تأثير البلطجية على مستقبل الثورة المصرية

يبدو المشهد السياسي في مصر ضبابيا ومتشابكا إلى حد بعيد، فالثورة التي قامت من اجل ازالة نظام فاسد ومستبد واقامة نظام يقوم على المساواة والعدل والمواطنة وحقوق الإنسان، نجحت حتى الآن في تحقيق بعض مطالبها واهدافها لكن اعداء الثورة يضعون العوائق والعراقيل امامها يوما بعد يوم حتى يقطعوا الطريق على مسيرة الاصلاح واعادة البناء واستكمال نجاح الثورة، ولعل احداث الفتنة الطائفية التي تعصف بالبلاد والتي اكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في اكثر من بيان صدر عنه في الاسبوع الماضي على ان القائمين بها والذين يقومون بتغذيتها هم فلول النظام الفاسد السابق الذين يستخدمون البلطجية والخارجين عن القانون في تغذيتها واشعال نارها تعتبر خير مثال على سعي اعداء الثورة، ويؤكد هذا الامر على ان كثيرين ممن لا يريدون لمصر استقرارا ولا قرارا يواصلون عرقلة مسيرة الثورة ويستمرون عبر وسائل الاعلام المضللة في تغذية الفتن وبث نار الفرقة وتشجيع طرف على طرف عبر التركيز على بعض الجوانب واغفال اخرى بشكل متعمد، وخير مثال على ذلك هو ان الضحايا الذين وقعوا نتيجة الاحداث الطائفية التي وقعت في حي امبابة في القاهرة في الاسبوع الماضي كانوا مزيجا من المسلمين والمسيحيين وبينما كان عدد المسلمين من القتلى ثمانية مقابل اربعة مسيحيين واكثر من مائة وخمسين جريحا من المسلمين مقابل اقل من مائة من المسيحيين فان تركيز البعض على الضحايا من المسيحيين فقط دون المسلمين يدخل في اطار التدليس وبث الفرقة وزيادة نار الفتنة فالنتائج شبه النهائية للحادث تكشف ان المسلمين والمسيحيين كلاهما كانوا ضحايا لبث الفتنة وان عدد المسلمين من الضحايا كان اكثر من المسيحيين ومع ذلك فان عمليات التضليل الاعلامي وما يقوم به رجال النظام الفاسد السابق سواء الموجودون منهم في السلطة او وسائل الاعلام حتى الآن غيبوا الضحايا من المسلمين عن المشهد وركزوا على المسيحيين فقط.
هؤلاء من فلول النظام السابق او رجال امن الدولة والامن الذين اضيروا من الثورة ويريدون ان تبقى مصر على فوهة بركان لا تشهد استقرارا ولا عمارا يسعون بشتى السبل وبكل الوسائل لتأجيج نار الفرقة والخلاف، ولعل بيانات القوات المسلحة الاخيرة التي صدرت في اعقاب الكشف عن بعض جوانب هذه الفتنة تؤكد على ان من يحكمون البلاد الآن يعرفون أين موطن الخلل ومن الذي يقف وراء هذه الفتن والسؤال هنا، لماذا لا يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة ـ في ظل قانون الطوارئ الذي لم يستخدم طوال العقود الماضية الا ضد الاسلاميين ـ لماذا لا يقومون بإلقاء القبض على الآلاف من البلطجية مطلقي السراح والذين توجد قوائم كاملة بأسمائهم واماكن اقامتهم في كل انحاء مصر لدى الأمن العام التابع لوزارة الداخلية، ويضعونهم في السجون حتى تنتهي الانتخابات البرلمانية القادمة ويسلم الجيش امانة البلاد التي ائتمنه عليها الثوار إلى حكومة منتخبة من الشعب؟ ولماذا يكتفي المجلس الأعلى للقوات المسلحة ببيان يعلن فيه انه قد نفد صبره من البلطجية وسلوكياتهم التي لم تتوقف لاسيما المشاركة الفاعلة في كل فعاليات الفتنة الطائفية بدءا من التحريض وحتى القتل واظهار المجتمع المصري على انه مجتمع محتقن طائفيا في وقت سالت فيه دماء المسلم والمسيحي خلال ايام الثورة وذابت فيه كل الفوارق بين الناس، ان اغلاق الطريق على اعداء الثورة سهل ومتاح لكنه بحاجة إلى قرار حاسم من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الوحيد الذي يملك السلطة والقرار في هذا الامر الآن والا فان مسيرة الفتن والقلاقل في مصر لن تتوقف في ظل ان ذيول النظام السابق وازلامه يملكون المليارات التي نهبوها من دماء هذا الشعب فان استخدموا بعضها في التخريب والتدمير وبث الفتن والقلاقل وزعزعة الامن فلن يضاروا شيئا، بينما تضار مصر وشعبها واستقرارها وثورتها، كما ان جيش البلطجية الذي صنعه النظام الفاسد السابق سيبقى الاداة الفاعلة في زعزعة الامن والاستقرار حتى يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة باتخاذ القرار الصائب حتى يجنب مصر وثورتها وشعبها ماهو اسوأ.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الرئيس الذي سرق بلادي «3 »

التالي

حقيقة الأزمة الاقتصادية في مصر

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share