1967، لكنها لم تمانع.
أحمد منصور:
لم تمانع.
محمد مرداوي:
لم تمانع في قيام دولة.
أحمد منصور:
قيام دولة فلسطينية على حدود 67، كان هناك تغيير هائل جدًا في فكر حماس. نعم، الوثيقة صدرت في عهد يحيى السنوار أيضًا، لكن أخذت من قبلها سنين وأنتم تعملون عليها.
محمد مرداوي:
نعم، صحيح، هل لعب دورًا في إصدار هذه الوثيقة كرجل يضع الخيار الاستراتيجي هو المقاومة؟
محمد مرداوي:
في هذه الوثيقة لم أشهد بصمة لأبو إبراهيم، يعني أنا حضرت اجتماعات في غزة ونقاشات قبلي، ممكن أو في غيابي، لكن أبو إبراهيم في هذه الوثيقة ما كان حاضرًا بالمعنى الذي يعكس صفاته وسماته، لا يترك أي مجال، يعني مثلًا الانتخابات، كل ما يتعلق بالضفة الغربية، كل ما يتعلق بالضفة الغربية يتخذ قرارًا في غزة وغالبًا غزة تقول غير. يعني ممكن والسلطة تتصدى لهذا المسار وتصوت عكسه، حتى لا نغرق في ما لا فائدة منه، فكان أبو إبراهيم بعد ما يتخذ القرار في غزة، تكون رغبة الضفة، يعود إلى المكتب الغزي ويطلب منهم: “إخوانكم في الضفة يريدون منكم أن تعطوهم فرصة لأنهم يلمسون في هذا المسار فائدة للحركة وللشعب الفلسطيني، فأنا أطلب منكم، مع أنني صوتت معكم ضد هذا المسار، أن تمنحوا الضفة الغربية فرصة أخرى، فلنصوت، وأنتم أحرار، ويغير الموقف.”
بيت يحيى السنوار
جاسر البرغوثي:
بخصوص الوثيقة، في شخصية مثل أبو إبراهيم مؤثرة، أحيانًا التأثير يكون عن طريق الصمت، يعني مش مشارك، لأنه أنا وثيقة هذه تمرر وأنا موجود، وبالتأثير الذي أنا موجود فيه، أحيانًا سأصمت، ونستمر في قيادة حماس ويتم إقرارها. أحيانًا الصمت يكون جزءًا من التأثير. يعني تأثير أبو إبراهيم في أي أمر، يعني أنا أتذكر الشيخ صالح رحمة الله عليه كان موجودًا هنا في تركيا، وأنا موجود في غزة، اتصل بي هاتفًا وكان أبو إبراهيم أخذ موقفًا، وكل قيادات غزة أخذت موقفًا بعكس قيادة الضفة في موضوع معين. فقال لنا: “اتصلوا أبو إبراهيم وإشرحوا له الموقف، وموقفنا في الضفة”، وما كانت الناس تتخيل أن أبو إبراهيم يغير قرارًا. يعني ورحنا له البيت، عادة إحنا نستقبل الناس في المكتب، لكننا يعني لخصوصيتنا رحنا للبيت، لأنه اتصال الشيخ صالح كان متأخر، وروحنا له في الليل، وصلنا إلى البيت عند أبو إبراهيم. طبعًا قيادة غزة متخذة القرار. وصلنا في وقت متأخر فذهبنا ..يوم جلسنا مفيش مكان نجلس فيه في البيت.
أحمد منصور:
بيت صغير يعني.
جاسر البرغوثي:
بيت صغير أنت تحكي عن أبو إبراهيم اللي كل المقدرات بين يديه. فجلسنا في الممر، وضع لنا فرشة. حتى وهو رئيس الحركة ظل عايش في بيته الصغير؟؟ شوف يعني الحكي اللي حكاه أبو إبراهيم. في يوم جلسنا، حط الفرش العربي، تحط فرشة هنا وفرشه هنا. جلسنا في الممر في مدخل البيت. فأنا بحكي له: قلت “أبو إبراهيم، كده ما يزبط؟ أنت رئيس حركة، والناس بدها تيجي عندك والناس تستقبلها. يعني بيتك لازم يكون فيه متسع للناس اللي ييجوا عندك. قال أنا فيه عندي مكتب يتسع للجميع، وهذا المكتب للعمل. أما هذا البيت، فهو للخواص ولي ..وأنا عندي قاعدة: إذا بيتك بيصغر في الدنيا، بيكبر في الآخرة.. إذا بيتك بيكبر في الدنيا، عمليًا هو بيصغر في الآخر.”
فقال: “شو الموضوع اللي جايين فيه؟ كلنا واحد، اثنين، ثلاثة، وأنتم أخدتم كقيادة غزة الموقف كذا.” يوم شرحنا له، قال: “هل بيخدم المقاومة في الضفة؟ أنتم مقتنعين؟” الشيخ صالح قال: “وأنتم كمكتب الضفة، أنتم مقتنعين أنه يخدم المقاومة؟ أنتم هيك وجهة نظركم؟” قلنا له. قال: “إذا بكرة الصبح بدنا نقعد جلسة في غزة ونغير الكراسي.” فجلس مع إخوانه في غزة، ويوم شرح لهم اللي شرحناه، أخذ قرارًا وغير قرار غزة بما يخدم المقاومة.
هذه شهادة للتاريخ لأخونا أبو إبراهيم.
أحمد منصور:
هناك نقطة مهمة. هذه الشخصية القوية العسكرية الحاسمة الحازمة التي تتعامل مع هذه الأشياء، حينما تولى وأصبح مسؤولًا للمكتب السياسي، حينما بدأ يتفاوض مع السلطة الفلسطينية، يريد أن يتقارب، رغم أن الاستراتيجية مختلفة جذريًا، يعني حينما أجد التصريح الأساسي: “أن المقاومة خيار استراتيجي لدى يحيى السنوار، التنسيق الأمني خيار استراتيجي لدى محمود عباس.” كيف بدأ يتفاوض رغم ذلك ويريد أن يكون هناك علاقة بين الخيار الاستراتيجي المقاوم والخيار الاستراتيجي الأمني؟
محمد مرداوي:
أول شيء، من حيث المبدأ، يعني كل المسارات السياسية لو السلطة ذهبت فيها، يعني باتجاه ما خطط لها، لرأت النور ونجحت، لأن كل مسار كنا نعود إلى المستوى العسكري ونسأل: هل هذا يخدم المقاومة؟ طب ما صار في 2017، كم سؤال؟ أبو خالد الضيف الله يحفظه، كممثل عن المقاومة، فسئل: “هذا اتفاق هذا الاتفاق بين يديك؟ هذا الاتفاق يعيق المقاومة؟” قال: “أبدًا، ما في بند 5000 شرطي سيعودون، وقال ولو 10000 مش فلسطينيين، وهل بدهم يقتلونا؟ ما رح يقتلونا، وفي المحصلة، القسام موجود ولا تقلقوا، اذهبوا، ما دام وحدة الشعب الفلسطيني، اذهبوا ولا تترددوا.” وكل الحياة مغالبة وتحتاج لقرارات فيها مخاطرة. ..
أحمد منصور:
هذه الرؤية مهمة جدًا. ويجب أن تظهر إلى الناس.
محمد مرداوي:
هذا أبو إبراهيم، وأنا حاضر، أنا سامعها من أبو خالد، أنا بنفسي.
أحمد منصور:
محمد الضيف؟؟
محمد مرداوي:
محمد الضيف. يعني إحنا لكي نسير، إحنا…
أحمد منصور:
يعني لا ينظر إلى السلطة الفلسطينية وإلى جنود السلطة الفلسطينية على أنهم خونة أو عملاء أو كذا، ولكن يقول لك: “هذا فلسطيني، لن يقتله.”
محمد مرداوي:
هوعقيدته الفاسدة، ولكن هذا ابن عائلات منا وفيهم. هذا يوميًا يسمع القرآن يتلى في صلاة أمه وأبوه في بيته، والاحتلال يعرضه للمخاطر، ما في، لا نتهم أحدًا، وثقتنا في كل فلسطين أن يصبح مقاومًا وأن يقاوم ويتحدث. إحنا مشكلتنا مع النظرية السياسية، إحنا مشكلتنا مع القيادة التي تفكر وتدير، أما وإننا ذاهبون إلى مسار، هذا المسار سيسمح للشعب الفلسطيني أن يوحد رؤيته ومساره، فليكن.
لكن في كل المسارات التي خضناها كانت تحت سقف المقاومة، وأن الاحتلال من حق الشعب الفلسطيني أن يقاومه بكل الوسائل، وهذه الوسائل تناقش في كل مرحلة حسب احتياجات ومصالح الشعب الفلسطيني، هذه قواعد ثبتناها في كل المسارات التي خضناها، لم نتنازل عن حقنا في المقاومة، وبالتالي ما كان هناك يعني مسار من المسارات يغيب عنه الخطر، كان هناك الخطر، لكن أنت بدك تخوض التجربة.
جاسر البرغوثي:
هذه من صفات أبو إبراهيم، أن تتخيل الخارطة التي رسمها أبو إبراهيم، نحن بنحكي عن السلطة اللي إحنا عارفينها.
أحمد منصور:
ملف حساس جدًا.
جاسر البرغوثي:
الضرر.
أحمد منصور:
بين حماس والسلطة.
جاسر البرغوثي:
أصاب شعبنا من سياسة السلطة، إلا أن أبو إبراهيم رسم مشهدًا في فترته من النضوج الذي وصل في غزة، أنه في توحيد الشعب لدرجة أن أحدًا من قيادات فتح اتصل بي في يوم بل صار الحوار في الفترة دي، أنا بدي أطلب منك طلب، توصلوا لأي إنسان قريب من السنوار.
أحمد منصور:
2017. عندما بدأ الحوار بين حماس والضفة.
جاسر البرغوثي:
أنا أتمنى عليكم أن تحافظوا على أبو إبراهيم، لأن هذا أمل الشعب الفلسطيني بهذا الشيء. يعني تخيل.
أحمد منصور:
قائد من فتح.
جاسر البرغوثي:
كان من المسؤولين في فتح ومن المقررين، فقال أتمنى أن تحافظوا على شخصيته، لأنه أي إنسان يتجه بالاتجاه اللي يتجهه أبو إبراهيم في أي لحظة، لازم يغتال، لأنه إنسان عنده توجه يوحد شعبه وعنده رؤية وهدف سامي هذا معرض للاغتيال حتى لو لم يتحرك عسكرياً، مجرد أنه فقط يضع أن وحدة شعبه، أبو إبراهيم راح يشوف المسارات كلها متناقضة ويجمع فيها، ذهب إلى السلطة لدرجة أن الناس يسمونه هجوم السلام، وليس السلام، نحن نسميه هجوم السلام مع فتح. انتقد انتقادًا شديدًا، وعانق، وعانق اللي عمره ما تخيلنا، واحد مثل أبو إبراهيم يروح يعانق واحد مسؤول مخابرات السلطة الفلسطينية، حينما يكون عند أبو إبراهيم هدف سامي، كل الصغائر يطويها.
لقاء السنوار مع محمد دحلان
أحمد منصور:
هنا سلوك رجل الدولة، انتقل من الأسير، ومن المقاوم إلى سلوك رجل دولة.
جاسر البرغوثي:
ذهب إلى مصر في أصعب الأمور، وذلل الملف المصري الذي يخدم المشروع. ذهب إلى محمد دحلان الذي كان… الدم، كل التناقضات هذه يستطيع أن يجمعها شخص واحد ويكسر رغبة الناس، يعني أنت هون بدك تروح في أي مسار؟ لو أي قائد ثاني ما بيقدر يعمل المسارات هذه..
إنك تروح رغم إنه فيه دم في غزة، تروح جهة محمد دحلان، تروح رغم وجود دم سال في الضفة وسلوك السلطة بتروح جهتها، أنت شايف اللي حدث مع الإخوان المسلمين في مصر وبتروح بالعكس يعني الإخوان وقرارات الإخوان. ففي كل القرارات كان يسبح بعكس التيار، ومع ذلك مشى، الرؤية إن غزة وحركة حماس وصلت لنضوج، عندها هدف سامي، هو المشروع الفلسطيني، فكل هذه الصغائر تُنتسى، إحنا في بدايات الحركات يكون فيها أخطاء، وصلت غزة من النضوج أنها بتسّير مسيرات العودة، بتسّير مسيرات العودة، إحنا كحماس كانت هي اللي تسخر كل تجمع الناس، وهي اللي تجهز الناس، وهي اللي توصلهم لشيء و اللي يخطب في الناس واحد فصيل ثاني لغرفة العمليات المشتركة، القسام العمود الفقري فيها، وبيتكلم، واحد يلقي الكلمة من الفصائل الموجودة، الفصائل هي اللي بتصرف عليهم عسكريًا، يكونوا موجودين، يعني لو أي فصيل هو في الفصائل هذه، إلا أنه من الحكمة أنه هو محتاج الفصائل هذه، محتاج كل فلسطيني وكل حر، و كان في مخصص للفصائل هذا.
أحمد منصور:
لم يكن السنوار في هذه الفترة زعيمًا لحماس، وإنما زعيمًا لكل الشعب الفلسطيني في غزة.
محمد مرداوي:
هو تعدى غزة، تعدى…
أحمد منصور:
أنا هجيلك للتعدي، وانت رحت، في 5 يونيو 2017، قام يحيى السنوار بأول زيارة على رأس وفد قيادي وأمني إلى قيادة المخابرات المصرية، أنت كنت ضمن الوفد.
محمد مرداوي:
الوفد اللي بعده.
أحمد منصور
اللي بعده. طيب، قل لي بقى طالما أنت حضرت الوفد الذي بعده كشاهد على هذا الموضوع، كيف استطاع أن يبني علاقة مع قيادة المخابرات المصرية آنذاك تقوم على الاحترام المتبادل وعلى بناء الثقة؟ وكيف أصبحت هذه الشخصية المخيفة شخصية سياسية تفتح ملفات سياسية وتديرها؟
محمد مرداوي
نعم، بدون شك، أول شيء، كل هذه المسارات سبقها حوار داخلي استراتيجي على مستوى قطاع غزة، يعني، مثلاً، كل رحلة لأبو إبراهيم خارج القطاع كانت تشمل جميع المكونات، هو ذهب إلى إيران قبل أن يتقلد رئاسة الحركة، وكذلك أدى فريضة الحج.
أحمد منصور
ولكن بعد أن أصبح رئيس المكتب السياسي، كانت زيارته لمصر.
محمد مرداوي
نعم، فقط لمصر، الآن، كل زيارة كانت يسبقها اجتماع مع مكونات صنع القرار أو المؤثرة أو المساندة أو المنتجة للقرار، مراكز الأبحاث، استخبارات الأمن العام، الخبراء… يعني مثلاً، أنا حضرت بصفتي ممثلاً عن مركز الهدهد.
أحمد منصور
للدراسات، هذا أحد المراكز المهمة التي أسستها حماس ويعمل في الترجمة والدراسات السياسية.
محمد مرداوي
بالضبط.
أحمد منصور
وفي الدراسات السياسية.
محمد مرداوي
بالضبط، ونحن نجلس يومًا كاملًا، ونخلص إلى خلاصات، وهذه الخلاصات تقدم للمستوى السياسي في المكتب السياسي، وبناءً على ذلك، يتحرك الوفد، يذهب على نور ويعطى كل التقييمات الشخصية لمن يلتقي، نلتقي لأهداف الزيارة، مصالح الدولة أو الطرف الذي سيلتقي معنا، أين نقاط الالتقاء؟ أين الاختلاف؟ أين نناور؟ أين هذا لا يقبل ولا يستوعب من جمهورنا؟ هذا يقبل ويستوعب من جمهورنا، كل هذه الأمور تكون حاضرة، والملف في يد أبو إبراهيم، والدعاء طوال الطريق، من غزة إلى القاهرة، دعاء، ولا يتدخل إلا قليلًا في حوارات تكون في المركبة التي يركبها أبو إبراهيم.
أحمد منصور
وكان معزولًا عنكم في أوراده وأدعيته وتسبيحه.
محمد مرداوي
بان يوفق الله سبحانه وتعالى الحركة فيما تريد، لما فيه خدمة للشعب الفلسطيني وقطاع غزة.
أحمد منصور
في حاجة خطيرة، هل تريد إضافة شيء؟ جاسر، قبل أن أسأل سؤالًا مهمًا، هناك شيء خطير هنا، أنا رصدته، أنت كنت في الرحلة التي كانت في 30 أغسطس 2017، السنوار قال تصريحًا مهمًا جدًا، ناقشنا مع المصريين فتح المجالات التجارية والاقتصادية وإقامة منطقة حرة وتزويد غزة بكميات أكبر من الكهرباء. ..الرجل بدأ يتحدث في مشاريع اقتصادية وفك العزلة التي كانت مفروضة على حركة حماس، وهو يتعامل هنا كحاكم ورجل دولة وليس كزعيم حركة مقاومة، نحن نحتاج إلى شوية طحين وشوية أشياء، لا، هو يتحدث عن مشروعات، كنت مع هذا الوفد، اشرح لنا هذا.
محمد مرداوي
أول شيء، ما هي مشكلة قطاع غزة؟ كانت المشكلة الأساسية أن السلطة لا تذهب باتجاه إعادة الوحدة، وفي المقابل تريد أن تركع غزة باتجاه ما تطلق عليه “إنهاء الانقلاب”، فتمارس كل أدوات الضغط والحصار المالي، وفي أمور عدة، فلا بد من كسر هذا الموضوع حتى تستطيع أن تدافع عن أجندة المقاومة ومواقفها الثابتة.
أحمد منصور
كيف كان يتعامل معه المصريون؟
محمد مرداوي
المصريون اقتنعوا قناعة لا يراودهم شك فيها أن حماس باقية، وهي تدير منطقة في فلسطين مهمة استراتيجيًا بالنسبة لمصر، وكل أحلام السلطة أحلام يقظة ولن تنفذ، فاضطرت مصر بالتالي أن تتجاوز الرغبة العربية بعدم التعاطي مع حماس، وتعاطت مع الحركة في ما يمكن..
أحمد منصور
طبعًا هناك نقد كبير لمصر على موضوع طوفان الأقصى، لكن أنا أتحدث عن هذه المرحلة في حلقة 2017، أنتم في هذه الرحلة، السنوار أظهر الشخصية البراغماتية أو الواقعية، لم يكن يعرفه كثير من الناس، وهو البراغماتية هنا في لقاء، هل كنت في الزيارة أم لا؟ عندما عقد لقاء مع سفيان أبو زيد، أحد المحسوبين على دحلان، هل صحيح أنه رفض لقاء دحلان أم التقى مع دحلان؟
محمد مرداوي
لا، التقى مع دحلان.
أحمد منصور
احكي لنا قصة لقاء السنوار مع محمد دحلان.
محمد مرداوي
هو التقى مع دحلان، والكل يعلم، وأصبحت اللقاءات سرية لأهداف تتعلق بالمصلحة الفلسطينية، لم يكن اللقاء مخططًا.
أحمد منصور
قيل أنهم عقدوا أربع لقاءات مع دحلان.
محمد مرداوي
لا، أنا لا أعرف سوى واحد منهم.
أحمد منصور
إذن تعرف واحدًا فقط.
محمد مرداوي
نعم، هذا هو المفصلي، بعدها، لا أعتقد أنه جرى أي لقاء آخر، ويمكن أن يكون جرى مع شخصيات أخرى.
أحمد منصور
مع سمير المشهراوي مثلًا؟
محمد مرداوي
نعم، سمير مشهور، لا توجد مشكلة، ولا كان هناك أي مشكلة على المستوى الحركي أو الإقليمي. لكن…
أحمد منصور
لكن قل لي، ما أهداف لقاء دحلان؟ وماذا حقق منه السنوار؟
محمد مرداوي
أهدافه…
أحمد منصور
أنت تلتقي مع العدو اللدود لك لك معه ثارات ودماء..
محمد مرداوي
بلا شك. بلا شك لكن أبو إبراهيم كما نقول، هو لصيق بالهدف لصيق بالهدف، ملتصق به، جزء منه..عايشه. لايغيب عنه .. وهو ذاهب إليه لو أنك أطلقت عليه الرصاص، يبقى مندفعًا وذاهبًا إلى الهدف الذي يريده. هدفه هو كسر الطوق المفروض على غزة، فيه طوق يخنق غزة، غزة فيها مقدرات بشرية لا يمكن أن تجدها في كل الدنيا، وإرادة قوية وعقول فذة في التصنيع والإعداد، ولكن من أجل أن يستمر هذا المشروع وينمو ويكبر، يجب أن يوفر حد أدنى من مستوى الحياة للناس، هذا لا يمكن أن يتغلب عليه في داخل قطاع غزة، لا بد أنه، يعني كان همه ليلًا ونهارًا أن يخفف عن حياة الناس في غزة..
أحمد منصور
كان همه ليل نهار أن يرفع مستوى حياة الناس في غزة.
محمد مرداوي
الناس.
جاسر البرغوثي
شوف، أبو إبراهيم…
أحمد منصور
يعني هنا في نقطة مهمة جدًا، في تصريح له في 28 سبتمبر 2017، تصريح عجيب، قال إن حماس سوف تواصل تقديم التنازلات من أجل إنجاز مصالحة فلسطينية.
جاسر البرغوثي
يعني أبو إبراهيم هم حاولوا خنقه، يعني بشكل عام، خنق مشروع المقاومة سياسيًا من قبل السلطة، ومالياً أيضًا من قبل السلطة والاحتلال، فأبو إبراهيم، كونه الرقم الأول في غزة، كان مجبرًا على إيجاد حلول لغزة، والتحلل من بعض الأمور مستقبلاً، من أجل الهدف السامي، الذي هو مرحلة الطوفان القادم، في أمور لا بد أن يتحلل منها، فهو يريد الذهاب إلى الطوفان كرجل قوي وحاضنة مرتاحة في غزة، حاول قدر الإمكان لدرجة أن عزام الأحمد قال عبارة في اتفاقية غزة، إنه حماس ما تركت شيئًا، لدرجة أن فتح بدأت تشك في حماس: “لماذا حماس تنازلت كل هذا التنازل؟” وفيه عندك دم مسال، ولو إنسال يركز ويبقى مع ثأره، من بدايات التصادم مع العمل الطلابي في الجامعة الإسلامية مع دحلان للدم المسال اللي الأصل لا يلتقي مع دحلان فيه، لكن مع ذلك، يكسر كل شيء، ويأتي ليعالج جراح شعبه ويضع المصالحة لشعبه ويطفئ النار الموجودة في غزة، لأنه لا بد من وجود قناة اقتصادية تبقى مفتوحة، لأن أي سلعة تدخل غزة عبر السلطة، تكون الضرائب عليها لصالح السلطة والاحتلال، ولا يعود منها شيء لشعب غزة. فذهب إلى مصر لكي تكون عائدات هذه السلعة لصالح الشعب في غزة، اقتصاديًا وسياسيًا. ذهب لتسوية هذه المشاكل ليكون جاهزًا لمرحلة الطوفان.
أحمد منصور
في 5 سبتمبر، اتفضل يا محمود.
محمد مرداوي
لا بد من الإضاءة لأنه لم نكمل الجواب على العبرة من هذا الاجتماع التاريخي بين يحيى السنوار ومحمد دحلان.
محمد مرداوي:
محمد دحلان، هذا تاريخي في تأثيراته. شو الهدف؟
أحمد منصور:
ما هي المؤثرات التاريخية لهذا اللقاء التاريخي؟ أول شيء، هذا أول شيء. محمد دحلان.
محمد مرداوي:
أول شيء أنا أعلم بضرورة إجراء اللقاء قبل عام ونصف من إتمامه.
أحمد منصور:
يعني التحضير له استمر عامًا ونصفًا؟
محمد مرداوي:
عام ونصف داخل الحركة، ودار الحديث حوله، وعُرض عليّ استشارة من الدكتور أبو محمد البردويل: “يا أبو إسلام، في كيت، كيت، كيت. أنت بتفكر وبتعرف العدو، ما رأيك في الموضوع؟ المدخل للعلاقة مع مصر لا يمكن إلا أن يتم من أطراف أخرى، أي الطرف الذي يدخلنا على مصر، مصر أخذت منا موقفًا، ولازم تسمعنا، مش تسمعنا في الإعلام، بل تسمعنا على الطاولة.”
أحمد منصور:
على الطاولة.
محمد مرداوي:
على الطاولة، مين اللي بدو يوصلنا للمصريين؟ مين هذا الرجل الذي يوصلنا للمصريين؟
أحمد منصور:
محمد دحلان.
محمد مرداوي:
محمد دحلان يوصلنا للإخوة المصريين، ونقعد معهم ونتفاهم معهم، كان هذا يدور في غزة، وأكثر من مرة تم عرضه.
أحمد منصور:
يعني أفهم منك أنه قبل أن يلتقي مع المصريين، التقى مع محمد دحلان؟ أو العكس؟
محمد مرداوي:
قبل اللقاء مع محمد دحلان.
أحمد منصور:
يعني هنا إذا هو أول لقاء له مع المصريين في 5 يونيو 2017، قبلها التقى مع محمد دحلان في القاهرة؟ يعني راح القاهرة؟
محمد مرداوي:
في القاهرة. كان هناك لقاءات حول المصالحة وترتيبات للمصريين في غزة.
أحمد منصور:
اللقاء كان سريًا؟
محمد مرداوي:
كان سريًا، وجاء بعد لقاء، يمكن أول مرة أحكي عنه، دام تقريبًا يومين. كل مراكز الأبحاث. وجاءت بأوراق. أول مرة نأتي بشكل… يعني كل مركز ودائرة أتى بورقة، وجلسنا في مكان مغلق فقط، الساعة 8. نذهب إلى المنازل ونعود. يومين تخلصنا من خلاصة وسلمناها للقيادة. بناءً على ذلك، اتُخذ القرار. لكنه كان مناصفة القرار. نجتمع. شو قيمة الاجتماع؟ هل المجتمع الغزي سيستحمل؟ يعني أن يتقبل شيء من هذا النوع بعد الصراع الدامي الذي حصل، والمؤسف فرجح القرار، وذهب أبو إبراهيم واجتمع مع محمد دحلان.
أحمد منصور:
أنت كنت موجود؟
محمد مرداوي:
لا، لم أكن موجودًا.
أحمد منصور:
لكن ما الذي عرفته من تفاصيل هذا اللقاء؟ اللقاء بين دحلان ويحيى السنوار؟
محمد مرداوي:
كان أشبه بمصالحة. كيف نبلسم الجراح التي تمت ونعيد الوحدة. أن الشعب الفلسطيني يجب أن يعود ويقاتل العدو صفًا واحدًا. فأول شيء نبدأ بالمشاكل الأقل تأثيرًا على غزة.
أحمد منصور:
والنتائج التي ترتبت؟
محمد مرداوي:
فالصراع مع الداخل بين حماس والتيار الديمقراطي (الذي هو جماعة دحلان) هو الأكثر تأثيرًا على المشهد الغزاوي من الصراع الحمساوي السلطوي أكثر، لأن تأييد محمد دحلان والأشخاص الذين يدينون بالولاء له، نعم، هم أكثر من صدم واصطدموا مع الحركة، الحركة اصطدمت معهم في قطاع غزة، فكان التوتر يجب أن يُحرر من هنا ويتم نسج علاقات، وهذا كان بوابة، كانت فرصة لمحمد دحلان أن يعيد نفسه في المشهد الفلسطيني الغزاوي، حتى يعيد حضوره في حركة فتح، فكانت مصلحة مشتركة، لكنه استطاع بعلاقته مع الإخوة المصريين أن يسهل فتح الباب للقاءات، وتمت اللقاءات.
أحمد منصور:
التي جرت بعد ذلك بين…
محمد مرداوي:
والتي أثمرت.
أحمد منصور:
يحيى السنوار والمخابرات المصرية؟
محمد مرداوي:
المصرية، أثمرت عن تخفيف الحصار في غزة بشكل جوهري.
أحمد منصور:
هل تريد أن تضيف شيئًا يا جاسم؟
جاسر البرغوثي:
مصلحة متبادلة، كما نحن جميعًا بحاجة إلى محمد دحلان في مرحلة من المراحل، خصوصًا في إخراج أبو مازن من الباب المغلق. لابد أن يكون هناك باب آخر للضغط على أبو مازن ليرجع لوحدة الصف الفلسطيني. ودحلان كان يحتاج أن يبقى له مدخل ومدخله السياسي بعد هذه القطيعة.
أحمد منصور:
كجزء من شخصية رجل الدولة لدى يحيى السنوار، كان يلتقي مع الوفود الغربية حينما تأتي، ومنها لقاءات مع رئيس الصليب الأحمر، كان موضوع الأسرى من الملفات الأساسية. يعني كان يعمل على ملفين رئيسيين: الأول هو التخفيف عن أهل غزة وقضية الحصار، والثاني هو ملف الأسرى.
فكان ملف الأسرى يتبع نهجًا سياسيًا مثل لقاءات الصليب الأحمر، ولكن أيضًا نهج تهديد للإسرائيليين والعمل على أسر إسرائيليين.
مررنا على نقطة بسرعة، ولكن كيف لعبت مسيرات العودة دورًا أساسيًا في التمهيد لطوفان الأقصى؟
محمد مرداوي:
نعم. قول أبو إبراهيم.
مسيرات العودة
أحمد منصور:
معلش، اسمح لي يا محمود. أنا عايز جاسر هنا يقول لأنك أخذت الجزء الأكبر. تفضل يا جاسر بعد إذنك. تفضل. هو الكبير، وهو أخذ الموضوع هذا ونازل فينا شمال ويمين.
جاسر البرغوثي:
يعني مسيرات العودة، يوم اتخذ أبو إبراهيم القرار فيها، كانت هناك عدة أهداف. أولًا، كانت السلطة ضاغطة بشكل كبير على تفجير مشاكل داخلية في قطاع غزة، وكان هناك حراك “بدنا نعيش”، فكانت الحركة بحاجة توازن، هل الدماء ستسيل داخل قطاع غزة أم مع الاحتلال؟ فلا بد أن يتم توجيه الطاقة إلى الإسرائيليين حتى لا تتفجر مشاكل داخلية.
أحمد منصور:
توجه الطاقة إلى الإسرائيليين.
جاسر البرغوثي:
نعم، حتى لا تتفجر مشاكل داخلية. الأمر الآخر، كان هناك جيل كامل محتجز عند الإسرائيليين، وكان لا بد من توفير فرصة للاحتجاج. هذا كان بمثابة تدريب.
أحمد منصور:
احتكاك أشبه بالانتفاضة، لكن احتكاك شعبي وليس عسكري؟
جاسر البرغوثي:
نعم، عمليا كان تدريبًا وتجريئًا للناس على الاحتكاك مع الاحتلال.
أحمد منصور:
ما الذي حدث في يوم 7 أكتوبر كان غريبًا.
جاسر البرغوثي:
عدا أن خطة الطوفان كانت موجودة، فإن جمع المعلومات كان جزءًا من التحضير، لأن القسام كان موجودًا في تفاصيل مسيرات العودة. القسام استفاد منها بشكل كبير. فحقق أبو إبراهيم كل الأهداف التي كان يريدها من مسيرات العودة. لدرجة أنه في الوعي، يوم كانت الحافلات تأخذ الناس، كان سائق الباص ومعه شاب يجمع الناس قائلًا: “يلا على حيفا، يلا على يافا”، حتى أن الذهنية تطورت بحيث وصل البعض إلى القناعة أنهم ذاهبون للعودة، إلى درجة أنهم كانوا يجهزون أنفسهم، ويقولون: “نجهز الشنط”. كانوا يظنون أنهم ذاهبون للمهمة النهائية.
أحمد منصور:
الأسلاك الشائكة؟
جاسر البرغوثي:
نعم، كانوا يجهزون حقائبهم وكانوا في حالة استعداد. الناس كانت في حالة استعداد للمعركة.
أحمد منصور:
الحماس وصل إلى هذا الحد؟
جاسر البرغوثي:
نعم، وكان من الضروري تهيئة الناس لهذه المعركة الكبرى.
أحمد منصور:
إذن كانت مسيرات العودة جزءًا من تهيئة الشعب في غزة إلى “طوفان الأقصى”.
محمد مرداوي:
من حيث هذه، هي أحد الثمار، لا نقول هدفًا. اسمح لي، أبو همام. نعم، كنت عضوًا في لجنة هذا، ولم تكن هدفًا بذاته. الهدف الأول، كما قالوا في البداية، هو أن السلطة والاحتلال وكل الذين يريدون إسقاط التجربة في غزة، قد حاصروا غزة وضغطوا عليها. بدأت المحاولات من جهات مختلفة للمس في النسيج الداخلي، فكان لا بد من اتخاذ هذه الخطوة. أحد النتائج، بلا شك، هو أن الناس تدربت وتجرأت، وجيل كامل. لكن لم يكن هدفًا بذاته، إنما كانت ثمرة من ثمار القضية.
أحمد منصور:
يعني، هنا عندي حاجتين. ليحيى السنوار، رصدت كلام كثير له في مسيرات العودة، لكنه قال: “من حقنا استخدام وسائل المقاومة المختلفة، بما فيها المسلحة، ولكننا حريصون على استمرار الحراك السلمي”، وبيّن أنه في حال اقتضت الظروف، قد نلجأ للخيار العسكري في وقت لاحق. ثم قال، مخاطبًا العالم الإسلامي: “يمكنكم الاطمئنان على وضع المقاومة، وأن خزان الثورة في غزة والضفة يمتلك قدرات رائعة. وإذا لزم الأمر، سنرضي ربنا ونسلم صدور أمتنا وأحرار العالم.” بعد ذلك، قال: “نحن قادرون على القتال ضد الإسرائيليين لمدة ستة أشهر.” لدرجة إن هآرتس قالت يجب الغصغاء لكلام السنوار
أحمد منصور:
طبعًا، مسيرات العودة كانت تشارك فيها كل الفصائل، وكان كل شعب غزة يشارك فيها.
محمد مرداوي:
بلا شك.
أحمد منصور:
لم تكن قاصرة فقط على حماس.
جاسر البرغوثي:
لدرجة أن “أبو إبراهيم” استغل حتى الناس الموجودين في السجون الذين عليهم جنايات، قائلاً: “أنا سأطلق سراح الإنسان الذي يدخل على الرهان، والذي يدخل الحدود وعمل عملًا مميزًا.” بعضهم دخلوا وأحضروا كاميرات الجيش وأفرج عنهم. “أبو إبراهيم” استثمر هؤلاء الناس في مسيرات العودة.
مقارنة بين السنوار ونتنياهو
أحمد منصور:
هناك مقال عجيب جدًا في “يديعوت أحرونوت” في 27 مارس 2017 كتبه “تالي بن دافي”. كلاكما يتقن اللغة العبرية. حين يكشف السنوار عورة نتنياهو الأمنية كان عنوان المقال: “حين وقع نتنياهو، وقع نتنياهو على صفقة شاليط، لم يفكر أحد أن أحد السجناء الأمنيين المحررين، يحيى السنوار، سيصبح خصمه المرير ويكشف بلا انقطاع عورته الأمنية.” لقد جلب السنوار إلى غزة نوعًا جديدًا من الزعامة، وجعل حماس منظمة تقرر القواعد، أمامه نتنياهو قاد إسرائيل إلى سياسة رد الفعل التي تفتقر إلى كل مبادرة أو قيادة، في المعركة الدائرة بين نتنياهو والسنوار، يفوز السنوار دائمًا بالضربة القاضية. كان ذلك في 27 مارس 2019 في “يديعوت أحرونوت”.
إسرائيل كانت تراقب السنوار وكل خطواته في تلك المرحلة.
جاسر البرغوثي:
يعني، هم خبيرون في شخصية “أبو إبراهيم”، شخص عاش 23 سنة وكان يفاوضهم داخل السجون، إذا هو لم يتنازل عن اسم، فكيف سيتعامل معهم وهو يمتلك جيشًا؟ طبيعي أن يكون التقييم مختلفًا تمامًا.
“أبو إبراهيم” منذ عام 2012، حين وصلنا الطوفان، كان فعلاً في الضربة القاضية وكان دائمًا سابقًا بخطوة، حتى في 2014 في الحرب “القسام”، قام باستدراج قوات الاحتلال، كان “أبو إبراهيم” دائمًا بعقلية الأمن: “أنا أتركك الاحتلال بخطفتي.” إذاً، فشخصية “أبو إبراهيم” كانت قوية لأنه كان يعرف نتنياهو جيدًا، وكان على دراية بالحد الذي وصل إليه نتنياهو وطبيعة حكومته.
أحمد منصور:
هل تعتقد أن هناك دراسات، وأنت مهتم بالدراسات، تم تدوينها أو ستُدون للمقارنة بين الرجلين؟ السنوار ونتنياهو، على اعتبار أنهما قياديان؛ واحد قائد في منطقة محاصرة صغيرة وآخر لديه كل إمكانيات العالم؟ ودخلا في حرب استمرت أكثر من 15 شهرًا حتى الآن ولم تنتهِ، ولم يتمكن الذي معه كل إمكانيات العالم من أن يعلن انتصاره على المحاصر في بقعة صغيرة من الأرض منذ أكثر من 17 أو 20 عامًا، هل تعتقد أن هذين الرجلين سيخضعان لدراسات كبيرة؟ يحيى السنوار ونتنياهو. هل تعتقد ذلك يا محمود؟
محمد مرداوي:
نعم، أعتقد. وبدأت هذه المقارنات في الوقت الحاضر، وهي ليست استشرافًا ولكن واقعًا ومقارنات، وبعد وقف الحرب، ستأخذ المقارنات مجالًا جديدًا لأن لجان التحقيق ستقدم معلومات هائلة، كثير من الأمور التي يتنكر لها نتنياهو ستدين نتنياهو في المراوغة والهروب من اتخاذ القرارات، بينما كان “أبو إبراهيم” في هذه المرحلة يبادر ويتخذ إجراءات تضلل العدو، واستطاع أن يضلله حتى تفاجأ بالمفاجأة الكبرى، لكنني فقط أريد أن أتناول مسيرات العودة في بعض المسائل المهمة، مسألة العودة هي أحد ثمارها لأنها حركت كل التنظيم، مسيرات العودة التي كانت تشاهد على الحدود الشرقية لغزة، هي مشهد يراه الناس دون أن يعلموا كيف يتم تخطيطه، يتم التخطيط لها على مدار الأسبوع، كل مكونات الحركة الإدارية والتنظيمية والعسكرية، بما في ذلك القسام، كانت تشارك فيها بلباس مدني على أن لا يتقدم إلى أماكن الاحتكاك مسؤولون من سرايا، حتى كان يسمح لمسؤول الفصيل بأن يتقدم ويدير الشأن، أنت لا تعلم كيف كنا نراقب من خلال الغرف في مقرات الأمن، وعلى اتصال دائم ونحن اللجان، كنا نكون في الأمن العام على شاطئ بحر غزة، في مقر الأمن العام، نراقب الحدود بالكامل ونعطي الإشارات أولًا بأول، كنا نراقب من يريد رفع وتيرة الاحتكاك مع العدو، ثم نراقب الشرطة ورجال الأمن الذين ينتشرون على المسافة من بيت حانون إلى رفح، خاصة الفصائل التي كانت تريد نقل القنابل الدخانية والانشطارية لاستخدامها. كيف كان رجال الأمن يوقفونهم ويحدث احتكاك يتم معالجته بالاتصال المباشر. كانت هناك منظومة كاملة إدارية تحرك الناس وتدخل على الشباب وتنقلهم، كيف كانت الحركة النسائية تنقل النساء، وكل هذا كان مرتبًا يوميًا. كان كل شيء في غزة يعمل بشكل منظم حتى يخرج هذا المشهد، هذا كان مشروع حياة مرتبط بالمسجد الأقصى.
أحمد منصور:
هل تريد أن تضيف شيئًا قبل أن ننهي هذا الموضوع؟ بالنسبة لمسيرات العودة، كانت مسيرات العودة تمهيدًا لطوفان الأقصى؟؟
جاسر البرغوثي:
أنا، شوف، كنت في غزة وعايشت التفاصيل في مسيرات العودة، كل هذا كان تمهيدًا، لأن الهدف من الطوفان لم يكن وليد شهر أو شهرين أو ثلاثة أو أربعة. الطوفان كان جاهزًا على الورق والناس تسعى إليه، وكان يتم تسخير كل الطاقات نحو الهدف الأساسي.
أحمد منصور:
هذا ما سأتناوله في الحلقة القادمة والأخيرة عن شهادتك حول شخصية يحيى السنوار ماقبل الطوفان، كيف كان يحيى السنوار يعد للطوفان قبل سنوات؟ كيف كان يتعامل مع هذه الملفات؟ أشكركما جزيل الشكر، محمود مرداوي وجاسر البرغوثي، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة والأخيرة، نتناول شهادتهما عن يحيى السنوار كيف أعد و صعّد إلى طوفان الأقصى حتى استشهاده.
في الختام، أنقل لكم تحيات فريق البرنامج. هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محاور الحلقة
00:00 المقدمة.
00:57 رسالة السنوار الأولى لإسرائيل.
03:48 المخاطرة المحسوبة.
06:18 أول خطاب إعلامي للسنوار بعدما أصبح قائداً لحماس في غزة.
12:22 إنصاف السنوار لأهالي غزة.
16:26 أوراد السنوار وقراءاته.
17:20 الوثيقة السياسية لحماس.
20:40 بيت يحيى السنوار.
22:04 التقارب مع السلطة الفلسطينية!!.
28:25 علاقة السنوار مع المخابرات المصرية.
33:40 لقاءات السنوار مع محمد دحلان.
43:30 مسيرات العودة.
49.22 السنوار يكشف عورة نتنياهو الأمنية.
51:28 مقارنة بين السنوار ونتنياهو.
55:02 مسيرات العودة والتمهيد لطوفان الأقصى.