الرئيـــس الـــذي ســــرق بــــــلادي «2»

التقارير المبدئية التي كشفتها الأجهزة الرقابية كشفت في 23 أبريل أن حجم الأموال السائلة لحسني مبارك وأسرته من خلال الحسابات الشخصية لهم في أحد البنوك الوطنية داخل مصر بلغت 606 ملايين جنيه مصري، وذكرت صحيفة «الأهرام» شبه الرسمية أن علاء مبارك الابن الأكبر تصدّر القائمة بـ300 مليون جنيه يليه شقيقه جمال بـ 180 مليونا ثم والدتهم سوزان ثابت بـ 120 مليونا ثم الرئيس المخلوع وهو الأفقر في العائلة بـ6 ملايين، أما الثروة العقارية فما حصر مبدئيا منها أشار إلى أن قيمتها تزيد على مليار ونصف المليار جنيه هذا داخل مصر وفق تقارير مبدئية، كما أشارت التقارير إلى أن حجم هذه الثروة يبلغ 40 قصرا وفيلا بخلاف الأراضي والأسهم والشركات، وفي 22 أبريل نشرت صحيفة «المصري اليوم» نقلا عن جهاز الكسب غير المشروع أن عائلة مبارك تمتلك داخل مصر 27 حسابا بنكيا تحتوي على مليارات من الجنيهات والعملات الأجنبية، منها ما تم إيقاف تعامل الرئيس المخلوع عليه مثل حساب مكتبة الأسكندرية، والمعروف أن مبارك وعائلته قد تمكنوا من تحويل ثرواتهم الأساسية خارج مصر خلال السنوات الماضية وما تبقى نجح جمال مبارك في تحويله عبر رحلة قام بها إلى لندن خلال أيام الثورة الأولى، كما أن كماً هائلا من الأموال تم تحويلها حينما سافر مبارك قبل تنحيه بعامين إلى ألمانيا لإجراء عملية جراحية وخرجت معه العائلة كلها وبقيت إلى جواره، حيث كانت هناك مخاوف من أن يجري جراحة وهو في هذه السن، لكنه عاد حتى تجري الأقدار بما جرت به وأن يفضحه الله هو وكل الفاسدين من حوله ويطرد من السلطة ليدخل التاريخ ذليلا ويبقى في مزبلته، وبالتالي فإن كل الأموال التي كُشف عنها في مصر أو التي سيكشف عنها النقاب لاحقا لمبارك وعائلته هو ما تم نسيانه أو تأخروا في تحويله، وهذا ما أشار إليه جهاز الكسب غير المشروع، حيث أكد أن حسابات جمال وعلاء كانت تجري عليها تحويلات للخارج، ومع صعوبة تحديد الحجم الحقيقي لثروات مبارك وعائلته خارج مصر التي تم الاستيلاء عليها عبر 30 عاما من الفساد والاستبداد، فقد أكد جهاز الكسب غير المشروع في تحقيقاته المبدئية أن «علاء وجمال يمتلكان حسابات سرية في الخارج، وقصوراً وشققاً استوليا عليها من السفارات المصرية، ومنها الشقة التي كان يقيم فيها أشرف مروان والتي حصل عليها عن طريق السفارة المصرية في لندن، وأفادت التحريات بامتلاك علاء مبارك حسابات تحتوي على ملايين الدولارات في الخارج»، وهذا يعكس حجم التواطؤ الذي قام به موظفون مصريون يعملون بالسفارات المصرية في الخارج لصالح مبارك وعائلته مما يعني المشاركة في جريمة نهب هذا الشعب ومقدراته، وقد ذكر جهاز الكسب غير المشروع بعض النماذج التي قام بها كل من علاء وجمال مبارك تحت نفوذ ورعاية والدهما بالسطو والسرقة والتلاعب بأموال الشعب المصري عبر التربح غير المشروع من عمليات تلاعب بالبورصة منها نموذج واحد تمكن علاء مبارك خلاله من الحصول على مبلغ 30 مليون جنيه أرباحا في أسبوع واحد وفي عملية واحدة فقد سبق لعلاء مبارك ـ حسب تقرير الكسب غير المشروع الذي سرب في 22 أبريل ونشرته عدة صحف في اليوم التالي ـ أنه استولى على أكثر من 50 مليوناً في أسهم شركة صندوق الاستثمار في 1990، عن طريق تلاعب أحمد المغربي، وزير الإسكان السابق، ورئيس هيئة سوق المال، بعقد اكتتاب مغلق على أسهم شركة بالم هيلز، ما جعل السهم يرتفع من 100 إلى 900 جنيه، وأكدت أنهما سهلا لعلاء مبارك شراء السهم بـ 99 جنيهاً وبيعه بعد أسبوع واحد بـ 900 جنيه، ونتج عن هذا التلاعب تحقيق علاء 30 مليوناً من الجنيهات المصرية دون وجه حق، كما أشارت التحقيقات إلى أن علاء تمكن من جني مئات الملايين من الجنيهات من خلال التلاعب في الاكتتابات المغلقة التي كان المسؤولون المصريون يقومون بها مجاملة له ولأبيه لاسيما في صناديق الاستثمار «حورس 1» و«حورس 2» و«حورس 3» وتشير التحقيقات المبدئية إلى أن هذه الأموال قد تم تهريب معظمها إلى الخارج، وتم تحويلها إلى سندات وعقارات وربما أموال سائلة بأسماء أخرى أو مشفرة برموز مما دفع السلطات المصرية إلى تشكيل لجنة خاصة لمحاولة متابعة هذه الأموال ومحاولة استردادها، ورغم ما يؤكده مراقبون من صعوبة وتعقيدات ذلك إلا أن تقارير أشارت إلى أن الحكومة المصرية قد وضعت يدها على أحد قصور مبارك في لندن حيث تبلغ قيمته مائتي مليون جنيه استرليني، بينما يتم تعقب باقي القصور والممتلكات في الخارج، وهناك روايات تترد عن قصور يمتلكها مبارك وعائلته في دول أوروبية منها قصر في سويسرا حصل عليه من الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الإمارات قبل وفاته.
ولاتزال العلاقة بين مبارك وحسين سالم صديقه الحميم غامضة لاسيما بعدما هرب حسين سالم إلى الإمارات في الأيام الأولى للثورة ومعه على متن طائرته الخاصة 500 مليون يورو حسبما أكد لي مسؤول خليجي سألته عن صحة الأمر، وحينما احتجزت السلطات الاماراتية سالم والأموال السائلة التي كانت معه اتصل نائب رئيس الجمهورية آنذاك اللواء عمر سليمان وأخبرهم بأن حسين سالم يتبعه وطلب منهم تسهيل دخوله بالأموال دون عوائق، وهذا يشير إلى ما أكدته بعض المصادر عن شراكة من نوع ما وإن كانت على مستوى أقل بين حسين سالم وعمر سليمان، على عمر سليمان أن يوضحها ويكشف حقيقتها، بعد ذلك غادر حسين سالم الإمارات، كما أشارت مجلة «نيوزويك» الأميركية في عددها الصادر في 14 أبريل الماضي إلى سويسرا، بينما تشير مصادر أخرى إلى أنه يستقر الآن في إسبانيا حيث يحمل جنسيتها إلى جوار جنسيته المصرية والتي جاملها حسين سالم أيضا في أسعار الغاز الذي تصدره مصر إليها مقابل منحه الجنسية الإسبانية، وقد أشارت بعض التقارير إلى أن سالم قام بتسييل معظم عقاراته في مصر خلال العامين الأخيرين وحول معظم الأموال إلى الخارج ولعل الـ 200 طرد التي ضُبطت في مطار القاهرة في الأسبوع الماضي والتي كان يسعى لتهريبها عبر أميرة سعودية تكشف عن أن هذه بقايا ممتلكاته في مصر، وقد أكد لي مصدر مصري مسؤول أن قوات الجيش تمكنت من ضبط حاوية كان من المقرر أن تهرب خارج مصر من أحد الموانئ المصرية بعد بـ 17 مليار دولار ويورو كانت تعود في ملكيتها إلى حسين سالم، ورغم أن الخبر بحاجة إلى تدقيق إلا أنه غير مستبعد، وكانت تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع والرقابة الإدارية والأمن القومي أشارت إلى أن حسين سالم لم يحصل على جنيه واحد من مبارك مقابل القصر الذي منحه له في شرم الشيخ والذي كان يعيش فيه مبارك حتى القبض عليه ونقله إلى مستشفى شرم الشيخ، لكن سالم جنى مليارات الدولارات من وراء صفقة تصدير الغاز لإسرائيل التي منحها له مبارك ونفذت فعليا في عام 2005، علاوة على عشرات المليارات التي حصل عليها من صفقات مشبوهة طوال حكم مبارك، وكان سامح فهمي وزير البترول السابق المحبوس على ذمة التحقيقات في صفقة الغاز وقضايا أخرى مع 5 من كبار موظفي الوزارة قد أكدوا في التحقيقات على أن صفقة الغاز تمت بترتيبات بين حسني مبارك وحسين سالم والإسرائيليين، وأنها تمت في إطار اتفاقيات «كامب ديفيد»، وهذا يؤكد على وجود بنود سرية غير معلنة في تلك الاتفاقية التي يطالب كثيرون بإعادة فتح ملفاتها والتعرف على خطورتها على الأمن القومي المصري ودورها في نهب وارتهان كثير من ثروات مصر وأمنها القومي، وقد علمت من بعض مصادر التحقيق مع سامح فهمي أن حسني مبارك وحسين سالم وآخرين كانوا يحصلون على ما يقرب من نصف قيمة ما تدفعه إسرائيل لسعر الغاز المتدني على هيئة عمولات، وإذا كان مبارك قد حصل على قصر من حسين سالم فقد فتح باب الحصول على هدايا من مرؤوسيه من أول يوم له في السلطة مما يعكس فساد نفسيته ودناءته، فهذا أمر غير معهود أن يحصل الرئيس على هدايا من مرؤوسيه لكن مبارك فتح هذا الباب مبكرا وكان يحصل على الهدايا ممن حوله وممن هم دونه ومن كل المسؤولين وكان رجاله الفاسدون يفعلون مثله وهذه الهدايا كانت من المال العام مال الشعب والدولة، وهنا قصة عايشتها بنفسي في عام 2005، حينما ذهبت لمصلحة الجوازات في القاهرة لتجديد جواز سفري فجلست مع مدير الجوازات في مكتبه نتحدث حتى يتم استخراج جواز السفر وتحدثنا عن استشراء الفساد في مصر فقال لي الرجل: سأروي لك قصة ملخصها أن مدير مكتب رئيس تحرير «الأهرام» اتصل بي وأخبرني بأن رئيس التحرير يود إرسال هدية لي بمناسبة العام الجديد، فلما جاءت الهدية وجدتها كاميرا فيديو تزيد عن 5000 جنيه فقلت: إذا كانت هديتي وأنا مدير قطاع بهذا المبلغ فما هو حجم الهدايا وقيمتها التي ذهبت لمن هم أعلى مني في المناصب حتى الوزير، وما هي قيمة الهدايا التي تذهب إلى باقي الوزراء والمديرين والمسؤولين من مؤسسة مثل «الأهرام»، الناس بحاجة إليها أكثر من حاجتها إليهم؟ خرجت من مكتب مدير الجوازات وذهني مشغول بهذا الأمر فقررت أن أتحقق من الأمر فسألت أحد الأصدقاء القريبين من رئيس تحرير «الأهرام» آنذاك عن هذه الهدايا وحجمها وقيمتها ولما أجابني ذهلت من قيمة المبلغ ونوعية وحجم الهدايا، لكن تبديد ثروة مصر ونهبها لم يتوقف عند مبارك وعائلته لكن هذا الرجل الفاسد أحاط نفسه بعدد كبير من الفاسدين وتركهم ينهبون ويسرقون ببشاعة لا تقل عن بشاعته وبشاعة أولاده في نهب مصر.
«للحديث بقية».

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الرئيــس الــــذي ســــرق بـــــلادي «1»

التالي

الرئيس الذي سرق بلادي «3 »

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share