حقيقة المعركة في سوريا

تدخل الثورة السورية عامها الثاني بعد ايام حيث يقدم الشعب السوري المزيد من الدماء من اجل الحرية التي فقدها مع بداية سيطرة العسكر على السلطة منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ثم توجت بسيطرة العلويين ممثلين في حافظ الاسد بعد الانقلاب الذي قام به عام 1969 ثم احكام السيطرة على سوريا بانقلاب آخر عام 1971، حيث بدأ في منح العلويين المنح الدراسية و الوظائف الرئيسية في الدولة لاسيما في الامن والجيش وأبقى السنة كديكور للمشهد السياسي في الدولة ما ادى الى صدامات ومحاولات اغتيال كثيرة تعرض لها ، وقد كان لاحداث حماة عام 1982 اثرها البالغ في بيان دموية النظام الذي استخدم الدبابات والطائرات لمواجهة الانتفاضة التي وقعت هناك، لكن الشعب الذي سلبت منه حريته وسرقت مقدراته قرر ان ينتفض مع ثورات الربيع العربي التي بدات بتونس ثم مصر وليبيا وقرر السوريون في منتصف مارس من العام الماضي ان ينتفضوا ضد الظلم والطغيان.
التقارير الواردة عبر المراسلين الصحفيين الذين يخاطرون بأنفسهم ويدخلون الى سوريا وكذلك تقارير المراسلين السوريين الذين استطاعوا عبر التكولوجيا الحديثة ان يبثوا للعالم ما يحدث في بلادهم الى الفضائيات تشير الى ان النظام الذي يمارس القتل بعشوائية وهمجية قد السيطرة على كثير من المدن و القري، وكتب مراسل بي بي سي من الزبداني المحررة التي لاتبعد عن القصر الرئاسي في دمشق سوى مسافة قليلة اما الغوطة كلها فمحررة والجيش يدخل اليها وينسحب منها تحت ضغط المقاومة، فالثورة التي بدأت بالحناجر والهتافات تطورت لتشمل عناصر المنشقين من الجيش وهم قليل مقارنة بقوة الجيش لكن اعدادهم تزداد يوما بعد يوم.
سعيت لفهم المشهد الداخلي في سوريا من خلال بعض المطلعين عليه فكان خلاصة ما وثقته من معلومات هو ان المعركة في سوريا ليست معركة النظام مع الشعب فالنظام بالنسبة لكثيرين قد انتهي لكن المعركة لها شقين عسكري على الارض وسياسي في المحافل الدولية اما العسكري فان اطرافا اقليمية تدعم النظام السوري تقوم به بشكل مباشر هي ايران وحزب الله حسب التصريحات التي ادلي بها العميد حسام عواك قائد عمليات الجيش السوري الحر لصحيفة الشرق الاوسط يوم الخميس الماضي الاول من مارس حيث اكد على وجود لواء مدرعات ايراني على الاراضي السورية وان حزب الله موجود من خلال كتائب 101 و102 و103 وهي كتائب مدربة على حرب الشوارع والاغتيالات وقالت مصادر اخري ان هناك ما يزيد على ثلاثين الفا من الحرس الثوري الايراني في سوريا هم الذين يحمون النظام لان سقوط النظام بالنسبة لهؤلاء يعني انتهاء نفوذهم في العراق وكذلك اضعاف وجودهم في لبنان، وقد اكد عواك في حواره على القاء القبض على ضباط من الحرس الثوري وخبراء ايرانيين اكثر من مرة خلال معاركهم مع الجيش السوري الحر.
وخوفا من اغتيال الرئيس السوري حتى من العلويين الذين يحرسونه وكذلك شقيقه ماهر فان قوات الحرس الثوري حسب هذه المصادر هي التي تقوم بحماية الاخوين الاسد لان اغتيال اي منهما يمكن ان يؤدي الى انهيار النظام، من ثم فان هذه المعركة ليست معركة النظام بقدر ماهي معركة هذه القوى الاقليمية التي تعتبر النظام في سوريا هو عمقها الاستراتيجي للحفاظ على مشروعها الكبير في المنطقة، اما بالنسبة للمعركة الديبلوماسية التي تقودها روسيا في المحافل الدولية فان سوريا هي آخر معقل لروسيا في المنطقة بعدما تحولت كلها الى النفوذ الامريكي وهناك رادار روسي كبير يغطي المنطقة كلها موجود بالقرب من دمشق علاوة على النفوذ في المتوسط عبر ميناء طرطوس وهي الوجود الروسي الوحيد في المتوسط، ونهاية النظام تعني انتهاء الوجود الروسي العسكري في سوريا من هنا فان روسيا تقف ضد اي قرار يمكن ان يؤدي الى نهاية النظام او زواله.
لكن هذه الحماية العسكرية والسياسية للنظام السوري لا تعني ان النظام لن يزول وانما يعني ان المعركة سوف تطول لانها ليست ضد النظام السوري وحده وانما بالدرجة الاولي ضد الانظمة التي تحميه والمستفيدة من بقائه، لقد تحولت دمشق ومعظم المدن السورية الى مدن اشباح، والنظام يعتبر المعركة بالنسبة اليه معركة حياة او موت والمراقبون يقولون بان اغتيال اي من الاخوين الاسد بشار او ماهر يمكن ان يغير كافة المعادلات على الارض، وسوريا في راي البعض اصبحت محتلة باكثر من ثلاثين الفا من القوات التي تدعم النظام من الخارج، ستطول معركة سوريا لكنها لا تعني ان النظام سوف يبقي لانه على مدار التاريخ لم يستطع نظام ثار عليه شعبه ان يبقى، لكن سيكون هناك المزيد من الدماء والأشلاء و الآلام، سيكون ثمن الحرية في سوريا باهظا دون شك لكن الحرية قادمة لا محالة رغم أن المعركة سوف تطول.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

فوضوية المشهد الإعلامي في مصر

التالي

أبعاد التدخل الروسي فى سوريا

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share