أبعاد التدخل الروسي فى سوريا

لم يكن حضور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لاجتماع وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الذي عقد في القاهرة يوم السبت الماضي وكانت سوريا على رأس جدول أعماله إلا حلقة من حلقات المحاولات الروسية للحفاظ على النظام ، ورغم نفي لافروف بعد لقائه مع كوفي عنان المبعوث الأممي العربي الى سوريا أن «بلاده لا تحمي أي نظام» الا أن مساواته بين الجاني والضحية بعد ذلك حينما قال ان بلاده تعتقد أن اللائمة في الأزمة السورية لايمكن أن يتحملها طرف دون الآخر، تؤكد على أن روسيا تقف الى جوار النظام ضد المدنيين العزل، وهنا تنهج روسيا نفس المنهج الذي اتبع في دول كثيرة حينما تتم مساواة الجاني بالضحية من أجل الحصول على مزيد من الوقت والمكاسب.
كما أن اجهاض روسيا من قبل لأي محاولات لإدانة سوريا أو اتخاذ خطوات عملية ضدها عبر مجلس الأمن صعب الدور الذي تقوم به بعض الدول العربية وغيرها لتخفيف الممارسات الهمجية التي يقوم بها النظام السوري ضد الشعب الأعزل، وتشير بعض الأوساط الدبلوماسية الى أن ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار وقائد الحرس الجمهوري قد منع عائلة شقيقه بشار من مغادرة سوريا وسط عملية انهيار كبيرة للثقة بين الحلقة الضيقة القريبة من الاسد خوفا من حدوث انقلاب عسكري أو عمليات اغتيال، وأن الحرس الثوري الايراني هو الذي يحمي الرئيس وشقيقه ويدير الجانب الأكبر من المعركة، هنا يبرز التشابك الروسي الايراني السوري، فروسيا حرصت طوال العقود الماضية ألا تخسر موطئ قدمها في المياه الدافئة بعد انهيار كل تحالفاتها في أعقاب انتهاء الحرب الباردة وبقيت سوريا هي الموطئ الرئيسي وربما الوحيد لها في المتوسط، فعبر الرادار الكبير الذي يديره الروس في ريف دمشق والذي يكشف لهم المنطقة وكذلك التواجد العسكري الروسي في ميناء طرطوس السوري على البحر المتوسط لا يوجد للروس وجود الا ربما في الجزائر بعد صفقة الأسلحة الروسية التي أبرمها الرئيس بوتفليقة بشكل مثير لعلامات الأستفهام قبل عدة سنوات، ومن ثم فان ما قاله لافروف عن أن روسيا «لا تحمي النظام» ربما يكون صحيحا من حيث الشكل لأن روسيا في الحقيقة تحمي مصالحها ووجودها الوحيد في المياه الدافئة، وهي لا تضمن على الاطلاق أن يأتي نظام بديل يحفظ لها وجودها في ظل أن الغرب يمد نفوذه في كل مكان كان لروسيا موطئ قدم فيه من قبل، ولأن ايران تعتبر سوريا عمقها الاستراتيجي فان التعاون الروسي مع ايران يجعل المصالح المشتركة لهما في سوريا تستدعي موقفا روسيا حاميا للنظام السوري والوجود الايراني، من هنا يأتي الموقف الأميركي والغربي من سوريا مشوشا ومتضاربا الى حد بعيد مع مخاوف كبيرة لدى تركيا من الدخول بشكل مباشر في المعركة والاكتفاء حتى الآن بالتصعيد الكلامي واحتواء بعض قيادات الجيش الحر مع فتح الباب للاجئين، فهناك ورقتان يمكن أن تحرقا تركيا سبق وأن هددت سوريا باستخدامهما الأولى هي تحريك الأكراد أو تسليحهم لشن مزيد من الهجمات على الجيش التركي والأخرى هي وجود ملايين العلويين الأتراك في جنوب تركيا وامكانية استخدام النعرات الطائفية لتحريكهم اذا دخلت تركيا المعركة بشكل مكشوف.
من هنا فان النقاط الخمس التي أبرمتها الجامعة العربية مع روسيا تعطي مزيدا من الأمل للنظام وتجعل روسيا طرفا فاعلا في الأزمة السورية بشكل مباشر لايمكن تجاوزه لأنها تحمي مصالحها في سوريا أولا وايران ثانيا، وتعرقل الغرب المضطرب بفعل الأزمة الاقتصادية والتركيبة المعقدة للأزمة من أن يخطو خطوات أكبر تجاه النظام، لكن المشكلة الأكبر من كل هذا هي في المعارضة السورية التي تظهر كل يوم أنها أكثر تشرذما حتى من النظام الذي من المفترض أنه يتهاوى تحت صبر المدنيين العزل في حمص وادلب وكل مدن سوريا وقراها، ان المسؤولية التاريخة الأكبر في هذه المرحلة هي على المعارضة السورية التي ان أظهرت تفاهما واحتراما ووحدة بين أطرافها أجبرت الجميع على أن تكون له مواقف أكثر حزما ونصرة للشعب السوري.. فهل تعي المعارضة السورية خطورة المرحلة؟

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

حقيقة المعركة في سوريا

التالي

مشاهد خلع الطغاة فى الربيع العربي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share