منهجية إسرائيل.. و عجز وتواطؤ الحكومات العربية

الذي يتابع الخطوات التي تقوم بها إسرائيل على الصعيدين الداخلي والخارجي يدرك أن إسرائيل لديها خطط واضحة المعالم تقوم بتنفيذها بدقة وتتابع، يخدمها في ذلك التواطؤ والصمت الذي تمارسه سواء السلطة الفلسطينية أو الدول العربية التي تحتفظ بعلاقات من شكل ما مع إسرائيل أو تنفذ ما تطلبه الإدارة الأميركية في الوقت الذي تكتفي فيه المواقف العربية سواء الرسمية أو الشعبية على رد الفعل تجاه ما تقوم به إسرائيل دون وجود خطط واضحة في المقابل لإيقاف المخطط الإسرائيلي أو مواجهته.
فعملية التهجير التي تقوم بها إسرائيل لآلاف الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية بحجة عدم الحصول على تصاريخ إقامة من سلطات الاحتلال لا تختلف كثيرا عن النكبات وعمليات التهجير التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ قيامها على أطلال فلسطين عام 1948 وحتى الآن، فمنذ هذا التاريخ لم تتوقف إسرائيل عن توسيع سياسة الاستيطان والتهجير وهدم المنازل وقمع الفلسطينيين وتهويد القدس والخليل وكل بقعة في فلسطين والإعلان عن مطامعها خارجها وداخلها.
ويبدو أننا لا نستطيع أن نفصل بين ما تقوم به إسرائيل من عمليات ترحيل للفلسطينيين في الضفة الغربية والتقرير الذي نشر في منتصف إبريل الجاري نقلا عن دبلوماسي أوروبي أن سيناريو يجري العمل به حاليا ترعاه إدارة الرئيس الأميركي أوباما يقضي بترحيل عدد كبير من الفلسطينيين اللاجئين في لبنان الى العراق ومنطقة الحدود بين مصر وليبيا بهدف التوطين.
كما قبلت بعض الدول الغربية ومنها كندا وأستراليا استقبال عدد محدود من هؤلاء.
كذلك يمنح المشروع الفرصة للاجئين المقيمين في كل من سوريا والأردن ولبنان وباقي الدول المعنية الحق في لم الشمل والتوطين في تلك الدول في مرحلة من مراحل إغلاق ملف حق العودة الذي يعتبر أحد أهم الملفات التي بها عقبات في عملية التسوية.
في نفس الوقت تسعى فرنسا لتقديم ضمانات لإسرائيل حول نفس الموضوع تتضمن إنشاء صندوق دولي تساهم فيه الدول العربية النفطية بالجزء الأكبر يقوم على منح تعويضات للاجئين الفلسطينيين الذين نهبت إسرائيل ديارهم وأراضيهم مقابل صمتهم عن المطالبة بحق العودة وقبول التوطين في الدول التي سيتم تحديدها لهم.
في نفس الوقت تنشر وكالة الأنباء الإيطالية تقريرا في 17 ابريل الجاري تقول فيه نقلا عن وثيقة إسرائيلية حصلت عليها «إن هناك زيادة كبيرة جدا في عدد الاجتماعات التي عقدت بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية خلال الفترة الماضية بهدف التنسيق الأمني ضد المقاومة وأنه قد تم في الضفة الغربية التي تقوم سلطات الاحتلال حاليا بتهجير الفلسطينيين منها القيام بتنسيق 1297 عملية أمنية خلال العام المنصرم 2009 بزيادة مقدارها 72% عن عام 2008، وأن هذه الاجتماعات التي تتم بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يحضرها مسؤولون رفيعو المستوى من الطرفين برعاية الجنرال الأميركي دايتون.
السؤال الهام هنا هو: هل حالة التخبط والتشرذم وضياع الرؤية والضعف والخزي التي كان يعيشها العرب غداة تقسيم فلسطين عام 47 أو قيامها على أطلال فلسطين عام 48 تختلف كثيرا عن الوضع الراهن الذي ربما يعتبر الأسوأ في ظل وقاحة اسرائيل الظاهرة وفي ظل خزي العرب على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام؟
لكن الأمل يلوح في الأفق من خارج العالم العربي ومن داخله أيضا، من داخله في المقاومة التي تصر على مواصلة الطريق رغم كافة الضغوط العربية والدولية، ومن خارجه في تصريحات رجب الطيب أردوغان رئيس الوزراء التركي الذي لا يترك فرصة تتعلق بفلسطين إلا ونوه إلى مكانة القدس وفلسطين ومكانتها لدى المسلمين وانتقد اسرائيل وقادتها بشكل لاذع، فبدءا من موقفه ضد شيمون بيريز في مؤتمر دافوس في العام الماضي وانتهاء بتصريحاته التي أطلقها في أنقرة في 17 ابريل الجاري خلال تسلمه لشهادة الدكتوراه الفخرية التي منحتها له الجامعة الإسلامية في غزة حيث قال إنه استلم خلال رئاسته للوزراء شهادات دكتوراه فخرية عديدة من جامعات بالعالم إلا أن الشهادة التي منحتها الجامعة الإسلامية بغزة لها معنى آخر يميزها عن الشهادات الأخرى.
في نفس الوقت ينتظر العالم القافلة التي تضم عشر سفن والتي ستنطلق من تركيا في شهر مايو القادم بهدف كسر الحصار المفروض على قطاع غزة وتحركها كل من «حركة غزة الحرة» ومؤسسة الإغاثة التركية (آي.إتش.إتش) وينتظر أن تضم القافلة أعضاء برلمان وناشطين أوروبيين وأتراكا وماليزيين علاوة على النشطاء العرب حيث يجري جمع التبرعات الآن من كثير من الجمعيات الدولية ورغم المخاطر التي تهدد القافلة من السلطات الإسرائيلية إلا أن القائمين عليها يصرون على تنفيذها مما يعكس ضوءا لامعا وسط الظلام الدامس الذي تحاول اسرائيل نشره في سماء المنطقة.
إن التواطؤ العربي الدولي الرسمي مع اسرائيل يمثل شراكة في كل جرائم اسرائيل لكن الليل ينقشع دائما بضوء خافت وإن غدا لناظره قريب.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

ثقافة القتل .. العقيدة العسكرية للجندي الأميركي

التالي

متى تعود مصر إلى الديمقراطية الحقيقية ؟

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share