الرئيــس الــــذي ســــرق بـــــلادي «1»

«حسني مبارك يا طيار… جبت منين 70 مليار» كان هذا هو أحد الهتافات التى كانت تدوي في ميدان التحرير في قلب القاهرة خلال اعتصام المصريين به مطالبين بإقالة الرئيس مبارك التي أجبر عليها وأعلنت في 11 فبراير الماضي، وقد ظهر هذا الهتاف حينما كشفت بعض الصحف الغربية وعلى رأسها صحيفة الجارديان البريطانية وموقع شبكة «ايه بي سي نيوز» الاميركي في الرابع من فبراير الماضي ـ بينما كانت الحشود المطالبة برحيل مبارك تملأ ميدان التحرير والميادين الكبرى في معظم المدن المصرية ـ أن ثروة الرئيس المخلوع حسني مبارك وعائلته تتجاوز سبعين مليار دولار في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، وقالت الصحيفة البريطانية إن معظم تلك الثروة موجودة في بنوك بريطانية وسويسرية أو على شكل عقارات في لندن ونيويورك ولوس أنجلوس، إلى جانب مساحات هائلة من الأراضي والعقارات على امتداد ساحل البحر الأحمر والقاهرة والساحل الشمالي ومعظم أنحاء مصر، ونقلت الجارديان
عن البروفيسور كريستوفر دافيدسون أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة دورهام في بريطانيا إن مبارك وزوجته ونجليه قادرون على حصد ثروة هائلة من خلال الشراكة التي يدخلون فيها مع بعض الشركات والمستثمرين الأجانب، وقد نشرت مجلة نيوزويك الأميركية في عددها الصادر في 14 إبريل 2011 أن مبارك وأولاده كونوا ثروة طائلة خلال ثلاثين عاما من الحكم الاستبدادي المطلق وأن كثيرا من ممتلكاتهم في مصر تقع في مدينة شرم الشيخ التي أقام بها مبارك خلال سنوات حكمه الأخيرة بعيدا عن ضجيج القاهرة حيث كان يقيم هناك في قصر شيده صديقه حسين سالم الذي سبق وتورط في قضية في الولايات المتحدة عام 1983 تتعلق بنقل أسلحة بين الولايات المتحدة ومصر وتدخل مبارك آنذاك لدى الإدارة الأميركية لإطلاق سراحه في تقارير أشارت إلى شركة تدعى «الأجنحة الأربعة» كانت تعمل في مجال سمسرة السلاح إلى مصر وغيرها كان مبارك شريكا لحسين سالم بها علاوة على وزير الدفاع الأسبق عبد الحليم أبو غزالة، وقد حدثني وزير الإسكان المصري الأسبق حسب الله الكفراوي في حوار مطول أجريته معه في بيته عام 2008 عن هذه الشركة التي كان يقع مقرها في إسبانيا وكان السفير المصري في مدريد آنذاك على علم بها وقد دفع منصبه ثمنا لبوحه بأسرار هذه الشركة وطبيعة عملها إلى حسب الله الكفراوي، حيث واجه الكفراوي مبارك بالمعلومات التي حصل عليها أثناء زيارته لأسبانيا منتصف الثمانينيات وكان كشفه عن تلك المعلومات أحد أسباب قلق مبارك منه مما دفع الكفراوي إلى تقديم استقالته بعد ذلك حينما اعترض على منح علاء مبارك وصهره مجدي راسخ ألف فدان في مدينة 6 أكتوبر حصلا عليها بعد استقالة الكفراوي مباشرة، وقد أشار جهاز الكسب غير المشروع في تحقيقاته التى يجريها الآن في القاهرة أن القصر الذي يقيم فيه مبارك في شرم الشيخ والذي تبلغ مساحته ستة عشر ألف متر مربع مع شاطئ خاص والذي أهداه له حسين سالم ـ شريكه والغطاء الرئيسي لأنشطته التجارية غير المشروعة ـ قد دون سعره على الورق بأنه يساوي خمسمائة ألف جنيه فقط في الوقت الذي لا يقل فيه سعره الحقيقي عن ستين مليون جنيه، وكانت نيوزويك أشارت إلى أن عائلة مبارك تملك في شرم الشيخ فنادق ومنتجعات وقصورا وأراضي بخلاف ما تمتلكه العائلة في شتى أنحاء مصر وما تم تهريبه للخارج، ولعل أخطر ما كشفه جهاز الكسب غير المشروع في تحقيقاته المبدئية عن وجود حسابات خاصة بالمنح الغربية ومكتبة الاسكندرية يجري التصرف فيها بأمر الرئيس المخلوع وزوجته سوزان ثابت يكشف حجم الفساد الهائل والفجور في السرقة المباشرة من أموال الدولة التى كان يقوم بها مبارك وزوجته وأولاده، وفي إطار التحريات التي تقوم بها هيئة الفحص والتحقيق عن تلك الأموال المنهوبة من الشعب المصري طلب المستشار خالد سليم، رئيس الهيئة في 22 إبريل الماضي، تحريات إضافية من اللواء محسن راضي، مدير إدارة الكسب غير المشروع بمباحث الأموال العامة، والعقيد حمدي هاشم، الضابط بالأموال العامة، عن الحساب الذي تردد أن زوجة الرئيس السابق تتصرف فيه من المنح الأوروبية، ويضم أكثر من 800 مليون جنيه، وكذلك حساب مكتبة الإسكندرية من المساعدات الخارجية الذي يضم 147 مليون دولار، وكان مجلس أمناء مكتبة الأسكندرية قد أعلن أنه لا يعلم شيئا عن هذا الحساب الخاص بالمساعدات الخارجية التي تأتي للمكتبة والتي تصرف بعلم مبارك وحده مما يعني أن الرجل كان يسطو على تلك المساعدات مثلما كان يسطو على كل مقدرات الدولة وممتلكات الشعب، ولعل هذا يؤكد المعلومات المتواترة التي أشارت إلى أن معظم المساعدات التي كانت تمنح لمصر من الدول الخليجية على وجه الخصوص كانت تحول إلى حسابات خاصة بحسني مبارك شخصيا وأن بعض هذه الدفعات كان يصل إلى ثلاثمائة مليون دولار، هذه الأموال لم تكن تدخل ميزانية الدولة أو يعلم عنها أحد شيئا إلا مبارك وربما ابنه جمال الخبير البنكي الذي لعب من خلال خبرته دورا كبيرا في إخفاء أصول كثــــــير من الأمـــــــوال التي هربت من مصر أو حولت عبر مـــــصارف عالمية يصعب تعقبها كـــــــما أشارت كثير من المصادر ومنها الجـــــارديان في عددها الصادر في 4 فبراير أنه «خلال ثلاثين عاما بوصفه رئيسا للجمهورية ومسؤولا عسكريا رفيعا، استطاع مبارك الحصول على أرباح تقدر بملايين الدولارات من خلال صفقات الاستثمار، معظمها تم اخراجها من البلاد ووضعها في حسابات سرية ببنوك سويسرية وبريطانية، مثل بنك يو بي إس السويسري وبنك أسكتلندا، واستثمر بعضها في منازل وفنادق» … للحديث بقية.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

ما السر وراء سرعة القبض على مبارك ورجاله ؟

التالي

الرئيـــس الـــذي ســــرق بــــــلادي «2»

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share