تطهير البلاد.. المهمة الكبرى للثورة المصرية (2)

الركن الثاني من أركان النظام الذي يجب تطهيره هو الجهاز التنفيذي للنظام المتمثل في الحكومة حيث كان يتم تعيين رؤساء الوزارات والحكومات وعلى رأسهم رئيسها الحالي أحمد شفيق الذي عينه مبارك على قدر علاقتهم بالحاكم وأبنائه وعلى قدر تفانيهم في خدمته وخدمة عائلته مع استبعاد أي كفاءة يمكن أن تقف في طريق الطموح الجارف للرئيس وعائلته لاسيما ابنه جمال وكذلك المحيطين به من السدنة وأصحاب الدائرة الاولي المغلقة، وقد تم افساد الحكومات المتعاقبة عبر التشريعات واطلاق يد الوزراء يفعلون ما يشاؤون بعدما يقومون بتقديم القرابين وفروض الطاعة والولاء والخنوع والخضوع لرأس النظام وعائلته وحاشيته المقربين، ولعل ما كشفت عنه بعض تقارير الفساد التي نشرت حتى الآن عن حجم السلطات الواسعة والصلاحيات المطلقة لتي كان يتمتع بها الوزراء في توزيع ثروات البلاد بعد اشباع الطاغية وعائلته وحاشيته على أنفسهم وعلى من حولهم يؤكد على حجم الفساد الهائل في منظومة الجهاز التنفيذي للدولة ومن الطبيعي أن يأتي بعد الوزراء وكلاء الوزارات ثم رؤساء المؤسسات ورؤساء مجالس الادارات والمديرون العامون وغيرهم من كافة من له سلطة أو قدرة على اتخاذ قرار ـ الا من رحم ربك ـ لنجد منظومة هائلة من الفساد تقود في النهاية الى دولة فاسدة وليس الى فساد في الدولة وكل هذا قائم لم يتغير منه شيء حتى الآن.
الركن الثالث في النظام الفاسد الذي يجب تطهيره هو التشريعات والقوانين، وحتى تستطيع هذه المنظومة الفاسدة أن تقوم بدورها كان لابد من عمل التشريعات التي تساعد النظام على أن يمارس فسادة بمشروعية وتحت غطاء القانون، فعلاوة على تقنين الفساد يتم تعطيل كافة القوانين التي تراقب أو تلاحق أو تحاسب أو تغل يد القائمين على الفساد، وهذا ما حدث في كل أنظمة الرقابة الرسمية من الرقابة الادارية والجهاز المركزي للمحاسبات وغيرها من أجهزة الرقابة بحيث أصبحت غير فاعلة، علاوة على ذلك تم تقييد القضاة، ووضع استقلالية القضاء على المحك عبر الندب الذي ليس سوى رشى مقنعة كما يقول كثير من القضاة الشرفاء وأصبح وزير العدل يتحكم بالقضاة، وبالنيابة العامة، واذا أصدر قاض شريف حكما وما أكثرهم يتم تجاهل تنفيذه لتصبح أحكام القضاء حبرا على ورق، ولنا أن نتخيل آلاف الاحكام القضائية النهائية التي لم يلتزم النظام الفاسد بتنفيذ أي منها إهدارا لقيم العدل والحرية والمساواة التي قامت الثورة من أجلها، واذا كان مجلس الشعب قد حل الا أن التشريعات التي شنها المجلس والقوانين والمراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية هي التي تحكم الى اليوم، من ثم فان عملية تطهير التشريعات والقوانين هي من أهم مهام الثورة المصرية وأولوياتها.
الركن الرابع من أركان النظام الذي يجب تطهيره هو الحزب الوطني الذي مازال قائما بكل أركانه حتى أن الرئيس المخلوع مبارك مازال على رأسه وهذا الحزب هو أكبر أدوات الفساد التي استخدمها النظام والتي أفسد من خلالها الناس وهو الحزب نفسه الذي بدأه عبد الناصر بهيئة التحرير في منتصف الخمسينيات بعدما قضي على الاحزاب والدستور والديمقراطية وسرق أحلام الشعب عبر انقلاب عسكري سيطر فيه العسكر على حكم مصر حتى جاءت ثورة 25 يناير 2011 لتسترد البلاد منهم، وظل حزب السلطة هذا يتشكل ويتغير تحت مسميات عديدة مثل الاتحاد الاشتراكي وحزب مصر حتى وصل الى مسمى الحزب الوطني في عهد السادات وورثه من بعده مبارك وهو باختصار احدى أهم الادوات التي استخدمت في تخريب البلاد والعباد فهو حزب الحاكم والمستفيدين من حوله لا يحمل أي فكر أو رؤية أو مشروع، هذا الحزب ما زال قائما بكل رجاله ومبارك ما زال رئيسه ويقوم أعوانه الآن من أمناء المحافظات والاقاليم بحشد أنفسهم مرة أخرى وترتيب صفوفهم لأن أركان الدولة ما زالت كلها معهم ولم تسقط أو تتغير، ويحاولون السطو على الثورة وعلى كال ما حققته من مكتسبات حتى وصل الامر بأن أحد قيادات الحزب يسعى لتشكيل حزب باسم 25 يناير ثورة الشعب المصري حتى يسرق الثورة من الشعب، هذا الحزب يمثل الخطر الداهم ليس على الثورة فقط وانما على مستقبل الشعب المصري وعلى مصر بشكل عام ومن ثم يجب تطهير البلاد منه ومن أعوانه.
الركن الخامس من أركان النظام الذين يجب تطهير البلاد منهم هم المحافظون فالحكومة لم تكن الوزارات فقط وانما هناك ما هو أخطر منها وهو الحكم المحلي والمحافظون، هناك ثلاثون محافظا يديرون ثلاثين محافظة في مصر كلهم كان يتم تعيينهم من رئيس الجمهورية ويدينون بالولاء المطلق له ولنظامه ومعظمهم ان لم يكن كلهم ليسوا من أهل الكفاءة وانما من أهل الولاء وكل المحافظين في مصر الآن عينهم مبارك ويدينون الى الآن بالولاء الشخصي له ولنظامه ومعظمهم ان لم يكن كلهم جزء من منظومة الفساد، يمارسون كافة السلطات وكافة الصلاحيات للنظام الذي سقط رئيسه ويحكمون كل شعب مصر بالاستبداد والديكتاتورية والتجاوزات، يجب تطهير البلاد منهم وأن يكون هذا المنصب مثل كل دول العالم الحر بالانتخاب والكفاءة والامانة.
الركن السادس من أركان النظام الذين يجب تطهير البلاد منهم هم قيادات الحكم المحلي من رؤساء المدن والاحياء وكلهم من رموز النظام وقياداته وكان يتم تعيينهم بالامر المباشر حيث هناك ما يزيد على ثلاثمائة رئيس حي ومدينة كبرى في أنحاء مصر علاوة على 1200 رئيس وحدة محلية على مستوى الجمهورية كل هؤلاء تم اختيارهم بالكامل من رجال الحزب الوطني ومؤيديه وهناك 900 وكيل وزارة ومدير عام وحوالي 5000 مدير ادارة بالمراكز والمدن الصغيرة وضعوا في أماكنهم بحكم الدرجات الوظيفية التي كانت تتدخل فيها أجهزة أمن الدولة فهذه تعيينات فاسدة لم تراع الكفاءة والامانة وانما الولاء للحاكم وجهاز أمن الدولة ومن ثم فان كل مفاصل الدولة في أيدي هؤلاء ويعملون بقوة الآن لإجهاض الثورة للحفاظ على أماكنهم، ومن ثم فانه يجب تطهير البلاد منهم.
ويستكمل هؤلاء بالمجالس المحلية التي هي من أخطر التحديات التي تواجه الثورة أيضا حيث يوجد 30 رئيس مجلس شعبي في المحافظات المصرية يتبعهم 60 من وكلائهم وهناك 250 مجلسا محليا في المدن يتبعهم 500 من وكلائهم وهناك 1200 مجلس محلي في القري يتبعهم 2400 من وكلائهم ويزيد مجموع هؤلاء مع الاعضاء عن اثنين وخمسين ألفا يتغلغلون في كل محافظة ومدينة وقرية ونجع في مصر ويشكلون المليشيات الفاعلة في جسد النظام الفاسد الذي قام بتركيبهم طوال السنوات الماضية ليكونوا سندا له في إحكام سيطرته على كل مفاصل الدولة ومنحهم الامتيازات والعطايا وهؤلاء حتى هذه اللحظة بأعدادهم المهولة يقومون بممارسة سلطاتهم في الجهاز التنفيذي للدولة بنفس الطريقة التي كانت قبل قيام الثورة في 25 يناير الماضي وبالتالي فهم يمثلون التحدي الاكبر للثورة من ثم يجب تطهير البلاد منهم وحل المحليات واعادة الانتخابات وفق قوانين جديدة تضمن وصول الاكفأ والاكثر أمانة لرعاية مصالح الناس.
الركن السابع من أركان النظام الفاسد الذين يجب تطهير البلاد منهم هم رؤساء الجامعات الذين كانوا يد الحاكم الباطشة ضد كل الطلاب وأساتذة الجامعات الذي وقفوا للطاغية كل السنوات الماضية والذين لعبوا الدور الابرز في افساد التعليم الجامعي في مصر، فكان هؤلاء يعيقون ترقية الاساتذة ويقومون بفصل الطلاب من الجامعات وحرمانهم من أبسط حقوقهم، ومنح الدرجات العلمية لمن لا يستحق، هؤلاء ما زالوا في أماكنهم عينوا من قبل أمن الدولة وأركان النظام لم يمسهم أحد حتى الآن ويواصلون ما كانوا يقومون به يجب تطهير البلاد منهم واعادة مكانة التعليم الجامعي في مصر الى ما كانت عليه.
الركن الثامن من أركان النظام : هم رؤساء تحرير الصحف الحكومية ووسائل الاعلام الرسمية من المدلسين والمنافقين والكذابين الذين أهانوا الشعب وكذبوا عليه وخدموا الحاكم الفاسد ومنظومته ليحصلوا على الفتات هؤلاء مازالوا كما هم معززين مكرمين في مؤسساتهم يمارسون ما كانوا يمارسونه من نفاق وتدليس دون أن ينالهم عقاب أو حساب، يجب تطهير البلاد منهم فهم أعداء الثورة وأعداء الشعب ويجب محاكمتهم مثل غيرهم على ما قاموا به من خطايا وجرائم بحق هذا الشعب.
من خلال هذه الصورة يمكن أن نؤكد أن طريق الثورة ما زال طويلا وأن ما تم حتى الآن ليس سوى مقدمة الثورة وأن المهمة الكبرى والحقيقية للثورة هي تطهير البلاد ثم اعادة بناء كل شيء فيها على أسس سوية وعلى الثوار أن يبقوا متمترسين في الميدان فالطريق ما زال طويلا وعليهم أن يستكملوا ما بدؤوه، لأن أبسط مفاهيم الثورات أنها حينما تقوم تجرف كل هذه المنظومة الفاسدة بكل رجالها وتؤسس لمنظومة وشرعية ثورية جديدة تقوم على تحرير مصر من مغتصبيها وردها الى أهلها وتعيد للمصريين كرامتهم وعزتهم ودولتهم وتقيم نظاما جديدا يقوم على العدل والحرية والمساواة وحقوق الانسان وحينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

مواجهة بين حسن مالك و حبيب العادلي

التالي

الجريمة الأخيرة لجهاز أمن الدولة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share