الأثرياء الجدد وملف نهب أراضي مصر

كشف الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الادارية العليا في مصر ببطلان عقد بيع أرض «مدينتي» لمجموعة هشام طلعت مصطفى، حجم الفساد الهائل والنهب المنظم لأراضي الدولة في مصر من قبل السلطة ممثلة في وزير الاسكان السابق محمد إبراهيم سليمان الذي حاز على أعلى الاوسمة من رئيس الجمهورية بعد إقالته مكافأة له عن الدور الهام الذي قام به في توزيع أراضي الدولة دون حساب على المجموعة المحيطة برئيس الدولة ونجله.
وكان أول قرار وقع بعد إقالة الكفراوي ممن جاؤوا بعده هو منح ألف فدان من أراضي مدينة السادس من أكتوبر لأحد المتنفذين من الأثرياء الجدد وهو الذي رفضه الكفراوي قبل استقالته أو إقالته.
ومن هنا بدأت رحلة الأثرياء الجدد في مصر، أراض تمنح بجنيهات قليلة للمتر تقوم البنوك بتمويلها وبسداد قيمتها المتدنية جدا على عشرين عاما بينما يخرج المحظوظون والأثرياء الجدد بعشرات المليارات من الجنيهات من جيوب الشعب وبنوكه دون أن يبذلوا أي جهد، وكثيرا ما كان هؤلاء ينأون بأسمائهم بعيدا وتتم الصفقات كلها عبر وسطاء ينالهم نصيب وافر من الكعكة، ويمكن التأكد من هذا من خلال معرفة قائمة الأثرياء الجدد الذي ظهروا خلال العشرين وليس الثلاثين عاما الأخيرة لنعرف حجم الفساد والإفساد والنهب المنظم لأحد خيرات مصر ممثلا في أراضي الدولة.
أذكر أنه حينما قدمت في برنامجي التليفزيوني «بلا حدود» حلقتين عن الفساد المستشري في مصر مع الدكتور عبد الخالق فاروق لم أكن أتخيل حجم الفساد والنهب والسلب الذي تتعرض له خيرات مصر لاسيما فيما يتعلق بأراضي الدولة.
وأذكر أن نائب مجلس الشعب المهندس سعد الحسيني أرسل لي صورة من عدة استجوابات قدمها في مجلس الشعب على مدى ثلاث سنوات من العام 2007 وحتى العام 2010 عما قام به وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان من تجاوزات فيما عرف بالتخصيص حيث كان يخصص للكبار آلاف الأفدنة وملايين الأمتار من أراضي الدولة بشروط وصفتها المحكمة الإدارية العليا بأنها «مجحفة» ووسائل قالت عنها في حكمها التاريخي ان التصرف في المال العام كان محاطا بالكتمان لا يعلم احد من امره شيئا فأسفر الامر عن بيع اراضي الدولة بمقابل مادي ضئيل جدا يتم سداده على عشرين عاما. ومع المقابل المادي الضئيل الذي كان يدفعه هؤلاء والسداد على عشرين عاما نجد الشروط المجحفة بحق المواطنين العاديين من قبل هيئة المجتمعات العمرانية كما جاء في الاستجواب المقدم من سعد الحسيني حيث يدفع المواطن ما يصل الى الفي جنيه للمتر الواحد او ربما اضعافه الآن في الوقت الذي بيعت فيه ملايين الامتار للاثرياء الجدد بسعر لا يزيد على خمسين جنيها للمتر وبالتقسيط على مدى عشرين عاما بينما لا يسمح للمواطن الا بالسداد على سنتين او ثلاث او تسحب منه الارض وهناك الآلاف من المواطنين البسطاء ممن سحبت منهم الاراضي حيث يمثل البيت حلما لكل مصري بينما تغدق المليارات على الكبار دون ان يكلفوا انفسهم اي عناء. وبعد الحكم ببطلان عقد مدينتي صدر حكم آخر من المحكمة الادارية العليا في 19 سبتمبر الجاري ببطلان بيع 966 الف متر اي ما يقرب من مليون متر كان محمد ابراهيم سليمان قد خصصها لشركة بالم هيلز لاقامة مشروع عليها في القاهرة الجديدة حيث بيع المتر في عام 2006 اي قبل اربع سنوات فقط بسعر 250 جنيها للمتر بينما كان يقدر سعر المتر حينها بأربعة آلاف جنيه، واترك لكم تقدير حساب الارباح في هذه الصفقة. هذه الاحكام وغيرها القادم في الطريق هز النظام الفاسد في مصر فسارع رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة اوصت باعادة بيع ارض مدينتي لشركة طلعت مصطفى مرة اخرى لكن هناك من طعن في اللجنة وقرارها، وسيبقى قضاء مصر الشامخ وقضاتها الشرفاء بالحيثيات التاريخية لما يصدرونه من احكام حصنا حصينا ضد الفساد والفاسدين مهما نالوا من اوسمة واحتموا بلجان فاذا كان النظام يحمي الفاسدين ويوزع الاراضي عليهم كأنها هي هبات يبيعونها بعد ذلك بالمليارات للبسطاء من المصريين الذين يقضون حياتهم يركضون في الحياة من اجل الحصول على بيت فان مثل هذه الجرائم بحق الشعب والدولة لن تسقط بالتقادم وسيسقط الفاسدون ويلاحقون حتى آخر رمق في حياتهم ولن يهنأوا ابدا بما سلبوا وما نهبوا لانه كما في مصر قضاة شرفاء وهم الاغلبية فان اغلبية الشعب الشريفة لن ترضى بهذا الذل والهوان. ان فتح ملفات نهب اراضي الدولة وخيراتها لصالح حفنة من المنتفعين والاثرياء الجدد واصدار احكام قضائية مشرفة بحيثيات تسطر في جبين التاريخ لقضاة شرفاء يبعث الامل لدى كل مصري وكل عربي ان الكبوة التي تعيشها مصر والتي سببها النظام الفاسد قد اقتربت نهايتها ونهاية حقبتها، وان فتح هذا الملف بداية لفتح معظم ملفات الفساد وعلى رأسها ملف خصخصة الشركات التي بيعت بثمن لا يساوي عشر ثمنها الحقيقي في كثير من الاحيان بل ان احد اللصوص اشترى خمسة وخمسين من محالج القطن وباع ارض واحد منها فقط بالثمن الذي دفعه في الخمسة والخمسين محلجا حيث تشن الحرب الآن على زراعة القطن احد افضل المحاصيل التي كانت تميز مصر على مستوى العالم، ان الشرفاء في مصر هم الاغلبية الغالبة، وان كانت الغلبة للفاسدين حينا فان الصبح آت لا محالة لا ليشرق على مصر وحدها وانما على العرب جميعا.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

من يحاكم مجرم الحرب توني بلير ؟

التالي

لبنان يندفع نحو مستقبل مجهول

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share